الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«زمن حاتم زهران» و «فضة المعداوي»

مازن العاني

2014 / 9 / 28
كتابات ساخرة


نتابك الذهول ممزوجا بالحزن و الاسى وانت تسير في شوارع و أحياء بغداد أو اي من المدن العراقية الكبرى الاخرى، و تتطلع الى تلك الشوارع و معالمها المهملة ،
والاحياء الشائخة المشوهة، و تراقب الزحف غير المقدس للمحال التجارية و المخازن و الورش بين بيوتها و شققها السكنية. و تشعر بغصة عميقة و انت تجهد نفسك لاستعادة وجه المدينة و ناسها ايام زهوها و عنفوانها، تلك الايام التي باتت ذكرى مهشمة من بقايا ماضىٍ ولى و انقضى.
العشوائية و الرثاثة و التشويه سمات تواصل الزحف على مساحات جديدة في مدننا و حياتنا، سلوك الناس و تعاملاتهم وعلاقاتهم، الاحياء و البيوت والحدائق و الشوارع. ازياء الناس و لهجاتهم و لكناتهم و طرق التخاطب فيما بينهم. كل شيء تغير و تراجع.
و يقترن هذا كله بتواصل نمو فئات و شرائح اجتماعية طفيلية و بيروقراطية مقطوعة الجذور، وحديثة العهد بالتملُّك والاستثمار و الاستحواذ. فئات نشأت في بيئة داخلية متعفنة، و كونت ثرواتها بطرق مشبوهة من خلال النهب والصفقات والعمولات و»الحوسمة» ،داخل اجواء الفساد السياسي والإداري والمالي، مستفيدة من تداعيات الحروب السابقة، و غياب الدولة و سلطة القانون و مؤسّسات الرقابة النيابية والإعلامية والشعبية في الوقت الحاضر.
كل ما تصادفه و تسمعه و تشاهده في مدننا اليوم يشكل امامك رموزا و اسقاطاتٍ من «زمن حاتم زهران» و «الراية البيضاء»؛ الفلم والمسلسل المصريان اللذان تناولا مظاهر اقتصادية و اجتماعية و ثقافية من زمن «الانفتاح» الذي اقترن بالسياسات التي دشنها الرئيس المصري الاسبق انور السادات.
حاتم زهران المهندس القادم تواً من امريكا إنفتاحي واع تماماً لاصول اللعبة والكسب المادي السريع، و مستعد لمواجهة كل ما يعترض طريقه باعصاب باردة و لا ابالية غريبة. استهلاكي يضع في اعتباره الربح والمكسب المادي السريع فوق اي اعتبار، حتى ولو أدى ذلك الى نهب خيرات الوطن والمساهمة في تخريب القيم .
أما «مسز دولار» «فضة المعداوي» بطلة « الراية البيضا» لكاتبها المبدع اسامة انور عكاشة، فهي سيدة جاهلة، تشكل نموذجا لسلوك و ثقافة محدثي النعمة، الذين يسكنهم طموح ان يُحسبوا على طبقة لا ينتمون إليها، سيدة يستطيع المرء بسهولة اكتشاف سوقيتها وهوسها بالسيطرة على كل شيء. تهمها اسعار الاشياء و ليس قيمتها. سيدة مستعدة لتهديم اهرام الجيزة و آثار أسوان، أو اي كنز تاريخي نفيس من اجل تشييد مول تجاري او عمارة مزججة على أنقاضه.
هكذا يتم اختطاف مدننا من قبل فئات و شرائح شرهة نهمة في وضح النهار وأمام مرآى و مسمع الجميع.
و ما احوجنا للصراخ بوجه الجراد الاصفر الزاحف على مدننا و قيمنا و ثرواتنا من البقع المعتمة الرثة في حاضرنا.ما احوجنا ان نذكي على الدوام جذوة الصراع الازلي بين الجهالة والضحالة المقتدرة بالشراسة والمال، في مواجهة الأصالة والحضارة التي لا تقدر بمال قارون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي