الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نجيب محفوظ

فهد احمد ابو شمعه

2014 / 9 / 29
الادب والفن


قيل وكتب الكثير عن نجيب محفوظ , رغم ذلك فهناك دائما الجديد الذي يمكن ان يقال عنه .
جعل نجيب محفوظ من الادب وعاءا لايديولوجيته وفكره وفلسفته , فابدع في ايصالها بمهاره عاليه , وانا شخصيا لا ارى معنى لادب يخلو من العمق الفلسفي , وكان نجيب محفوظ قد بدأ حياته الجامعيه بدراسة الفلسفه وتخرج من قسمها , وعندما توجه بعد ذلك نحو الكتابه الادبيه متمثله في الروايه وجدها خير وسيله ليبث من خلالها وفي طياتها افكاره الفلسفيه , منحته دراسة الفلسفه عمقا فكريا كبيرا وثقافه واسعه انعكست بشكل واضح في اعماله الروائيه . وتمكن نجيب محفوظ من الفن الروائي وتحكم به واصبح عميدا للروايه العربيه بلا منازع .
كذلك مثل نجيب محفوظ اعظم وانجح مشروع ثقافي عربي حين اوصل الروايه العربيه والادب العربي الى العالميه متوجا بجائزة نوبل , وبغض النظر عن كل مايقال ويثار حول اسباب منحه لجائزة نوبل , فقناعتي الشخصيه التامه بان محفوظ اكبر من تلك الجائزه بكثير وانه لم يتشرف بها بقدر ماتشرفت به .
بدأت بقراءة نجيب محفوظ في سن مبكره نسبيا , وقد كنت في سن المراهقه مهووسا بقراءة الروايات البوليسيه , كروايات ارثر كونان صاحب شخصية شرلوك هومز وروايات اجاتا كريستي وغيرها , وذات يوم وانا اتجول في منطقة (باب العامود ) في القدس وقفت امام بسطه لبيع الكتب فوقعت عيني على كتاب عنوانه ( الجريمه ) لنجيب محفوظ فاشتريته على الفور , حتى دون ان اقلب صفحاته ظنا منى بانه روايه بوليسيه , اكتشفت فيما بعد بانه عباره عن مسرحيه وعدد من القصص القصيره تصفحت عناوينها فوجدت انها لاتمت بصله للنوع البوليسي الذي اعشقه , فالقيت بالكتاب جانبا , ولكن بعد مده وجيزه ربما تصادف خلالها انني كنت اعاني حالة افلاس من الكتب , امسكت بالكتاب من جديد ورحت اقرأ في قصصه القصه تلو الاخرى ووجدت نفسي مشدودا اليها بقوه عجيبه , ومن هنا بدأت رحلتي الطويله والمفيده والممتعه مع نجيب محفوظ وعالمه وادبه الذي لانظير له في العالم بحسب وجة نظري , ورحت ابحث عن كتب نجيب محفوظ في كل مكان حتى قرأتها جميعها من همس الجنون وحتى الاصداء واعدت قراءة اغلبها عدة مرات ومازلت اعيد , واتمنى لو كان بالامكان نسيانها جميعا لاعيد قرائتها من جديد واستعيد تلك المتعه واللذه والنشوه التي كانت تنتابني كلما قرأت جديدا لنجيب محفوظ .
يجمع النقاد على ان رحلة نجيب محفوظ مع الروايه مرت بمراحل ثلاث هي : التاريخيه , والواقعيه , والرمزيه .
المرحله التاريخيه وهي التي كتب خلالها ثلاث روايات تاريخيه مستوحاه من التاريخ الفرعوني .
والمرحله الواقعيه والتي لم تخلو (من وجهة نظري) من بعض الاشارات الرمزيه كرمزية اسماء الشخصيات في الروايه , كما في رواية خان الخليلي , فاحمد عاكف واحمد راشد شخصيتان في الروايه , في تضاد مستمر , فاثناء جلوسهما في المقهى كانت تحتدم بينهما نقاشات فلسفيه ودينيه , فاعطى نجيب محفوظ احدهما اسم احمد عاكف بمعنى العكوف والتقوقع والعيش في الماضي والاخر اعطاه اسم احمد راشد بمعنى الرشد والثقه والافق المستقيلي .
وتطرق نجيب محفوظ الى الكثير من الموضوعات السياسيه والاجتماعيه والنفسيه والفلسفيه من خلال رواياته وان كان البعد الفلسفي لايخلو من غالبيتها , فقد ابدع في تصوير الواقع الاجتماعي المرير كما في رواية (بدايه ونهايه ) التي تجلى فيها ابداع نجيب محفوظ في صناعة الحبكه الروائيه المقنعه والمتقنه بشده .
ولا تخلو معظم رواياته خاصه التي جاءت في المرحله الواقعيه من تصوير للواقع السياسي ونقده يشكل جريء وصريح كما في رواية ( الكرنك ) , كذلك كتب نجيب محفوظ الروايه النفسيه متمثله في رواية (السراب ) والتي اعتبرها من اروع ماكتب نجيب محفوط حيث ابدع من خلالها في تصوير وتشخيص مشاكل نفسيه عديده منها الخجل وفقدان الثقه بالنفس الناتجه عن اساليب تربيه غير سويه ادت الى نهايه مأساويه , اجاد الكاتب اجاده عظيمه في تصويرها وحبكها .
المرحله الرمزيه وتمثلت في عدد كبير من الروايات كرواية ( الطريق ) ذات البعد الفلسفي العميق الذي تجلى في حوارات واحداث الروايه , حيث ان صابر بطل الروايه تدعوه امه التي كانت تعمل (بغي) تدعوه وهي على فراش الموت لتعترف له بان له اب وهو موجود واسمه سيد سيد الرحيمي ( وللاسم هنا رمزيه واضحه ) وتطلب منه البحث عنه حتى يجده ليعيش في كنفه ويأمن الفقر والجوع والتشرد , فينطلق صابر في رحلة بحث عبثيه عن الاب تصادفه خلالها الكثير من الاحداث التي لايتسع المجال لذكرها هنا وينتهى بارتكاب جريمة قتل ويدخل السجن ويعدم قيل ان يجد اباه , والام هنا ترمز الى الطبيعه والاب يرمز الى الاله .
كذلك تجلت الرمزيه الصريحه لحالة البحث عن الاله في قصة ( زعبلاوي ) . وفي روايته (اولاد حارتنا ) الرائعه جدا والمثيره للجدل والتي شكلت ازمه ومنعت حين صدورها , بسبب تطرقها لرموز دينيه , والتي كما يقال صاغ نجيب محفوظ من خلالها ملحمة اليشريه , فنجد ان الرمزيه الصريحه تصل فيها الى ذروتها .
وختم نجيب محفوظ حياته الادبيه بكتاب (اصداء السيره الذاتيه ) وهو عباره عن مقاطع وفقرات قصيره جدا وغايه في الرمزيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى