الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صورة صدام أمام شبح المعلم
جلال حيدر
2014 / 9 / 29الادب والفن
لا أدري كيف حصلت تحديدا على صورة هذا القائد لكن الذي أتذكره أنها رافقتني منذ سنواتي الأولى ، و أذكر اني كنت احتفظ بها في كتاب القراءة في الصف الأول ، وجدها معلمي آنذاك و خفت من تبعاتها لكنه تأملها لفطرة من الزمن خلته غاب فيها عن الوعي و كادت عيناه تدمعان لم أكن بالطبع لأستوعب تلك النظرة الرهيبة لكني ربطتها مع شعوري ايضا بقوة الرجل و قيادته للجيوش العربية التي سوف تقتلع جذور اليهود و الشر على وجه الأرض .. كانت أحلامي تتنامى تباعا و كنت انتقل من صف لآخر أستبدل فيه الكتب و الدفاتر و الاقلام و الملابس و احلق شعر رأسي إلى الصفر .. لكن الصورة لا تتغير مع الايام إنها تزداد ألقا في محفظتي بين الكتب و الدفاتر و ترافقني احيانا عندما اذهب للرعي بالبقرات في الجبل البعيد حيث الكثير من الناس هجروا بيوتهم و حتى المدرسة هناك لم تعد تفتح ابوابها ، كنت أنظر إلى ذلك الوجه الرهيب في علو يمنحني الكثير من الراحة و الأمل لأعد هذا الرجل أني سأرعى هذه الأبقار حتى ينهض أبي سالما من فراش المرض و سألقن كتبي معنى الدراسة و الإجتهاد و يوما ما سأخلفه على هذه الأرض و سأفتح المدارس و المشافي و لن أدع الأطفال يرعون البقر و لن أدع الآباء يتألمون .. هكذا تنزل الأحلام كحمامات بريئة مسالمة لتنقر برقة زجاج الاأمل ..
بعدها بسنوات و أذكر أني تعرفت على فتاة تكبرني بحوالي سنتين و كان ذلك في صباح ضبابي يفتح الشهية على الحزن اكثر و قد كان معلمي في السماوات العالية حيث تنزوي النجوم لشرب نخبها كل ليلة و لتحرس الأطفال الذين يسمعون حكايا جداتهم .. لا أذكر جيدا مالذي أتهم به ذلك المعلم الذي أهداني بعض قصائد مفدي زكرياء و هو يودعنا ذات عطلة يا ليتها لم تكن .. حتى وجده حارس المرأب القديم لشركة الغابات ملطخا في دمه و روحه غادرته رفقة النشيد و ضحكات الأطفال التي سقطة منه .. كانت تلك الفتاة جميلة ترتدي عدة ابتسامات كلما حاولت مغازلتها بتلعثمات بريئه و قد قررت بعد أخذ و رد أن اكتب لها كل الحرائق التي تطوق قلبي الصغير و سميت في إحدى الليالي ـ حيث نام أهلي في بيتنا المتواضع و أستطيع سماع شخيرهم ـ رسالتي الأولى " مؤتمر الحب " بما أني رأيت أن تلك الكلمات هي جمع لأشلائنا هناك حيث لا مكان للخوف أو التلعثم ، كتبت أستشهد ببعض المقاطع من قصائد لنزار الذي و لطالما أخفيت ديوانه عن الأنظار ، لم أعرف أن القدر يجدد نفسه مرة أخرى و بطريقة أخرى و قد وضعت الرسالة في المحفظة و حاولت دس الفرحة أيضا في مكان دافء
هذه الفرحة التي أشعر بها أذهبت عني حقد الشتاء علينا نحن الفقراء ..
دخلت الحجرة التي أدرس فيها و بعد مدة طلب منا المعلم إخراج كتاب القراءة سقطت الرسالة و وقع المحظور و حملها المعلم ليقرأ بصوت رخيم مؤتمر الحب ..آسف لأن الخطوات لم تسعفني لأفصح لك ... و انتزعتها من بين يديه و بضربة قوية كسرت زجاج النافذة و رميت مؤتمري و كل ما أردت قوله لتلك الفتاة إلى الريح المفزعة و يدي تنزف بغزارة حملت محفظتي و مضيت إلى البيت مشحونا بالغضب و الوحدة ...
فقط عينا صدام حسين من بقي معي في تلك اللحظات و أحلامي تلملم شملها من الحقول الذهبية المتداعية و عمال الغابات يتوارون بفؤوسهم خلف السرو البعيد ..
بكيت معلمي المقتول في تلك اللحظات و ها أنا الآن أبكي صدام الذي أخفيته كثيرا في محفظتي لكنهم عثروا عليه و قتلوه كما قتلوا أشياء أكبر من إخفائها بكثير
جلال حيدر
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم
.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24
.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً
.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع
.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو