الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شجرة التوث ومنزل جدي في عين سفني

كفاح جمعة كنجي

2014 / 9 / 29
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


مَنحتُ نفسي اليوم استراحة .ليست لدي اي التزامات، وليست لدي سيارة تقلني لِاماكن بعيدة لقضاء نهار اليوم . فضّلت ان اتمشى في شوارع عين سفني .وبمفردي .
قادتني ذاكرتي لِاول مرة زرتُ المدينه بصحبة والدتي قبل 50 عاما في زيارة منزل جَدّي من والدتي بَشّار خضر الشرطي .
شعرت بحنين طاغي لزيارة المكان ورؤية المنزل ولو من بعيد.
هل سَاقتدي الى المنزل وانا لم ازوره منذ عام 1965؟!!
الذي لم يتغّير في عين سفني من ذلك الحين، الشارع الرئيسي الذي يمر من وسطها والمؤدي للموصل من جِهة وإلى لالش مَعبدْ الايزيديين الاول من الاتجاه الآخر .
وانا اتَسلق الطريق المؤدي لِوَسط المدينة والمُشّيد على اشبه بتل مُرتفع تأججت الذاكرة وعادت بي لخمسين سنة مضت ،فالطريق لم يَطالُه تغييرٌ سِوى تصماميم الدكاكين ،والمحلات المُنتشرة على جانِبيه قد تضاغفت عشرات المرات .
وصلت السوق ومركز المدينة . توقفتُ لِاخذ نَفس ،وإستنشاق قليلاً من الهواء... التقيتُ عددا من النازحين ِمن مَسقط ْرأسي بحزاني لاول مرة. ألالمْ يَعتصر جَميعهم ،والشوق لِلعودة مرسومٌ على جَبينِهم .
في ركن السوق تذكرت أن الطريق الى بيت جَدّي كان يمر من زقاق وفتحة صغيرة تلتحم مع شارع السوق ببضع درجات لاتتعدى الخمسة.
اهتديت الى الدرجات ،ومازالت على حالها سوى انها جُددت.
تذكرت بَعدَ الدرجاتْ الساقية المشيدة من الاسمنت وسط المنازل القريبة من بيت جدي ولم تكن تبعد عن السوق سوى امتارا و تتوسط الطريق بين منزل جدي والسوق.
الساقيية قد اختفت ، ولم يعد لها اثراً .
حسنا ساهتدي الى المنزل بسهولة من خلال شجرة التوث الكبيرة التي لعبنا تحت ظلالها ونحن صغارا، ومنحتنا توثا شديد الحلاوة ولم تكن تبعد سوى مترين عن مدخل باب المنزل الرئيسي.
لقد خاب ظني !! فشجرة التوث قد قُطعت من الجذور ،والقيُت جذوعها امام المنزل وحتى الساحة التي تتوسط المنازل كُسيت بالاسمنت ولم يعد شيئا يشبه ما في ذاكرتي .
تاكدتُ بأني في المكان الصحيح ، بعد ان تعرفتُ على الزقاق المؤدي الى معبد (شيخالي شمسا ) ، حيث رافقت الكبار يوما لحضور امسيه او احتفال ديني خاص بالمعبد. كل شيء لم يعد على حاله في المدينة فبيت جدي شُيّد من الطين والحجر وسقفه من التراب يعلو جذوع الاشجار المرصوفه بعناية فائقة على حيطان المنزل ،ازيل كل شيء وشيّدهُ ساكِنيه الجُدد من الاسمنت .
ذلك الباب الخشبي المزخرف بمسامير كبيرة وعديدة وبالوانه الطبيعيه قد أُقتلِع وحل محله باب حديدي مصبوغ بالوان صارخة .
50 عاما على تلك الايام . كل شيء لم يعد يشبه الاشياء التي تعيش في ذاكرتي.
التقطت صورة لجذع شجرة الملقاة امام المنزل أعتقد بل اجزم انها بقايا شجرة التوث تلك.!!. إعدام شجرة لايفرق عن اعدام اي كائن حي.
عُدت ادراجي الى السوق بكيت كثيرا في داخلي وحبست دموعي سأدعها تنزل عندما اكون لمفردي فالوقت ليس وقت البكاء حقاً.
في السوق ،الصخب والنداءات هي على حالها لكن إختلفت اسماء المُنادى عليهم ففي حين كانت مشكو ،والياس ،وزيدو ،وجوقي فقد تبدلت الى حمي ،وجانكير، ورسول ،ومصطفى.
تغيرت كل الاشياء لم اعد ارى والتقي إلا قليلاً اولئك الذين كانوا يجوبون شوارع المدينة فنساء تلك السنين اللائي كُنّ ذي ملابس بيضاء وروس الرجال كانت مغطاة بيشماغ احمر ويعتمرونهاعلى الجهة البيضاء وبالكاد يظهروا عكس ايام زمان، اللهجة المحلية الكورديةلاصحاب المحلات الجُدد لا تشبه لهجة اصحابها القدامى ،ويختلفون عنهم في العديد من الاشياء بما فيه الملابس .
كل شيء تغير في عين سفني.
أصحاب المدينه القٌدامى الاصليين باتوا الاقليه والقادمون من خارجها باتوا الاغلبية ...
تغيير ديمغرافي غَيّرَ ِبقصد او بلا قَصد هوّية عين سفني الايزيدية. لكن رغم كل ذلك فهي مدينة جدي واهلِه وستبقى كذلك .


الشيخان -عين سفني
ايلول 2014
عين سفني مركز قضاء الشيخان يبعد عن مدينة الموصل 55 كلم وعن دهوك بحدود 40 كلم .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز كفاح كنجي المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2014 / 9 / 29 - 10:30 )
تحية و سلام و محبة و احترام
تمنياتنا لك باوقات جيده مع الربيع الثاني و لو اني اعرف ان لا ربيع اول و لا ثاني هناك...تحياتنا الى الشيخان و من فيها و من يحيط بها من سنكة قراها
لا زلت اسأل عن اخينا فواز فرحان له و للجميع السلامة
ان زرت لالش عند الشجرة الهائلة في وسط الساحة ابحث عن حروف اسمي الاولى تحت عملة عشرة فلوس و عملة 50فلس فقد غرستها هناك من ربع قرن
تقبل تقديري و احترامي
و اكرر
سلاما الى الشبك و التركمان
و من يحج للشيخان من كرد وعرب


2 - تحية للجميع
عبد الرضا حمد جاسم ( 2014 / 9 / 29 - 16:12 )
بعد الاعتذار من الاستاذ كفاح كنجي المحترم
الى كل اصدقاء ومحبي الكاتب العراقي اﻻ-;-صيل محمد الرديني .
اليوم يصادف عيد ميلاده وهو مكسور الساقين ويرقد في المستشفى بعد اجراء عمليتبن جراحيتين له تكللت بالنجاح ...
اتقدم اليه بباقة ورد معطرة بمناسبة عيد ميلاده وثانية على سلامته من الحادث ونتمنى له الشفاء العاجل والعمر المديد ..ليبقى العنوان العراقي في مقارعة الظلم والفساد واﻻ-;-ستبداد عبر قلمه المجرب الشجاع..وانامله المبدعة في صياغة فن الكلمات ....وهذا
ابسط انواع الوفاء ﻻ-;-خوتنا وصداقنا له
نتمنى للجميع السلامة..


3 - العزيزالزميل عبد الرضاجاسم محمد
كفاح جمعة كنجي ( 2014 / 9 / 29 - 19:17 )
اتقدم الى الزميل محمد الرديني بالتهاني القلبية لمناسبة عيد ميلاده ميلادة واتمنى له الشفاء العاجل .
عندما ازور الشجرة التي تحدثت عنها وعد سابحث عن تلك القطعة نقودوان وجدت شيئا منها ساخبرك حتما .. انا ايضا ماودزلت في حيرة لانقطاع اخبار العزيز فواز فرحان .. تحياتي الحارة وشكرا لك ولمرورك الرائع.

اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24