الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمم الحية ومواجهة تحدياتها الوجودية

نبيل علي صالح

2014 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تمر سوريا اليوم بأزمة خطيرة ووجودية للغاية.. وتعد مدينة اللاذقية إحدى المدن التي لا تزال حية وحاضرة كمعلم على نبض الحياة للفرد السوري الذي يأبى إلا أن يعيش ويعمل ويبدع وينتج..

نعم، باتت اللاذقية اليوم مدينة صاخبة، مزدحمة جداً طوال الوقت.. فالشوارع هي هي كما كانت في السابق، لم تتغير ولم تتطور... بالعكس زادتها المخالفات وسوء الإدارة والتخطيط ازدحاماً وقلة نظافة (كي لا نقول شيئاً آخر!!!).. والمحال والمقاهي والمطاعم العامرة بروادها اتسعت وتكاثرت في ظل قلة التدبير وازدهار الفوضى والفساد والمخالفات السكنية وغير السكنية.. حتى الأرصفة في هذه المدينة (الهادئة والبعيدة نسبياً عن ساحات المعارك، والتي أضحت قبلة للحلبيين وغيرهم من مختلف أبناء المدن السورية الأخرى التي تحتدم فيها المعارك الحربية) أقول: حتى تلك الأرصفة المخصصة لسير المشاة، باتت كراجات للسيارات الكثيرة، وأمكنة لصف عربات الخضرة، ومواقع لعرض ونشر بضائع وسلع بصورة عشوائية مجهولة المصدر، وبلا أي نوع من الرقابة أو المعايير (بسكويت ومنتجات غذائية مصنعة للأطفال تعرض في أكياس كبيرة بلا تغليف، ولا تاريخ صلاحية، ولا خاتم رقابة، ولا ما يشير إلى صلاحيتها للاستخدام البشري)... والكل يقول لك: "لا تدقق، خلّي هالناس تعيش".. "خطي حرام، والله حرام!!!".. ولا أحد يقول لك مثلاً: "نهب الدولة حرام، والنيل من هيبة الدولة والقانون حرام، والاعتداء (السطو نعم السطو) على الملكية العامة والحق العام حرام، والتغاضي المقصود -من قبل المسؤولين- عن كل ما تقدم حرام حرام!!!"..

المهم: سادتي الافاضل:
كان عرض الشارع أيام زمان 8 او 16 متر بات اليوم أقل من 3 متر.. بسبب الفوضى والمخالفات وانعدام تطبيق القانون..

نقولها بأسف ومرارة، وبنظرة نقد موضوعية أيضا تستوجب المحاسبة والمساءلة لمن هم في سدة القرار:
لو كان عندنا إدارة أزمات حقيقية في مختلف المؤسسات التنفيذية المعنية بالشأن العام، من بلدية وخدمات وشركات بنى تحتية وغيرها، لتم ضبط وتنظيم وإدارة الأمور -مختلف شؤون ومصالح الناس- على غير الطريقة والوجه (التلقائي التبسيطي) الذي ضبطت وأديرت فيه، وأدت إلى ما نحن فيه من فوضى وفساد ومخالفات!!.. (هل يعقل أنه وخلال 3 سنوات فقط من عمر الأزمة بنيت أكثر من (10) عشرة آلاف مخالفة باللاذقية!!! دون علم البلدية إلا بـــ (200) (مائتا) مخالفة منها فقط!!!!!!!!!!!) على سبيل المثال لا الحصر..

طبعاً، الأزمة امتدت واستطالت عدة سنوات، ولا أحد يعلم إلى متى ستطول، ومتى ستنتهي؟.. لهذا:
ألم يكن من المنطق والعقلانية وحسن التدبير (ومنشان ما حدا يزعل: وحس المسؤولية والواجب الوطني الملقى) على تلك المؤسسات، العمل على تخليق وإبداع حلول تنظيمية خلاقة للمشاكل التي نتجت عن الأزمة، على مستوى ضبط المخالفات، وإيقافها، وكسر إرادة المخالفين، وتنظيم الطرق المرورية، وتنشيط العمل المهني، وتنظيم مسارب المدينة، بمداخلها ومخارجها، وتمكين الناس من مصالحها بطرق أخرى أيسر وأسهل وأقل تكلفة.... وووالخ..

عندما تسأل، الكل يجيبك: يا اخي الا ترى الازمة..؟!! في محاولة منهم -على عادة كثير من مسؤولينا- للفرار والهروب من مواجهة الحقائق المالحة والجارحة الحاضرة، والتهرب من مسؤوليتهم وواجبهم بدفع المشكلة نحو الأمام دونما البحث عن حل وبديل، خالقين لأنفسهم أزمات اكبر!!!.. وكأن المسؤول عندنا يأتي فقط ليتمتع بمزايا منصبه (وكي لا نظلم مسؤولي هذه الايام: ما تبقى من مزايا!!)، ليجلس وراء الكرسي الدوار، ويتمتع بمزايا مسؤوليته الشخصية، ويوقع البريد اليومي، ويتحكّم بالخلق، ويجري بضعة مكالمات، ويعقد عدة اجتماعات، ويتداول (مع باطنته ومع المقرّبين والحواشي والأزلام!!) بمصالحه الخاصة الأهم والأشد حضوراً في تفكيره... ووالخ..

(أحد أصدقائي المسؤولين، أجابني على أسئلتي السابقة، أنه لا مزايا ولا من يحزنون.. خاصة حالياً.. وأنه –هو شخصياً- زاهد في منصبه، ولا يريده، وأنه وأنه الخ.. قلت له: إذاً، طالما أنك زاهد، وأن هذا الموقع مكلف لك، وليس فيه أية مزايا شخصية كما تقول!!.. ولا يجلب لك سوى الهموم والسهر والتعب والبقاء خارج المنزل بعيداً عن أطفالك طوال الوقت هنا وهناك وهنالك... إذاً، تحلّى ببعض (أو بقليل) الحكمة والشجاعة والجرأة الأدبية، وتخلّى عن موقعك ومسؤوليتك، لمن يمكنه القيام بمسؤوليته، بصورة أفضل منك.. فصمت ولم يجب البتة!!..)..

ملاحظات نقدية عابرة:
1- لو حسبنا حصة الدولة قانونياً من تلكم المخالفات البالغة كما قيل لنا، أو كما نقلته بعض الجهات (نحواً وعشرة آلاف) مخالفة لكانت حصتها تقريبياً كما يلي:
10000 (مخالفة)× 800000 (ضرائب هندسية ومخططات وتراخيص ورسوم نقابة ومالية وغيره) = 8000000000 ليرة سورية (ثماني مليارات ليرة سورية).. نسأل: أين ذهبت تلكم الأموال أو كثيرها أو قليلها؟!!

2- كل الدول مرت (وتمر) بظروف استثنائية صعبة ومعقدة.. ومعظم البلدان واجهت تحديات مصيرية... ولكن كثير منها (أي من تلك البلدان والأمم الحية) لم تقف، ولم تركن، ولم تهدأ، ولم تتكاسل، أو تتغابى أو تهرب من مسؤوليتها في العمل والتنظيم والبناء حتى في أصعب وأحلك الظروف الحربية.. بالعكس كانت تبدع، وهي تعيش في عمق أزماتها، وتنتج وتخلق حلولاً صحيحة وجدية لأمراضها وكثير من أزماتها..
أما نحن، فلا نزال -للأسف- من أصحاب وأتباع اللقمة الجاهزة، أفراداً ومجتمعات..
..نعم، هكذا تمت تربيتنا.. و"هيك عودودنا!!!".. أعني: الأهل والسادات والكبراء وأهل الخبرة والرأي والدراية.

3- صديقي المسؤول، قبل أن تأتي لموقعك، عليك أن تفهم وتدرك، أن هناك فارقاً وبوناً شاسعاً بين النظرية وبين الفعل.. بين التنظير الاستراتيجي وبين النتائج المنشودة التي يجري تحقيقها على الارض.. والقدرة على التعامل مع التداعيات والمخاضات واستمرار القدرة على إدارتها.. عزيزي: هل تعي وتدرك ماذا أقصد؟!!!...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف