الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش وفكرة العودة الى عصر الفتوحات

جواد كاظم البياتي

2014 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


داعش وفكرة العودة الى عصر الفتوحات

من اغرب قصص الخيال الروائي على مدى التاريخ البشري هو مانشاهده اليوم على الارض من خرق لكل الافكار والفلسفات المتمثلة بالتيارات السلفية – الاصولية التي اتخذت من الفكر الديني الاسلامي غطاءاً لتمرير افعالها في العودة الى حكم الخلافة بكل تفاصيله الزمنية المتعاقبة من خلال استخدامها لوسائل وتقنيات العصر الراهن المتعارف عليها في اختصار الزمن او المسافات او الجهد وتوظيفها لتحقيق الاحلام القديمة التي عفا عن شكلياتها الزمن . وقد تكون حروب الاسكندر المقدوني 356 – 323 ق . م – ذو القرنين – التي ورد ذكرها في سورة الكهف ( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة .... ) . اقرب الأمثلة للغباء الفكري والعسكري التي لازمت هاتين التجربتين التاريخيتين اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار قصة الاسكندر الاقرب للأسطورة رغم كل الشواهد التاريخية التي تم توثيقها على يد بعض الكتاب الاغريق وبعض الفنانين التشكيليين من الرسامين والنحاتين فضلاً عن إنه عاصر الفيلسوف ارسطو وتتلمذ على يديه وفقاً لبعض المعلومات التاريخية . في حين نعيش نحن ابناء القرن الواحد والعشرين الاسطورة الجديدة بكل تفاصيلها منذ بدايتها في بداية العقد الاخير من القرن الماضي في افغانستان مرورا بتدمير برجي التجارة في وسط نيويورك وانتهاءا بإلقاء جثة صانع القاعدة في اعماق احدى المحيطات وهو الفصل الاول من المسرحية المثيرة للجدل والتي تشعبت خيوط المتورطين بولادتها وارضاعها حتى ظهور انيابها وما سببته بنهش مئات الآلاف من البشر وتشريد اعداد مثلها فضلاً عن فيالق المعوقين والمرتدين عن ثوابتهم الغيبية بسبب استخدام الفكر الديني كسبيل لتحقيق اهدافهم الضبابية الغامضة جدا .
ومن الصعب جدا الوصول الى فهم منطقي لأفكار هذا التنظيم وايديولوجيته ، اذ ليس هو بالتنظيم الحزبي العادي الذي يتبنى احدى اساليب الارتباط المعروفة ، لكن بعض من القي القبض عليهم من افراده ذكروا للجان التحقيقية بأن من يدخل هذا التنظيم يستحيل عليه الخروج منه . حيث سيكون معرضا لوضع الحد عليه ، وهذا هو واقع الفلسفة الاساسية لأخلاقيات الفكر الاسلامي مع إن الآية الكريمة تقول ( لاإكراه في الدين ، قد تبين الرشد من الغيّ ). وهذا الرأي هو أيضاً مادرجت عليه فلسفة الفكرة الماسونية بعد ترديد القسم أمام لجنة الانتماء المتخصصة بعد خضوع العضو الى اقسى الامتحانات الحياتية والصراع من اجل المجد . مع ان المسلم لايحتاج الى قسم إذ انه مسلم بالولادة . ومع ان ليست هناك ثمة مقارنة بين القاعدة ووليدها العاق داعش وبين افكار المحفل الماسوني فشتان بين مشرّق ومغرّب فذا طبطبائي وذا قزويني كما يقول الشاعر، فالأولى تحاول جر البشر الى حافات التاريخ في حين تعمل الثانية لتحقيق اهدافها عن طريق احدث مبتكرات العصر للوصول الى غايات اكثر عصرية وحضارية كما هو معلوم من خلال مامتوفر من معلومات عن هذا المحفل المغلق تماماً .
ان الثورات التاريخية كما هو معروف تقوم من اجل التغيير عندما تتعرض العدالة للخطر او لمكافحة الظلم والجوع والجهل . هذا المثلث الذي تدور في فلكه كل الامراض داخل المجتمع ، لا أن تقوم الثورات لأعادة الحياة في المجتمع الى الحياة البدائية وحرق كلما بنته البشرية من العلوم والفنون والاختراعات وسواها . ومحاولة ربط ذلك بالأفكار والثقافة الدينية التي يرى العقلاء فيها الابتعاد عن الحرام والقتل وتخريب الحياة ، بل ان فلسفة هذه الثقافة هو بناء الحياة وليس الابتعاد عنها .
ان فكرة تقويض الحدود والقضاء على الدولة المدنية التي كافحت من اجل بنائها البشرية ، هي فكرة خرقاء لمخلوقات حمقاء تحاول تدنيس قدسية الحضارة ، ولا تخلوا من ابعاد خبيثة تهدف الى تقويض الفكر الديني الاخلاقي المعتدل كخطوة اولى للقضاء على اصل هذا الفكر بإعتباره مصدر الفوضى والقلق المستمر للحياة في المجتمعات المستقرة .
إن اعادة التجربة التاريخية لزمن الغزوات والفتوحات بأشكالها واهدافها السالفة ليست سوى احلام عصافير يصدقها المغامرون والواقعون تحت تأثير النصوص التي لايتقبلون حتى تفسيرا موضوعياً لها يعطي لنضج العقل البشري فرصة للنظر للعصر كما هو ، لا كما كان قبل حوالي عشرون قرنا . وان اكثر من يندفعون لهذه الفكرة المتخلفة هم الساعون خلف المنافع المادية التي توفرها لهم الغنائم والسبايا وهم حصرا من المغامرون واللصوص والقراصنة ، او من وقع تحت تأثير الغيبيات التي تقدمها له تلك النصوص .
ان قراءة بسيطة وسريعة للتاريخ تجد ان هناك الكثير من التجارب المماثلة وبعضها قد وجد له فرصة بقاء محدودة وحاضنة مكنته من النجاح لفترة قصيرة من الزمن لكنها لم تتمكن من الدفاع عن وجودها لعدم وجود ماتدافع به عن نفسها وبشكل خاص الفكر والمبادئ او ماتتمتع به من دعامات البقاء الاخرى من وسائل لوجستية آنيّة سواء كانت مادية او نظرية وهي البرامج الكفيلة بديمومة الوجود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24