الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس في سطور

عوني الداوودي

2014 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


زرت تونس ثلاث مرات خلال العقد الأخير، مرتين كانتا خلال حكم الرئيس المخلوع زين العابدين " بن علي ــ كما يطلق التونسيين عليه " ، والمرة الأخيرة كانت قبل أسبوع من كتابة هذه السطور، وفي كل مرة كعادتي في سفراتي أسأل وأستفسر بشكل غير مباشر من سواق التاكسي " مفاتيح المدن " ، وعمال الفنادق والمطاعم التي أرتادها، وممن ألتقيهم هنا وهناك عن أحوال البلد، والوضع الاقتصادي، والسياسي ... كانت الإجابات قبل " ثورة الياسمين " تتحدث عن الفساد وسرقة المال العام من قبل أزلام السلطة لا سيما عائلة " الطرابلسي " زوجة الرئيس ... في سفرتي الأخيرة كانت الأجوبة تصلني بالترحم على حكم بن علي، على أنه كان رجل دولة رغم الأخطاء، وزوجته وأقاربها كانوا السبب في حال البلد التعبان آنذاك ... كما يصاحب الكلام بصب اللعنات على " الأخوانجية " هكذا يقولون في إشارة لحزب النهضة الإسلامي الحاكم بقيادة " الغنوشي " ... حيث لا خدمات ولا أية مشاريع جديدة والإقتصاد في تراجع، وغلاء الأسعار .. الشوارع وسخة، وأكوام الزبالة في تتكدس في زوايا الشوارع، وأمام المحلات ... وحقاً كانت مشاهداتي في ما يتعلق بالمظهر العام للمدن مطابقة لنقمة الشارع على النظام الجديد ... سئلت رجل مسن متقاعد عن الرئيس الجديد بإعتباره علماني و " دكتور" قضى جل عمره معارضاً في فرنسا " المنصف المرزوقي " أجابني بكلمة واحدة " طرطور " ... أبتسمت و تذكرت قصيدة الشاعر المصري الراحل أحمد فؤاد نجم " إلى الأمة العربية .. بعد الطز لم يعد يليق بك التحية " وفي وصفه للمرزوقي " ما أخبار تونس ــ أنتعل رئاستها مهرج بدعوى الديمقراطية " وقال لي آخر أنه طبيب نفساني يتصور الشعب التونسي كلهم " هبل " مجانين والله هو المهبول الوحيد في هذا البلد ...
أتأمل الوضع وصفحات كتب التاريخ التي طالعتها، وتجارب الشعوب بعد الثورات التي تابعتها وأستقرأتها تؤكد لي أن أنصار وأتباع أي دكتاتور ما ، وفي أي بلد ما، تربع على كرسي السلطة لعقود طويلة لا يستسلمون بسهولة بعد خلع رئيسهم وولي نعمتهم .. يتمترسون في البلد كطابور خامس في محارية النظام الجديد كل من موقعه في مؤسسات ودوائر الدولة يمارسون عمليات تخريب منظمة للبنى التحتية، وتعطيل الخدمات ... وفتح المجال للتدخل الخارجي تحت واجهات شتى، في سبيل إفشال العملية السياسية، ليتبوؤا السلطة مجدداً بسلم الديمقراطية، أنها عمليات تخريبية مدروسة ... لتصل الشعوب إلى قناعة بأن بلدانهم لا تحكم إلا من خلال شخص قوي كارزمي " دكتاتور " ويضعوهم أمام واقع جديد مفاده .. أما الفوضى وعدم الأمان أو الدكتاتورية، وهذا ما حصل و يحصل فعلاً في بلدان الربيع العربي " مصر نموذجاً " ... وبغض النظر عن سوء حكم الأخوانجيين المصريين الذين لو بقوا في السلطة برأيي لنهاية الفترة المحددة من حكمهم لسقطوا في الإنتخابات، بدون أنقلاب عسكري ليتسلم السلطة جنرال عسكري تربى على أيدي نظام حسني مبارك ... أذن ما الذي تغير في مصر فقد ذهب جنرال هرم فاسد ليأتي جنرال آخر في عنفوان قوته ويظهر للشعب كمخلص ومنقذ وبطل الأمة من شرور الاخوانجية ... وتجارب غالبية الشعوب لا تبشر بخير حكم العسكر ... أنها لعبة تبديل أدوار لا يستفيد منها الشعب غير بعض الشعارات وحريات محدودة في التعبير، وهذا ضروري للتنفيس عن النفس لديمومة سلطة القبضة الحديدة .... وليس غريباً أبداً عندما نسمع الكثير من العراقيين اليوم يترحم على صدام المقبور ... وتزيد الكارثة عندما يستلم البلد سياسيون بدون تجارب، يمارسون إدارة الدولة بالخطابة، والثأر، والإنتقام، وتقليد النظام القديم في بعض جوانبه كالمحسوبية، وملئ الجيوب بالسحت الحرام، وبناء القصور، وتطويق أنفسهم بالحرس و مظاهر الأبهة والسلطة... للأسف أن أحزاب المعارضة " سابقاً " في بلدان الربيع العربي وخاصة الأحزاب الإسلامية لم يفرزوا سياسيين بحجم الثورات التي قادتها الشباب الواعد الناهض المتنور، وقداسة الدماء التي أريقت من أجل التغيير الديمقراطي الحقيقي... آه كم من الزمن سيمر قبل أن يحدث تغيير حقيقي وتستلم الشعوب مقدرات بلدانها ومصائرها نحو الرقي والحضارة والعيش بكرامة !!!؟...

عوني الداوودي
السويد ـ غوتبورغ










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث