الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهديدات الظواهري وتفجيرات لندن تعيد مقاربات - كيبل- للفعل -القاعدي- الى الواجهة

عزيز مشواط

2005 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


من الفتنة الى حرب العقول المسلمة
اعادت احداث لندن الماسوية سؤال الارهاب و علاقته بالمسلمين الى الواجهة،حيث فرضت طبيعة التفجيرات و توقيتها و استهدافها بريطانيا البلد الاوروبي الذي يصفه البعض بجنة الحركات الاسلامية و زعمائها الفارين من عدالة بلدانهم ،النظر الى العنف الذي يتبنى المرجعية الاسلامية ليس انطلاقا من رؤية اختزالية متسرعة ومرهونة بتداعيات الحادث ،بل انطلاقا من استعادة بعض الدراسات المتخصصة خاصة تلك التي حاول فيها باحثون غربيون مقاربة الظاهرة اعتمادا على رؤية مفادها تعبير الحركة الاسلامية ممثلة في القاعدة عن فشل ذريع في استقطاب الجماهير الاسلامية و هو الفشل الذي تحاول هاته التنظيمات التغطية عنه بتفجيرات دموية لا تستهدف في الغالب غير الأبرياء.
في هذا المقال سنحاول استعادة مقال للباحث الفرنسي المتخصص في الحركات الإسلامية كان قد ألقاه بمناسبة صدور ترجمة كتابه Fitna : guerre au coeur de l Islam إلى الانجليزية تحت عنوان The War for Muslim Minds: Islam and the West.حيث يواصل فيه " جيل كيبيل" تشريح بنية الحركات الإسلامية اعتمادا على التراكم الذي حققه خلال أعماله و كتبه السابقة: "الجهاد: خط الإسلام السياسي"، و"الانتقام الإلهي: الصحوة الإسلامية والمسيحية واليهودية في العالم الحديث"، وكذلك رسالة الدكتوراة التي كتبها في بداية الثمانينيات عن "الحركة الإسلامية الراديكالية بمصر.
وتنبع أهمية استحضار جيل كيبيل ومن خلال مداخلته التي ألقاها بمعهد Carnegie Council من كونه كان قد تنبا باستمرار" الفعل القاعدي "نسبة إلى القاعدة في ضرب مختلف العواصم الأوروبية وخاصة العواصم الأوروبية التي تورطت في أعمال ضد المسلمين. يقول "كيبل" أنه رغم نجاح تنظيم القاعدة في جعل الإرهاب الموضوع رقم "1"، فإنه لم ينجح في تعبئة الأمة الإسلامية سياسيا"ومن ثمة فانه لن يتردد في محاولة التغطية على فشله السياسي من خلال عمليات في قلب العواصم الأوروبية يصاحبها صخب إعلامي كبير بهدف ضمان الحضور الرمزي المفتقد على مستوى الواقع .
يعتبرجيل كيبيل من أبرز المتخصصين الغربيين الذين بحثوا وتعمقوا في الإسلام والمسلمين والحركات الإسلامية، لقد بدا مشواره في هذا المجال منذ أوائل السبعينيات، وذلك حينما قام بدراسة ميدانية حول الأصوليين الإسلاميين في الشرق الأوسط، والتي ظل من بعدها، وحتى هذه اللحظة، عاكفا على دراسة هذا "العالم الأصولي".
طبيعي إذن أن تكون خلاصاته نابعة من إلمام عميق بحيثيات اشتغال الحركات الجهادية غير ان ما يمنح لخلاصاته تحققا كبيرا هي تلك القدرة التي أصبحت لتنظيمات الجهاديين في العمل حتى داخل العواصم الاوروبية حيث الحضور المخابراتي الكثيف و الاحتياطات الشديدة .انه اختراق وصفه جيل كيبيل في مقاله السالف الذكر من خلال خلاصة مركزة أعقبت إحداث 11 من سبتمبر حيث قال" أن أهم جولات حرب العقول المسلمة، في ظل العقد القادم، سوف تتركز في داخل المجتمعات المسلمة التي تعيش في الغرب، في لندن وباريس حيث عاش الإسلام واستقر. ومن ثم فإن مسلمي الغرب الأوربي سيكونون رأس الحربة في تغيير عقول المسلمين نحو الديمقراطية والتعددية، وصرفهم عن التطرف والأصولية" ترى هل استطاعت الدول الأوروبية ربح رهان العقول المسلمة و استغلال مسلميها كراس حربة في تغيير موازين القوى لصالح الديمقراطية و التعددية ؟
اشرت جنسية المتورطين في اعتداءات لندن على فشل ذريع لبريطانيا في ضمان الحصانة الفكرية لمواطنين بريطانيين ،فرغم اصولهم الباكستانية و الشرقية الا انهم يظلون في النهاية منتوجا ابريطانيا صرفا استطاعت القاعدة تعبئته ،فهل يتعلق الامر بقدرة تتوفر عليها التنظيمات الجهادية تتجاوز قدرات الدولة البريطانية ؟
" الإنترنت.. هو السبب الأول والأساسي الذي يراه "كيبل" لنجاح تنظيم القاعدة في القيام بأحداث سبتمبر. فلولا الإنترنت لما وُجدت "القاعدة". ويدلل على افتراضه هذا بالرجوع إلى معني كلمة "القاعدة" باللغة العربية، مشيرا إلى معنيين مختلفين:
فأما المعنى الأول فهو "القاعدة" التي يتدرب فيها أنصار التنظيم، وهي عبارة عن مخيمات وكهوف تدريبية، مُقامة في أفغانستان لهذا الغرض. وقد آمنت الإدارة العسكرية بهذا المعنى، متخيلة أن تدميرها لتلك المخيمات والكهوف سوف يقضي على شبكة التنظيم بأكملها، إلا أن الواقع لم يصدق إيمانها.
وأما المعنى الثاني فهو معنى تشبيهي غير مجسد، إنه معنى "القاعدة المعلوماتية" (الإنترنت) التي يجتمع حولها الحركيون والمسلحون التابعون للتنظيم، بعد أن دُمرت الأماكن المُجسدة التي كانوا يلتقون فيها. ومن ثم، يخلص "كيبل" قائلا: "إن 11-9 يمثل نتاجا للإنترنت".هل يمكن اذن ان نستعيد تفسير كيبيل هذا بخصوص مسؤولية الانترنيت في إحداث لندن الدموية؟
أعادت ضربة لندن طرح سؤال مقدرة الدول الأوروبية على صرف مواطنيها ذوو الاصول المسلمة عن ايديلوجية القاعدة الراغبة في البحث عن وحدة المسلمين في عالم افتراضي يقوم أساسا على تعبئة الأتباع انطلاقا من الانترنيت وهو الامر الذي نجح فيه تنظيم القاعدة الى ابعد حد حيث يستطيع تجميع انصاره و اتباعه اعتمادا على الإمكانيات التي الشبكة العنكبوتية بما توفره من إمكانيات غير محدودة للتواصل،فتصبح القاعدة المعلوماتية بديلا عن أماكن التجمع الحقيقية .
ولتفسير سبب النجاح الذي لا تزال القاعدة تحققه في استقطاب المزيد من زبنائها من الكاميكاز « فأن تنظيم القاعدة -كما يرى "كيبل"- نجح ببراعة في ربط انتفاضة الأقصى، التي كانت أحداثها حينذاك متأججة في قلوب جميع المسلمين، مع أحداث سبتمبر.. بهدف تعبئة الأمة الإسلامية سياسيا. لقد نجحت القاعدة -من خلال تفجيرات سبتمبر- "في استغلال الحدث لصالح تحويل الإرهاب إلى عمل سياسي، الغرض منه هو ترويج التعبئة السياسية.
انه النجاح نفسه الذي سارعت القاعدة إلى محاولة حصده من خلال استغلال تداعيات الحرب الدائرة في العراق حيث تنصب نفسها كطرف معني بالدفاع عن مصالح المسلمين فإلى جانب تبني القضية الفلسطينية و الانتصاب كطرف معني بها سارعت القاعدة إلى تضمين بياناتها إشارات متوالية للقضيتين الفلسطينية و العراقية الامر الذي يضمن لها تجييشا متواصلا لاعداد كثيرة من الشبان حيث ان الجيل الثاني من الشباب المزداد باوروبا و الولايات المتحدة صار مرتبطا هوياتيا بهاتين القضيتين بفعل التعامل الامريكي المتحيز و القائم على منطق القوة ويقول في هذا الصدد الباحث الامريكي "مايكل إي. أُو هانلون" من مركز "بروكينجز " يشتمل الجيل الثاني على أناس كانوا منضمين يوما إلى الجماعة الأساسية لـ"بن لادن"، وهم متواجدون الآن في مناطق كثيرة، تمتد من أسبانيا إلى إندونيسيا إلى المغرب، إلى السعودية، إلى العراق، وهم شديدو التأثر بخطب "بن لادن" وبكلماته، إلا أنهم يعملون باستقلالية تامة، معتمدين على ذاتهم. كما يندرج تحت هذا الجيل، عدد من المسلمين الأصوليين الشباب، من جميع مختلف العالم، الذين تم تجنيدهم وتوظيفهم في داخل المنظمات الأصولية
صحيح اذن ان بن لادن صار في عرف اتباعه رمزا تجتمع حوله الارادات دون ان يكون القائد الفعلي الامر الذي يجعل من القضاء على القاعدة مهمة صعبة و طويلة الامد يتداخل فيها الامني بالثقافي و الاجتماعي بالسياسي
إذن.. كيف نحل الإشكالية؟يجيب Michael E. O’Hanlonالمفتاح الأول للحل، هو الاعتراف بأننا نواجه مشكلة ذات طبيعة تاريخية، تضرب بجذورها في أعماق الماضي الاستعماري الذي كان يشمل العالم الإسلامي بأسره؛ ومن ثم، فإن مخاطبة التطرف الإسلامي لن تتم إلا في إطار صراع طويل المدى.. صراع قريب جدا إلى صراع الحرب الباردة، حيث طول المدة، والدخول بعمق في عالم الأفكار.. ولكن بدون إغفال مخاطر التهديد الأمني. باختصار، نحن بحاجة إلى أدوات سياسية/ثقافية كثيرة.. هذا إذا أردنا النجاح، مثل حاجتنا إلى الصبر والمثابرة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار