الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاره السمراء وتكالب القوى العظمى عليها

مصطفى القريشي

2014 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


على الرغم من التغير الذي طرأ على التوجهات الأميركية بخصوص أفريقيا منذ العام 1989، إلا أن الأهداف الإستراتيجية لواشنطن في القارة السمراء ظلت ثابتة ولم تتغير، حيث أنها ترتكز على السعي لحماية خطوط التجارة البحرية، والوصول إلى مناطق التعدين والمواد الخام وفتح الأسواق أمام حركة التجارة والاستثمارات الأميركية.
ومع ذلك، فإن المتغيرات الدولية التي سارت باتجاه العولمة الأميركية أدت إلى إعادة توجيه السياسة الأميركية نحو أفريقيا عبر التركيز على دبلوماسية التجارة كأداة للاختراق بالإضافة إلى دعم قادة أفارقة جدد.
ومنذ العام 1998 اتضحت ملامح هذه السياسة، حيث سعت إدارة كلينتون آنذاك إلى تأسيس شراكة أميركية أفريقية جديدة ، على أن رفع شعار اندماج أفريقيا في الاقتصاد العالمي لن يكفي وحده لإنهاء عمليات تهميش القارة الأفريقية، ولذلك فإن السياسة الأفريقية للولايات المتحدة تعتمد على المرتكزات الأساسية التالية:
أولا: التركيز على مناطق إقليمية معينة واختيار دولة أو أكثر تمارس دور القيادة مثل جنوب أفريقيا في الجنوب ونيجيريا والسنغال في الغرب وإثيوبيا في الشرق.
ثانيا: طرح قضايا معينة ووضعها على قائمة السياسة الأفريقية للولايات المتحدة مثل الإرهاب والتطرف وتدفق المخدرات والجريمة الدولية وحماية البيئة وحقوق المرأة الأفريقية وهلم جرا.
ثالثا: المحافظة على الأمن والاستقرار عن طريق إنشاء قوة أفريقية لمواجهة الأزمات, وهنا يقتصر الدور الأميركي على التمويل والتدريب.
رابعا: العمل على محاصرة النظم غير الموالية والتي تدعم التطرف والإرهاب من وجهة النظر الأميركية مثلما هو الحال مع السودان .
خامسا: تأمين وتعزيز فرص الاستثمار والتجارة في المنطقة وهو ما يؤكد عليه مبدأ التجارة بدلا من المساعدات.
ومن الملاحظ أن الولايات المتحدة قد تركت لفرنسا ولعقود طويلة إبان الحرب الباردة المجال في أفريقيا للقيام بمهمة الشرطي. وتحاول فرنسا اليوم إيجاد صيغة جديدة للشراكة مع أفريقيا لكي تخرج من الموقف المعقد الذي وصفه وزير التعاون الدولي الفرنسي شارل جوسلين بأن "فرنسا توفر معظم المساعدات وتحصل أميركا على معظم الفوائد الاقتصادية".
في المقابل تظهر فرنسا كمنافس قوي للولايات المتحدة في أفريقيا، وأيا كان الأمر فإن السياسة الأفريقية لفرنسا شأنها شأن السياسة الأفريقية للولايات المتحدة قد شهدت تغيرات وتحولات راديكالية، وهو ما أكده الرئيس جاك شيراك عام1997 حينما أشار إلى عزم بلاده على عدم التدخل عسكريا أو سياسيا في الدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية.
واشتمل التغير في توجهات السياسة الفرنسية تجاه أفريقيا على سعى فرنسا إلى توسيع دائرة علاقاتها السياسية والتجارية لتشمل باقي دول القارة، أي أن حل مساعداتها المالية لن يقتصر على مستعمراتها السابقة إنما تستهدف باقي دول القارة.
وتعتزم فرنسا التخلي عن دورها العسكري من منطقة الفرنك وهو ما أكدته عملية إغلاق قاعدتين عسكريتين في جمهورية أفريقيا الوسطى والتي انطلقت فرنسا عن طريقهما للتدخل في العديد من المواقف والأزمات التي شهدتها مستعمراتها السابقة كما أن حوالي 1800 جندي فرنسي تقررت عودتهم من قواعدهم الأفريقية.
ويبدو أن السياسة الفرنسية بتركيزها على المحور الأوروبي ولاسيما قضية الانضمام للاتحاد المالي والاقتصادي الأوروبي لا تغفل في الوقت نفسه مصالحها التجارية مع أفريقيا ولاسيما مع دول معينة مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا.
ويبدو أن التوجهات الجديدة لكل من الولايات المتحدة وفرنسا إزاء أفريقيا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة قد أبرزت ولو من طرف خفي تنافسا حقيقيا بين البلدين. ويمكن للمرء أن يدرك ذلك في الحرب الأهلية الرواندية حيث كانت القوات الفرنسية هي الأسبق والأكثر عددا, وهو الأمر الذي دفع بالإعلام الأميركي إلى التركيز على المشكلة وعلى الدور الفرنسي في تزويد نظام هابياريمانا السابق بالأسلحة والمعدات.
كما أن الدور الأميركي في إعادة رسم خريطة التوازن الإقليمي بمنطقة البحيرات العظمى لا يتفق مع المصالح الفرنسية، ومع ذلك فإن ثمة قدرا من التعاون والتنسيق بين الأطراف الأوروبية والأميركية في مواقفها تجاه قضايا أفريقيا.
ففي أعقاب التورط الأميركي في الصومال والتورط الفرنسي في الأزمة الرواندية اقتنع الطرفان بضرورة ترك مهام حفظ السلام للأفارقة أنفسهم. وبناء على ذلك تم الاتفاق في مايو 1997 بين كل من فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة على تقديم مشروع إلى الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية بشأن تنسيق الجهود الدولية المتعلقة بحفظ السلام في أفريقيا.
أيا كانت الأهداف والمصالح وراء التنافس الأوروبي الأميركي في القارة الأفريقية فإنه يقف حجر عثرة أمام تطوير العلاقات العربية الأفريقية وذلك لأكثر من متغير واحد. فأولا: تركز هذه الدول على مناطق إقليمية معينة وتدعم قادة موالين لها, فالسلوك الأنغلو أميركي يدعم الأقليات الحاكمة في كل من رواندا وبوروندي وأوغندا, والحرص على خلق مناطق نفوذ في منطقة القرن الأفريقي الكبير يعرض المصالح العربية للخطر. وينبغي أن نشير في هذا السياق إلى قضية المياه واستخدامها كورقة ضغط في مواجهة كل من مصر والسودان.
وثانيا: أن الوجود الأميركي يرتبط دوما بالوجود الإسرائيلي حيث تسعى الدولة العبرية من جراء خططها المتعلقة بالبحيرات العظمى ومنابع النيل عموما إلى فتح ثغرة في خطوط الأمن القومي والمائي العربيين وكذلك جعل أبواب المنطقة مشرعة أمام المصالح الأميركية.
وثالثا: أن هذه القوة الأجنبية تثير قضايا الفرقة والنزاع بين العرب والأفارقة, ويتضح ذلك جليا في الموقف الأميركي والأوروبي من قضية الإسلام السياسي التي يتم وصفها بالإرهاب، ومن هنا كان التبرير الأميركي لقصف مصنع الشفاء للأدوية بالخرطوم بأنه عمل مشروع لمكافحة الإرهاب وعزل الدولة الراعية له.
ونظرا لأن هذه الحركات الإسلامية تنتشر في العديد من الدول الأفريقية غير العربية مثل كينيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا فإن ثمة محاولات حثيثة لترويع هذه الدول من محاولات الاختراق وزعزعة أمنها من جانب بعض الحكومات والجماعات الأصولية في العالم العربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية