الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغلاء الزاحف!.. بين التصريحات المتدفقة والحل المستعصي!

قاسيون

2005 / 8 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في خضم الأحاديث والتصريحات المتدفقة حول الاصلاح الاقتصادي، تمر بشكل زاحف موجة غلاء في الأسعار، تؤثر بشكل سلبي على مستوى معيشة أصحاب الدخل المحدود، ضاربة قوتهم الشرائية المتآكلة أصلاً.
ويتوقع الكثيرون ارتفاعات متتالية لاحقاً في الأسعار، وخاصة عشية قدوم شهر رمضان، بعد موجة الغلاء الأخيرة التي طالت أسعار اللحوم والمنظفات والملابس والزيوت والسمون والمنتجات الورقية والإسمنت وكذلك السكن، يضاف على ما سبق ارتفاعات في أسعار الطبابة، وإذا أضفنا إليها «الوعود» برفع أسعار الأدوية بنسبة 20% لتبين كم هي اللوحة سلبية بالنسبة للواقع المعاشي الحالي والمتوقع، مما يتطلب إجراءات جدية وحقيقية لوقف التدهور الجاري في هذا المجال.
ومما يؤسف له أن تصريحات بعض المسؤولين الاقتصاديين لا تندرج في إطار البحث عن حلول جدية وعادلة للوضع الاقتصادي، وخاصة ما تذهب إليه من إعلان نوايا في تحرير قطاعي الاتصالات والطاقة وكذلك من تطمينات بمضاعفة دخل ذوي الدخل المحدود بعد عشر سنوات.
والمعروف أن قطاعي الاتصالات والطاقة هما من أكثر القطاعات ربحية في الاقتصاد الوطني، وإذا كان البعض يتذرع بخسارة بعض المؤسسات الاقتصادية العامة للذهاب إلى طرح موضوع تخصيصها، فإنه إذا جرى تحليل موضوعي لوضعها لتبين أنها مخسّرة وليست خاسرة، وخاصة بسبب النهب الذي يستهدفها، وبسبب الإجراءات التمييزية السلبية التي تتعرض لها منذ عقود، وحجب فوائضها وأرباحها عنها ومنعها عملياً من إعادة تدويرها في العملية الإنتاجية وفي رفع مستوى معيشة عامليها. لذلك فإن هذه الذريعة لا يمكن استخدامها لتبرير رفع احتكار الدولة لقطاعي الاتصالات والطاقة لأنهما أصلاً قطاعان احتكاريان للدولة في دول رأسمالية متقدمة عديدة.
إن كل الدراسات الجدية تؤكد أنه من المطلوب رفع مستوى الأجور ثلاث أو أربع مرات لكي تتناسب مع ضرورات المعيشة التي يحكمها مستوى أسعار مرتفع لا يتناسب مطلقاً مع الحالة المتدنية للأجور.
إن الضرورة الاقتصادية الاجتماعية ترتقي لتصبح قضية وطنية في الظروف الحالية، وهي تقتضي حل قضية الأجور خلال آجال زمنية قصيرة لا تتجاوز الثلاث إلى الخمس سنوات، وليس حلها جزئياً بعد عشر سنوات، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم باستمرار معدلات الفساد العالية التي تقتطع أجزاء هامة من الدخل الوطني مانعة إياها من التوجه إلى الاستثمار الداخلي، الشرط الأساسي لتحقيق معدلات نمو عالية، التي هي شرط ضروري لحل قضية مستوى المعيشة، آخذين بعين الاعتبار بآن واحد الأهمية العاجلة والقصوى لإعادة توزيع الدخل بشكل عادل يعيد النظر بمعادلة العلاقة بين الأجور والأرباح التي تعاني من خلل كبير وخطير.
لقد آن الأوان لصياغة سياسة أجرية عادلة ومتوازنة. إن القضية الأجرية لا يمكن أن تحل بإجراءات عابرة ومؤقتة من دون استراتيجية واضحة المعالم، وفي هذا السياق لا يمكن أن يكون الرفع غير الدوري للأجور حلاً جذرياً فهو في أحسن الأحوال يمكن أن يمتص جزئياً بعض الزيادات في الأسعار دون أن يزيل آثارها السلبية المستمرة.
لذلك فإن الجهد المبذول لصياغة سياسات استراتيجية في مجالات النمو والاستثمار وغيرها، يجب أن يرافقه حتماً بذل جهد حقيقي لصياغة استراتيجية أجرية غير موجودة حتى الآن لتخرجها من الاستعصاء الذي تعاني منه، ونعتقد أن ركائزها يمكن أن تكون:
1 ـ ربط الحد الأدنى للأجور بالحد الأدنى لمستوى المعيشة، أي رفع الحد الأدنى للأجور من ثلاث إلى أربع مرات على أساس مستوى الأسعار الحالي، وخلال فترة زمنية لا تتجاوز خمس سنوات.
2 ـ اعتماد الزيادات المستمرة للأجور في حال أي زيادة في الأسعار، مما يتطلب تحديد شهري لمؤشر ارتفاع الأسعار وتعويض الأجور على أساسه.
3 ـ تمويل الزيادات في الأجور من مصادر حقيقية تستند إلى إعادة النظر في العلاقة بين الأجور والأرباح، أي اعتماد سياسة اقتطاع من الأرباح المتزايدة المتأتية من ارتفاعات الأسعار كلما حدث ذلك، عبر سياسة ضريبية فعالة، وتعويض الأجور على أساس ذلك لإصلاح الخلل في قوتها الشرائية.
إن القضية الأجرية هي جوهر القضية الاقتصادية ـ الاجتماعية وهدفها، والسير نحو حلها هو شرط ضروري لتأمين كرامة الوطن والمواطن، وتراجعها سيلعب دوراً سلبياً في تعزيز الوحدة الوطنية، لذلك يجب أن تكون على رأس سلم أولويات القوى الوطنية المناهضة للمخططات الأمريكية ـ الصهيونية التي تستهدف سيادة الوطن ووحدته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة