الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آفاق تكنولوجيا المعلومات

محمد كمال

2014 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية




تكنولوجيا الاتصالات، من هاتف المخترع الامريكي ألكسندر جراهام بيل إلى الهاتف النقال «أى- فون» للمبدع المعاصر ستيف جوبز إمتزاجاً مع عبقرية البرامج الناعمة في عالم الكومبيوتر وتكنولوجيا المعلومات لعدد من عباقرة حساب الرياضيات وإلكترونيات الحاسوب، تفجرت ثورة فاقت كل الثورات العلمية والتكنولوجية السابقة بمستويات قياسية غير مسبوقة تكاد أن تلامس الخيال، فما كان بالأمس خيالاً علمياً أصبح اليوم أجهزة وأدوات في أيدي عامة العامة من الناس حتى الأطفال، وأصبحت أجهزة الاتصالات الذكية في متناول جيوب الجميع، حتى أنها صارت مرادفة ومتوازية للهواء الذي نستنشقه في كل لحظات حياتنا.
مع هذه التكنولوجيا الذكية في أدواتها المتداولة أصبحت وسائل ووسائط التواصل الاجتماعي المتعددة في أنماطها المتماهية والمتلاطمة تتوالى الرسائل عبر قنواتها الأثيرية من أقصى الارض الى أقصاه، وفي تنوعات من نص وصورة ساكنة صامتة وصور متوالية متحركة ناطقة، وفي أكثرها لا يُعْرَفُ أصحابها المبادرين بها، وجل ما تفعله الكثرة الغالبة من مستخدمي هذه الوسائط هو الاستلام والنقل والتوزيع، وهناك من الناس من يعمل طوعاً ودون وعي على نشر ما يستلم، وهكذا فان الرسالة، وبأشكالها المتعددة، تنتشر بين الناس كالنار في الهشيم.
الكثرة الكثيرة والمتباينة في المواضيع والمتعددة الاتجاهات ليست مواد معرفية أو ثقافية بريئة ولكنها مواد تحمل في ثناياها رسائل مبطنة وأخرى صريحة تستهدف المتلقي للتأثير عليه إما تحريضا على فتنة أو تحريفاً لمعلومات او نصوص أو تشويهاً وتجريحاً لرموز دينية أو سياسية أو إجتماعية، والنهج العام في صياغة الرسائل المقروءة وتشكيل الرسائل المرئية هي إخراج الموضوع عن سياقه الأصيل بالبتر والتطعيم تحقيقاً للأهداف المرسومة، وهذه المواد المرسلة عبر الأثير الى عامة الناس لها منابعها وأهدافها ولها المخططون والمنفذون، بينما المتلقي من غالبية عامة الناس يستمتع بشرب تلك السموم زلالاً، وتفعل السموم فعلتها في تلويث الأذهان والعقول وتأجيج النفوس، والمحصلة الحاصلة لهذه السموم هي تشتيت الأفكار وتأليب النفوس على النفوس دفعاً بالناس الى محارق الفتن والاقتتال.
هذه المواد المرسومة والمخططة لدفع المواطنين إلى هاوية الفتن تركز في مواضيعها على الجوانب الدينية والمذهبية والسياسية واسترجاع نصوص تاريخية في أكثرها ملفقة على التاريخ، وهي تتناول هذه المواضيع بطريقة فجة ومبتذلة دون أدنى إعتبار لاحترام المتلقي ، خاصة وأن أجهل الجهلة يمكنه أن يفتي بأرائه في هذه المواضيع دون حاجة لعلم أو معرفة في أبجديتها، وملكة الكلام والتصور الذاتي مع التأثر بالمحيط هي نبع المعرفة عند الغالبية في تناولهم لهذه المواضيع، وهذا الفريق الكبير من المتلقي لا تعوزه الحاجة الذاتية لاكتساب علم هذه المواضيع من مصادرها الأكاديمية أو من متون كتبها الأصلية والمعتمدة، وهكذا تتمكن هذه المواد المسمومة أن تسلك طريقها إلى نفوس هذه الفئة الكبيرة من الناس وتلوث أذهانهم بالمفاهيم المحرفة دون أدنى رادع، لأنه لا إرادة لأية سلطة على فضاء الأثير المحمول والناقل لنتاج أحدث التكنولوجيات البشرية إلى يومنا هذا.
هذه التكنولوجيا التي قربت الواقع الى الخيال والتي أنتجتها عبقريات فائقة الذكاء، أفرزت للبشرية عُمْلَةً، ككل العملات، ذات وجهين متناقضين، وبيد الجاهل والعالم، بيد الصالح والطالح، وكل يغرف من هذه التكنولوجيا حسب أهوائه ومصالحه، إن خيراً أو شراً، وهكذا الحال مع معظم المنتوج العلمي والتكنولوجي. صار الاعلام الرسمي والتقليدي شيئاً مركوناً في زاوية الإهمال واللامبالاة، لأن الذي أصبح في متناول يد الخاصة والعامة من كبير وصغير، من منتوج هذه التكنولوجيا، يتخطى ذاك الاعلام التقليدي في ألكم الهائل المتدفق من المعلومات والأخبار وبسرعة تختصر المسافة الزمنية إلى ما يقارب الصفر بين الحدث وإنتشار أخبار ذاك الحدث، أية معلومة جديدة أو حدث جديد وفي أية بقعة من أركان الكرة الأرضية هي رهن إشارة نقر زر على أجهزة التواصل الاجتماعي وتكنولولوجيا المعلومات، إضافة إلى أن الرسائل الشخصية المتبادلة بين الأفراد تتردد بين المرسل والمتلقي، وبغض النظر عن المسافة بينهما، وكأن مجلساً يجمعهما وجهاً لوجه.
عندما نتحرى بيانات إحصائية، في ذات أجهزة التواصل، عن وجهة وأهداف الناس في الاستعانة بهذه الأجهزة، فان الأغلبية الغالبة تتجه الى فضاءات المتعة والترفيه بكل صنوفها من راقية نظيفة إلى دونية مبتذلة. والتواصل بين الأفراد، كذلك في ألاغلب الغالب، غير ذات قيمة معرفية ولا إجتماعية، ولكن أسوء الاستعمالات هي تلك التي تصب في إتجاه الحملات الإعلامية المتضادة والتحريضية الى مستويات الفتنة المقصودة وغير المقصودة، وهذا المنحى من التداول الإعلامي مع هذه الأجهزة هو الغالب في منطقتنا العربية خاصة مع حرارة الشئون السياسية وما نعيشه اليوم فيما يسمى بالربيع العربي بوجهه السياسي وتبعاته الطائفية والعرقية.
هذه التكنولوجيا مكنت الأفراد والجماعات، الخارجة على القانون والخارجة على الأعراف والمنزوية تحت عباءاتها الأنانية أو الفئوية الخاصة وبالأخص الجماعات الإرهابية، من أن تخلق لنفسها منظومة إعلامية رخيصة وذات فاعلية عالية، فالجماعات الإرهابية، وهي الأخطر، إستطاعت أن تستثمر هذه المنظومة الإعلامية في إستقطاب الأفراد، من أركان الارض قاطبة، الى أفكارها والانضمام الى تشكيلاتها السياسية والعسكرية العاملة، وتمكنت من الانتشار والتوسع في المجتمع وعلى الارض في فترات زمنية قياسية غير مسبوقة، وهذه المنظومة تمكنها كذلك من إستحصال المال المطلوب لمشروعها بالتوجه الى متطوعين معينين وبالاستثمار في حقائب استثمارية كثيرة وكذلك بالابتزاز والدخول في تجارة الممنوعات، وليس بخاف على أحد بأن خلايا المخابرات العالمية يهمها أن تتعقب هي الجماعات بمختلف صنوفها لكي تستفيد منها، إن بشكل مباشر وبعلم من قيادات هذه الجماعات أو بشكل غير مباشر ودون علم قيادات هذه الجماعات.
فالمجتمع الانساني العالمي بمنظوماته المتعددة، سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية وعقائدية، أمام منعطف تاريخي حرج وحاد، إن إنبعاثات هذه المنظومة الإعلامية المشاعة والمتجددة تطوراً، تحسسنا أن القوادم من الايام تحمل في أرحامها ولادات جديدة لم تكن في عهدة البشر، وأن نمطاً حياتياً جديداً يقرع الأبواب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع