الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفردوس على الناصية الأخرى.. فتنة يوسا

حنان فاروق

2014 / 9 / 28
الادب والفن


يوسا يبهرني للمرة الثانية... لكن أكثر بكثير... في المرة الأولى قرأت (امتداح الخالة ) وأخذت بها ... لكن هذه المرة عنف الانفعال بالتجربة الإبداعية يكاد يطيح بي.. كيف استطاع يوسا بكل كا أوتي من قوة أن ينتزع وجداني وعقلي وتركيزي وولعي بالحوار وجنوني بالألوان وواقعيتي وحكمتي وجنوني ويعجنهم معًا ويسخرهم فقط لقراءة هذا العمل؟؟؟؟ تزدحم في داخلي الكلمات ... الانفعال... غير أنني حين أحاول صياغتها لا أجدها أو ربما هي مكثفة بالشكل الذي يجعلها تستعصي على التشكل في حروف متشابكة لها معنى... هو يأخذك إلى عالمين يبدوان متضادين تمامًا ... عالم فلورا بريستان ... وعالم جوجان.. عالم فلورا عقلاني فكري تكاد فلورا تترهبن فيه للفكرة... لا لا... لا تكاد... هي بالفعل قامت بذلك... لقد صنعت من نفسها طيلة الوقت مراقبًا... حارسًا... كلما التفتت عن الطريق جلدهاليعيدها إليه...لقد تخلت لورا عن كل شيء إلا الفكرة... حتى ابنتها بالدم لم تعد الأقرب بل احتلت ابنتها بالفكرة اللمكانة العليا في قلبها وروحها.... لكن مهلًا... ألم تكن تلك الفكرة نتاج حياتها هي الشخصية؟... تجربتها البائسة بكل مافيها من صدمات ومآسي ومذلة وتيه؟... أيحاول يوسا أن يضع أمامنا الحالة التي تبنى فيها الفلسفات وتنشأ وتنمو فيها مدارس الإصلاحيين إن شئنا أن نعتبر تجربة فلورا تريستان كذلك وكيف هو الإخلاص للفكرة حد نبذ ماسواها ... حد أن تصبح هي الهواء الذي يتنفسه صاحبها والذي يعتبر كل ماسواها غازًا سامًا يمكن أن يقتله ويقتلها؟؟؟؟... ماكل هذه الحروب والجهاد الذي جاهدته فلورا لنفسها والذي تتضاءل أمامه حروبها مع كل من وقفوا أمامها على المستوى الشخصي أو المجتمعي أو حتى في معاركها لنصر فكرتها... ثم ما كل هذه التناقضات التي تحملها داخلها والمترع بها طريقها للوصول لما تريد... وهل بالفعل هي لم تكن تريد مجدًا شخصيًا لها؟ بالتأكيد لا... صاحب الفكرة مغرور... وهو لا يفصل نفسه عن فكرته بل يعتبر نفسه هو الفكرة بعينها.... ما يبهرني هو طريقة الحكي... فالراوي العليم الذي يحكي الحكاية ربما يكون هو الضمير... وربما يكون صوتها الداخلي لأنه معظم الوقت يوجه الكلام لها... ينشيء معها حوارًا لاينتهي ... يبرر لها... يتهمها... يربت على كتفها ورأسها... ويصدمها بالحقيقة أيضًا... إنه يجعلك أنت أيها القاريء من يكلمها... إنك تشعر أنك أنت العراف الذي يستخرج كل مكنوناتها وينبئها بماكان ومايكون وسيكون... وتظل هي طيلة الوقت خاصة وهي تنبه نفسها وتوقظها حين تفكر في الانزلاق تنادي نفسها بـ ( يا أندلسية) تعبيرا عن منبتها وجذورها الآتية من جنوب إسبانيا ... والذي تمتزج فيه الحضارات واللغات والعادات أيضًا... ربما لتذكر نفسها بحلمها في أن يقود فكرها العالم... في أن يغزوه... ويمزج بين حضاراته.. بين عوالمه... ويتغلب على كل شيء حتى فكرة الوطن بحيث يصبح وطنها ووطن التعسين والمحبطين والمتعبين في هذا العام هو الفكرة... فكرتها هي...

على الصعيد الآخر وبشكل موازي ... يأتي حفيدها جوجان.. الرجل الذي اكتشف نفسه فجأة وهو في الثلاثين أو أكثر... اكتشف أنه فنان... تلبسه الجنون ولم يخرج منه... هو مثال للمبدع الذي يقوده فاوست الإبداع؟؟؟؟ لماذا قلت فاوست؟؟؟ ... لا أدري... هذه اللا أدرية هي بعينها ماكان يقود جوجان فهو فجأة ينطق بجملة مع كائن من كان ... وفجأة يكتشف أن الجملة تلك بالتحديد هي التي يجب أن يتبعها فيفعل... هو يرى طهارة الفن في التوحش ... في الجنون... في الاستسلام للبدائية... يرى كل مظاهر الحياة التحضرية زيفًا قتل الفن بالفعل ولم يبق منه إلا الظلال... كان كمن يطارد الجنون وهو داخله... نعم كان داخله هو.. وليس بأي مكان آخر... يوسا أيضا تلبسه جوجان... لقد كان يصف اللوحة فأراها بحروفه قبل أن تبصرها روحي وحين أبحث عنها وأجدها أعرفها قبل أن أقرأ اسمها الذي أخبرني به جوجان/يوسا... جوجان كان يرى عمره المسروق وزواجه من مت غاد زوجته الأولى عمرًا مسروقًا وربما لهذا السبب تحديدا كان طيلة الوقت يلقب مت جاد زوجته بالـ ( فايكنغة) ... في البداية قلت لنفسي ربما لأنها من الدانمارك وأسلافها من وجهة نظره هم الفايكنج ... لكن معنى كلمة الفايكنج نفسه هو الذي فتح عيني على الحقيقة ... فكلمة الفايكنج تعني القراصنة الذين يسرقون السفن وينهبونها... وأظنه كان يرى زوجته التي ربما اعتبرها رمزًا لكل مانهب عمره من عمل وأسرة وظروف وأطفال كذلك .....الحالتان أو القصتان ربما تبدوان متضادتين تمامًا... لكن لا شيء مطلق... نعم صاحب الفكر ليس كصاحب الإبداع.. الفيلسوف يختلف عن الفنان.. لكن الذي يتفقان فيه أن الاثنين إن أخلصا لما يؤمنان به ترهبنا له كل بطريقته... ورغم أن جوجان رمى نفسه في أحضان التوحش والبدائية والمتع الحسية اللا نهائية التي لم يترك فيها بابا إلا وكسره ونهل منه ورغم أن جدته فلورا تريستان كانت على النقيض ولم تكن لتسمح لنفسها بالاسترسال في علاقة تبتلع طاقتها في الإخلاص لفكرها لكني أراه هو الآخر رغم كل هذا راهب جنون... فقد أخلص للتوحش... منحه جسده وذاته وروحه وعائلته وماله وحياته مقابل فنه... وفنه فقط...

لكل فردوسه الخاص الذي قد يراه الآخر جحيمًا... والمخلصون فقط هم من يستطيعون السير في الطريق دون أن يوقفهم داع.. أو شيء... أي شيء...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس