الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتابي .. أسرار المواهب .. الفصل الاول

ضمد كاظم وسمي

2014 / 9 / 30
الادب والفن


الفصل الاول
النقد الادبي واشكالية المعنى
إذا ما أريد للنقد الأدبي أ ن يكون ممكنًا .. لابد للناقد أن يعمل على
حصر تصوره بطبيعة العمل الإبداعي بوضع مبادئ يمكن من خلالها تحديد
كيفية التعامل مع بنية النص .. غير أن مثل هذا الاستنتاج قد يبدو فيه
الكثير من اللبس .. إذ أن الإبداع قد يكون على درجة كبيرة من التعقيد
بصفته نتاجًا لفظي ًا وكلاماً شخصيًا وتعبيرًا اجتماعيًا يتزيا بزي الخيال
ويتعفر برغام العاطفة .. فض ً لا عن تداخل الكثير من المفاهيم .. التي لا
تتطابق بالضرورة وان تقاربت من الناحية العملية مع النقد الأدبي .. بيد
أن لها ما يميزها دائمًا .. فالسيرة الذاتية تتحدث عن المؤلف كإنسا ن
والنظرية الأدبية تناقش المبادئ التي يلتزم -;-ا النقد الأدبي والتاريخ الأدبي
الذي لا يناقش النصوص وإنما يدرس العلاقات بينها .. بينما يناقش النقد
17
الأدبي النصوص ويقومها ..الا إن الإفراط في التجريد أو النرجسية في
مضامير النقد الأدبي قد يفضي إلى دهاليز عويصة ذ ات طاقات تقييدية لا
تقترح تعريفًا له .. وإنما تبجل (( توصيات معيارية )) تلبية لحاجات محددة
تتعاطى مع راهنية النصوص .. من حيث الفاعلية والحراك والإنتاج
وإعادة الإنتاج .. فاعلية التزمن لا الزمن .. توصيات تدع النص ((
يتحدث عن نفسه من خلال الانتباه إلى توكيدات ه )) .
يعمد الناقد بشكل عام إلى مقاربة النص وإضاءته .. بأسلوب فكري
وكتابي يتيح للقراء المتخصصين وجمهور القراء الآخر .. أن يشاركوا في
التجربة الأدبية .. وهو إذ ينطلق بفهمه النقدي للنصوص الأدبية من ثلاثة
اقانيم هي الكلام المنطوق (( قول المؤل ف)) والنص المراوغ (( المسكوت
عنه .. الممنوع .. الممتنع .. المقموع .. الرمز .. مابين السطو ر))
والقراءة الفاضحة (( الكشف والتفسير والتأويل والتقويل )) .. وهو إذ
يفعل ذلك .. لايستطيع التحرر من بعض التعميمات النظرية أو التملص
من الخلفية التاريخية ..
18
لكن لابد من الحذر من الإيغال والإسراف في التعميم الذي قد ينتهي إلى
التقنين للإبداع والذي بدوره قد يبلد ويقولب التجربة الإبداعية .. وهذا
ما انتهت إليه تجربة علمنة الأدب .. كما إن الولوغ في الفهم التخصيصي
للأدب قد يلغي التجربة الإنسانية والمشتركات والاتصال ويحيل النصوص
إلى متناقضات متنافرة .. فقد رأى ( نور ثروب فراي) بان دراسة الأدب
لابد أن تكون علمية .. وهو يتطلع إلى الوحدة في التفسير والتأويل وهو
تطلع ذو صلة باهتمامات الأكاديميين بعيدًا عن اهتمامات الكتاب والقراء
.. مثلما أصر ( أي . و. هيرش) على أولوية المعنى الموثوق .. وهكذا
كانت المدرسة التي تقوم على معنى واحد للنص ((وهي ضرورة لا تحظى
بأي قبول خارج قاعات الدرس)) .
على الضفة الأخرى .. يقف (( رولاند بارث)) .. ليرينا النص بصفته
نقطة تقاطع لأكبر عدد من الخبرات الثقافية والتي يريدنا أن نستدل عليها
ببراعتنا .. ونعيد تعريفها على ضوء استدلالنا وبالطريقة التي نختارها ..
ولنا أن نفسرها وفق ذائقتنا الثقافية .. كل ذلك ممكن طالما ان (( المؤلف
هو المرفه عنا ومرشدنا .. وليس رئيسنا .. وبقدر مايكون النص ملكًا له
فهو ملك لنا )) .. لان المؤلف يفقد سيطرته على أداة التوصيل .. لان
19
اللغة كنظام علامات ليس من صنعه .. وان انتج النص بتجسيدها من
خلال المحايثة التراتبية .. (( وعلى أية حال فان إرادته الواعية إنما تعجز في
توزعها على مضاهاة تلك الوفرة والقوة من المهارة المختزنة في اللاوعي
والموظفة في العمل )) .
يمكن للنقاد ان يلعبوا دور الخبراء لا القضاة .. بما يملكون من مهارة
مهنية وآراء شخصية بصدد النصوص وكلما كانت (( شهادا-;-م اوضح
تعبيرًا ، كلما كانت اكثر قابلية لتعزيز عملية البحث عن الحقيقة في
محكمة القراءة المنعقدة دائمًا )) .. فالتنميط الكتابي والتجنيس الأدبي
ضمن فروع المعرفة ومناهجها .. يتطلب من الناقد إلماما -;-ا والتوفيق بين
العديد من منظورا-;-ا .. لا-;-ا جميعًا قابلة للدراسة انطلاقًا من وجهات نظر
الجمالية او السيميائية او البلاغة فض ً لا عن علم النفس وعلم الاجتماع
والانثروبولوجيا … الخ .
يبدأ الناقد في عملية (( القراءة)) .. قراءة كتاب ما .. موضوع ما ..
نص ما .. يستحوذ عليه .. ينتهي الى نقده .. رغم ان هناك خلافا حول
ماهيته وذلك يعود على الأقل بعضه إلى إن العلاقات الاجتماعية المحيطة
20
بالنقد علاقات غامضة .. أما بعضه الآخر فقد يكون مدفوعًا باستراتيجية
أيديولوجية مضللة ترمي إلى استخراج قيمة ما من واقع معين .. يرى
مارتن ايسلن بان النقد هو (( البحث عن الحقيقة الذاتية )) .. ويمنح
الأدباء سلطة تشريعية ويسم النقاد بالسلطة التنفيذية التي تعمل على
تنفيذ التشريعات .. بينما يقول كاري نيلسون بان النقد (( هو شكل
خاص من الحديث الذي ينغمر في حالته الأدبية ويبتعد عنها في آن واحد
)) ويعبر عن عدم قناعته بمفهوم هو حديث (( غير أدبي)) عن الأدب ..
فيما يذهب مايكل مكانليس الى ابعد مما وصل اليه جاك دريدا حيث ((
يصف النصوص با-;-ا مجازية على نحو إبداعي )) .
يمتاز النص الأدبي (( الإبداع )) باعتباره حديثًا مجازيًا ذا معنى مفتوح ..
بما يتناوشه من ميثولوجيا وما يعتوره من تشفير وتلغيز وترميز .. وهتك
فاضح للتراتيبية الكلامية .. وإيغال في الذاتية وتبادل للأدوار بين الأشياء
والواقع والتاريخ تلبيسا للمعنى وكسرًا لقوالب دلالة المبنى .. الأمر الذي
يسجل رغبة عارمة لدى المتلقي / القارئ في إزالة الالتباس في معاني
الحديث ا-;-ازي بالتوافر على المعاني الدلالية / الحرفية التي يتضمنها النص
وتلك هي مهمة النقد الأدبي بصفته كلامًا مقننًا ومغلقًا يوفر المعنى المفهوم
21
.. وبذلك قد يكون النقد – الذي يقدم المعنى – إشكاليا لانه يدعي
لنفسه حق إغلاق المعنى .. عندما ينفرد في تفسير نص ما رافضًا القبول
بإمكانية تفسيرات أخرى .. ناسيًا انه قد يكون عرضة للتعرية والكشف
ثانية وهكذا دواليك .. وبذلك يكون النص -الإبداعي والنقدي – هو
انزلاق المعنى – تحت سلسلة مجازية – لعملية التفسير التي أصبحت(( لعبة
افعوانية شيطانية )) وترتيبا على ماتقدم يمكننا القول إذن .. (( إن النص
الحرفي لايمكن ان يوجد الا كامتداد للنص ا-;-ازي ، وذلك لانه يشكل
معناه ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل