الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حجّ المسؤول

حسين رشيد

2014 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


حجّ المسؤول
حسين رشيد
في العام الماضي أصدرت الحكومة السابقة أمراً بعدم سفر النواب والوزراء للحج، لكنهم خالفوا ذلك وذهبوا حجوا وعادوا مارسوا ما كانوا يمارسونه قبل الحج. المفارقة ان العراق ضمن الدول المتقدمة او الأولى بالفساد الاداري والمالي، وان اغلب قادته ووزرائه ونوابه ومسؤولي الدرجات الخاصة والمدراء قد ذهبوا إلى الحج مرة او اكثر، لكن العراق ظل ضمن المراتب المتقدمة بالفساد بأنواعه طبعا. وسط كل هذا الذي نعيشه من خراب ودمار وظلم وقتل يومي، ما فائدة ذهاب المسؤول للحج، وهو الذي عاد قبل فترة من اجازة صيفية في منتجعات اوربا السياحية؟
الحج ياسيادة المسؤول هو اتمام العمل الموكل اليك، وخدمة البلد وتقديم الأفضل له. الحج هو انصاف المواطن الذي يتعامل مع دائرتك وحث موظفيك على التعامل الحسن معه وإتمام ما جاء من اجله باسرع وقت واقل جهد. الحج هو تعاملك الحسن واللائق مع موظفي دائرتك، وفق الاستحقاق القانوني والاخلاقي والانساني. الحج ياسيادة المسؤول هو حفظ اموال الدولة التي هي بالتالي اموال الشعب لا هدرها او سرقتها او التستر على من سرقها. الحج ياسيادة المسؤول هو ان تكون نظيف اليد والقلب واللسان.
ما ان تخلصنا من مصطلحات رفيق واستاذ حتى ظهرت لنا مصطلحات شيخنا وسيدنا، وأخذت تعزو كل مفاصل الدولة العراقية، ولأنهما اي الشيخ والسيد لا يكتملان إلا بالحجي لذا حج معظمهم لا من اجل اتمام فريضة او عمل بمعروف بل دخل الحج ضمن مستلزمات العمل وكيفية الحصول على منصب مهم في وزارة او دائرة او هيئة. ولأنهم حجاج الدولة العراقية الجديدة، يطمعون بكل شيء، ارادوا الحصول على الالقاب الأخرى ومنها العلمية، وخاصة لقب "د". احدهم قال اسمي جميل جدا فلان الفلان الفلاني لكن سيكون اجمل لو سبقه "د" وفي ظرف اعوام حصل على "الدال" وهو لم يكمل الاعدادية. ومثل هذا المسؤول كثر في الدولة العراقية الجديدة، منهم من جاء بدال خارجي من دول اوربية وهو الذي خرج ولم يكمل الكلية؟! لكنه عاد بزهو الدال، واكمل الالقاب الاخرى وخاصة الحجي. ومنهم يرغب بمناداته شيخنا اذ كان شيخ عشيرة، وسيدنا اذ كانت سيد ومن نسب الرسول، وبالمناسبة بعد عام او اكثر ربما يصل عدد السادة في العراق الى نصف السكان. ومنهم من يود مناداته حجينا.
ربما يتبادر الى ذهن البعض رفض فكرة الحج باعتبارها طقسا دينيا، او أشياء أخرى. الأمر ليس كذلك من حق اي إنسان تأدية الطقوس التي يؤمن بها، وهذا ما كفله الدستور رغم ان البعض الذي يؤدي طقوسه بحرية يضيق على الآخر لكن هذا ليس موضوعنا الآن. ما اقصد هنا ان الذهاب الى الحج يتطلب عدة أشياء واهمها نظافة اليد والقلب واللسان، وبراءة الذمة من كل المتعلقات الإدارية والاجتماعية والعائلية. واعتقد أن اغلب مسؤولي الدولة ممن ذهب الى الحج ونال لقب الحاج، ومن ذهب هذا العام لينال لقب الحاج عليهم إشكالات إدارية وحتى شرعية كثيرة.
وهكذا تستمر مهزلة المناصب والاستحقاقات الوظيفية والألقاب في العراق من رفيق واستاذ الى شيخ وسيد وحجي، بانتظار ما ستؤول اليه المرحلة المقبلة من مصطلحات جديدة ربما تعيدنا الى زمن الباشا والاغا والأفندي والبيك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا