الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس رثاء / الى محسن الخفاجي

اسماعيل شاكر الرفاعي

2014 / 9 / 29
الادب والفن


هذا ليس رثاءً اذ لا يليق الرثاء بالمبدعين ، وكان الراحل محسن الخفاجي مبدعاً في فن السرد لكن على طريقة الرؤيوي الذي لا تتوقف كشوفاته ، وليس على طريقة الحكواتي الذي ينثر على مستمعيه اليقين تلو اليقين وهو جالس على منصة عالية ...
تعرفت اليه عام 68 من القرن المنصرم ، كان المكان هو دار المعلمين الابتدائية ، وكانت مناسبة التعارف فوزي بالجائزة الأولى للشعر على اعداديات ومعاهد دور المعلمين والمعلمات ، وفي تلك المناسبة الغارقة في عتمة زمن تقضّى أهداني محسن كتابين : التجربة الخلاقة لباورا بترجمة سلافة حجاوي ، ورواية الصخب والعنف لوليم فوكنر بترجمة جبرا ابراهيم جبرا ، وقد حفر هاذان الكتابان ثلماً في وعي ابن السابع عشرة الذي كنته سيظل نازفاً ولا أظنه سيندمل يوماً . أبعدني الكتاب الاول عن كتابة الشعر ، واستولى الثاني على رؤيتي التي كانت تنطوي على بعد واحد ، اذ كانت رواية " الصخب والعنف " متعددة الاصوات ...
طلب مني اسماعيل العضاض معاون مدير المعهد ، القصيدة الفائزة ونشرها في مجلة صدى المعهد التي كان يشرف على تحريرها . فكانت قصيدة : " صوت من خلال الثقوب " اول نص شعري ينشر لي وربما كان الأخير .. كانت القصيدة ، ويا للعجب ، قصيدة رثاء لكن ليس لشخص بعينه :
يا شباباً ضاع كالاحلام في موج الضباب ...الخ
كنت فيها واقعاً تحت تاثير شعراء المهجر وخاصة ( ايليا ابو ماضي ) الذي كنت قد استظهرت قصائد ديوانه " تبر وتراب " بالكامل ، وكان هذا الشاعر ــ قبل هدية محسن الخفاجي ــ قد أورثني قلق التساؤل الذي جعلني أغامر لاحقاً بكسر أي منظومة فكرية الم بها بعد زمن يطول أو يقصر ، كان الخفاجي اذاً واحداً من المصادر المعرفية لقلقي قبل ان أقرأ بيت المتنبئ الشهير : على قلق كأنّ الريح تحتي ـــ اوجهها شمالاً أو جنوباً...
أنا واحد من المعجبين بالمنجز الابداعي لهذا الحكواتي الأصيل . وحين انسب صفة الابداع الى اسم محدد فهذا يعني ان صاحب الوصف خلق شيئاً ليس على مثال سابق ، أو منح لما خلق روحاً واسلوباً يدلان عليه ويشيران اليه ...
طرح الخفاجي وهو يغادر دنيانا واحدة من الاشكاليات التي لا حل لها في رأيي في المستقبل المنظور عراقياً : اشكالية علاقة السياسي بالمثقف ، وهي فرع من الاشكالية الكبرى التي يعيشها المجتمع : اشكالية العلاقة بين السياسة والثقافة ...
تشترك السياسة والثقافة بانتاج مفاهيم وقيم جمالية متقاربة ، لكن في مجتمع غير منتج كالمجتمع العراقي يكون فيه السياسي غير منتج بالضرورة ، فهو يعيش على ما تم انتاجه وليس على ما قام بابداعه من مفاهيم يكثف فيها الحلول المقترحة لما يعاني مجتمعه من مشاكل ... فالحزب والتنظيم والعصبية الشديدة لهما ليست من انتاج السياسي المحلي ، واستعارتهما ليس عيباً ، لكن العيب يكمن في الفشل في تبيئتهما عراقياً ، اذ من غير هذه التبيئة يتحول التنظيم الى وثن ، ويتحول زعيمه الى معبود جديد يتحرك التنظيم برمته على ايقاع وصاياه ( الذهبية ) . وقد افصح هذا الفشل عن نفسه بما آل اليه الوضع في العراق ، في الوقت الذي تمكن فيه المبدع العراقي ــ ونحن هنا نتحدث عن سارد لا شاعر ــ من ان يستعير هذا الفن من خارج الثقافة العراقية والعربية عموماً ، وان يبدع فيه ابداعاً وصل الى حد تأصيله عراقياً ( وانا هنا اشير الى تجارب مميزة في هذا الميدان يأتي في المقدمة منها انجاز اسماء تألقت بعد الألفية الثالثة : أي بالضبط بعد ذروة انتكاسة السياسي .. من هذه الاسماء أنعام كجةجي ، سنان انطوان ، أحمد السعداوي ، ضياء الخالدي .. ) ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يرسم برج إيفل في حقل زراعي احتفالا بدورة الألعاب


.. الكينج وكاظم الساهر وتامر حسني نجوم حفلات مهرجان العلمين فى




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يتحدث عن كلمات أغنية ع


.. عوام في بحر الكلام - الشاعرة كوثر مصطفى تتحدث عن أعمالها مع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 8 يوليو 2024