الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرق والخليج يدا بيد ضد داعش .. صحوة متأخرة أم ماذا ؟

فارس حميد أمانة

2014 / 10 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


حشدت الولايات المتحدة الأمريكية تحت قيادتها ما يقرب من خمسين دولة لشن الحرب ضد تنظيمات الدولة الاسلامية أو ما يسمى بداعش فمنها ما تقع عليه مهمة تنفيذ الضربات الجوية بعد تحديد الأهداف ومنها ما يقدم المساعدات الانسانية التي تتضمن حتى القبول باللجوء الانساني للمهجرين والفارين ومنها ما تقع عليه مسؤولية تقديم الدعم اللوجستي المتمثل بتهيئة الأجواء والقواعد العسكرية أوالدعم المالي وهكذا .. ان الغريب واللافت للنظر اشتراك السعودية ودول الخليج العربي وبقوة في هذا التحالف ثم لاحقا تركيا التي شككت في باديء الأمر بجدوى هذا التحالف رغم ما معروف عن تلك الدول دعمها الرسمي وغير الرسمي ومن خلف الستار لتلك التنظيمات الارهابية .. ما السر في انضمام دول لمحاربة تنظيمات ارهابية مسلحة ساهمت هي بصنعها وتمويلها وتقديم الدعم الكامل لها ؟

لفهم ذلك علينا أن نرجع عقودا للوراء لفهم تركيبة المنطقة السياسية والاجتماعية والأنظمة الحاكمة في تلك الدول وسنبدأ بشكل عام ثم أتطرق لاحقا لبعض الخصوصيات لدول معينة في المنطقة .. تتوسط منطقة الشرق الأوسط دول وأنظمة لها تاريخ وظروف وثقافة تختلف نوعا ما عن غيرها فالمملكة العربية السعودية دولة غنية جدا وهذا ما سهل لها أن تكون لاعبا اقليميا مهما جدا في المنطقة كما انها تمتاز بكونها مهبط الوحي والرسالة الاسلامية مما يمنحها بعدا روحيا قياديا لكل الدول الاسلامية بل والمسلمين في كافة بقاع الأرض .. ان نظام الحكم في هذه المملكة كما هو معروف نظام ملكي وراثي يعتمد في بقائه واستمراره أساسا على مبدأ الولاء والطاعة للحاكم ( وهو هنا استمرار أو بديل مبطن للخليفة ) مع عدم الخروج أو حمل السلاح ضد الحاكم مهما كان مع شعبها الذي يتمذهب غالبيته العظمى بالمذهب الوهابي السلفي الذي أنشأه الداعية محمد عبد الوهاب انطلاقا من بلدته الدرعية في بداية ثلاثينيات القرن الثامن عشر وهو امتداد لأفكار ابن تيمية المتشدد الذي سبقه بقرون الا انه فشل في نشر عقيدته لأسباب لا مجال لذكرها هنا ..

ان حاجة العائلة المالكة للاستمرار في بقاء حكمها قويا لا اعتراض عليه دعاها بشكل كبير للاستناد على فتاوى العقيدة الوهابية المتشددة في عدم الخروج على طاعة الحاكم وهو هنا ولي الأمر ( وأشير هنا ان العقيدة الوهابية تعيب على الامام الحسين بن علي خروجه على طاعة ولي الأمر معاوية بن أبي سفيان لنفس السبب ) .. ان هذا الاستناد الشديد والمصيري لبقاء العائلة المالكة دعاها لاسناد وتمويل الحركات المتشددة التي تدخل هذه الفتوى ضمن ايديولوجيتها ومنها حركات الاخوان المسلمين في مصر وتركيا وحماس وتنظيمات داعش المتطرفة .. كما ان الصراع الآيديولوجي بين الفكر العقائدي الوهابي الذي تتبناه المملكة العربية السعودية والفكر العقائدي الشيعي الذي تبنته ايران قسرا قبل بضعة قرون قد جعل هاتين القوتين الاقليميتين ايران بعمقها الحضاري وقوتها الاقتصادية النفطية وتزعمها للدول المتبنية للفكر الشيعي وبالمقابل المملكة العربية السعودية اللاعب الاقليمي الآخر بتزعمه لسنة العالم الاسلامي حكومات وشعوب وبقوتها الاقتصادية النفطية الهائلة وعلاقاتها المتينة مع الغرب مع وجود تركيا ذات التوجهات العثمانية التي حكمت أجزاءا كبيرة من العالم لقرون عديدة ومن ضمنها المنطقة نفسها والتي تعتبر نفسها المحامي عن المسلمين السنة واقفة مع السعودية والخليج ضد التوجهات الايرانية .. أقول كل هذا قد جعل من المنطقة بؤرة صراع سياسي شديد يتخذ من المذهب والعقيدة لباسا والمتضرر الوحيد منه شعوب المنطقة .. ان الدعم الايراني لحكومة عراقية تنتمي لنفس المذهب مع الدعم الموازي لحرب بشار الأسد وحزب اهية اللبناني ضد مسلحي تنظيمات الدولة الاسلامية قد تزامن مع دعم سعودي وتركي وخليجي لهذه التنظيمات الارهابية المسلحة حيث تبنت المملكة تهيئة وتغذية واسنادا لوجستيا ضخما لتقوية بنية ايديولوجية العقائد السلفية ومنذ عقود من الزمن ..

من ناحية آخرى وبنظرة على دور قطر فاننا نرى دولة صغيرة جدا بالمقياس الجغرافي لكن بامكانات اقتصادية كبيرة جدا تتمثل بالكميات الضخمة المنتجة من البترول والغاز الطبيعي الحيوي جدا لاقتصاد أوربا والعالم .. ان صغر هذه الدولة ووقوعها جغرافيا قرب ايران ذلك الخطر القائم باستمرار وتجارب البحرين المرة مع الاضطراب السياسي الذي تعاني منه والذي لا يمكن اغفال الدور الايراني في اسناد المعارضة الشيعية في البحرين مع تجربة مرة وقاسية وليست بعيدة عن قطر وهي تجربة ضغط الحوثيين الشديد وتغييرهم للحكومة الحالية في اليمن بالقوة كل هذا يعتبر دافعا قويا لقطر لتقديم الدعم والاسناد للحركات الدينية السلفية التي تقع في الطرف العقائدي الآخر من الخط العقائدي الايراني .. وبالطبع فان تبني فكرا ينادي بعدم الخروج عن طاعة ولي الأمر ساهم في الابقاء لفترة طويلة على كل العوائل المالكة في السعودية وبقية دول الخليج ..

لقد بدلت التنظيمات المسلحة اسمها السابق " داعش " الذي يدلل على حلم تلك التنظيمات باقامة دولة اسلامية في العراق والشام الى الاسم الجديد " الدولة الاسلامية " والذي يدلل بشكل قطعي لا يحتمل الجدال على تمدد حلمهم ليصبح اقامة دولة اسلامية في كل المنطقة وربما كل العالم وهذا لن يتم بالطبع الا على أنقاض حكم العوائل المالكة في المملكة العربية السعودية والخليج اضافة الى بقية دول المنطقة كسوريا والعراق والأردن وتركيا وبالتالي التمدد لبقية دول العالم .. ان هذا بالذات ما أقلق الدول التي كانت ساندة وداعمة للتنظيمات السلفية المتشددة بما يبدوا كانقلاب السحر على الساحر .. السؤال هنا ان كانت تلك هي الحقيقة فعلا أم انها فصل مسرحي آخر في نظرية المؤامرة التي يتبناها غالبية شرائح المجتمع ومنهم كاتب السطور ؟

من جانب آخر نرى تركيا التي ساهمت بشكل خطير في صناعة الارهاب في المنطقة تقف باديء ذي بدء مع تلك التنظيمات دعما وتغطية لأسباب كثيرة .. فمن المعروف ان الطاقة تحرك اقتصاد العالم وتركيا لا تتوفر على مصادر طاقة البترول ما عدا المصادر المتأتية من المياه لذا فان خلخلة الوضع الأمني وحصولها على البترول من داعش عبر المهربين بأسعار لا تتجاوز ثلث سعره العالمي يجعل اقتصادها أمتن وأكثر استقرارا .. كما ان تركيا استخدمت داعش لكبح جماح الأكراد في سوريا وبالتالي جعلته شوكة في جنب تنظيمات حزب العمال الكردستاني في تركيا واتباعه في سوريا والعراق على حد سواء وهو عدوها التقليدي لتكسب نقطة ثمينة في صراعها مع الأكراد ذوي التوجهات الانفصالية والمستمرة منذ ثمانين عاما .. كما ان سقوط 46 رهينة من الدبلوماسيين الأتراك في الققنصلية التركية في الموصل لأكثر من ثلاثة أشهر جعلها تقف موقفا محايدا من مسألة اشتراكها في التحالف الدولي العسكري لضرب داعش وان أقصى ما حصلت عليه الولايات المتحدة الأمريكية من دعم تركي باديء الأمر هو السماح للمقاتلات الأمريكية والغربية باستخدام قاعدتها الجوية انجرليك في الجنوب .. لكن .. ما الذي حدث من جديد الأمر لتغير تركيا من موقفها للدخول الجدي والفاعل لضرب التنظيمات الارهابية المسلحة ومن ضمنها تنظيمات داعش وجيش النصرة ؟

ان صفقة اطلاق سراح الرهائن الأتراك مع داعش والتي لعبت فيها قطر دورا رئيسا كما حدث في حالات تفاوض وصفقات أخرى عديدة قد جعل تركيا في موقف أقوى للدخول الجدي والفاعل ضمن التحالف وللبدء في فصل جديد من تلك الحبكة المعدة سلفا .. كما ان الاقتراب الخطير لمسلحي داعش من حدوده الجنوبية في بلدة عين العرب كوباني التي لا تبعد أطرافها عن خط الحدود التركي السوري سوى بضع مئات من الأمتار جعل تلك التظيمات خطرا حقيقيا على تركيا ولا يمكن السكوت عنه .. من ناحية آخرى فان تركيا الطامحة للانضمام للاتحاد الأوربي ستثبت لهذا الاتحاد ان تركيا تحارب الارهاب وليست معه وهذه هي أهم مفردات الاتحاد الأوربي .. ان لعب تركيا لدور قوي ومتميز في التحالف سيكون لها الأمر الأفضل من اعتماد الولايات المتحدة والغرب على الأكراد لمحاربة داعش حيث ان الأكراد هم العدو التقليدي لتركيا لكون استخدام الولايات المتحدة للأكراد في محاربة داعش يستدعي تسليحهم كما حدث فعلا مع البيشمركة وهو جيش الاقليم وهذا التسليح بالتالي سيفاقم خطر الأكراد الانفصالين على تركيا .. الحكومة التركية التي تبنت القبول بالمشاركة بالتحالف طرحت مشروعها المتضمن اقامة منطقة عازلة داخل الحدود السورية مع النظر بامكانية المشاركة بقوات برية داخل سوريا وهذا قد يكون خطيرا جدا على وحدة سوريا حيث ان لتركيا أطماع قديمة في ارجاع سوريا ( وولاية الموصل ) التي لم تعترف بها عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية حيث ان القوات البريطانية والفرنسية دخلت ولاية الموصل وسوريا بعد استسلام تركيا مزيحة الجيش التركي المرابط في هاتين المنطقتين وهذا موضوع مهم وخطير ويستحق مقالا لوحده ربما أتطرق له بشيء من التفصيل لاحقا ..

ان تمرد داعش ( المسرحي ان تقبلنا نظرية المؤامرة ) على صناعها في المنطقة وتهديدها لكل تلك الأنظمة قد حفزها أي المنطقة للمساهمة الجدية في الحرب التي ستساهم بشكل كبير في تخفيف تحمل تكاليف تلك الحرب من جانب الولايات الأمريكية المتحدة قائدة التحالف لذا رأينا بوضوح تبدل القناعة لدى الأتراك في مدى المساهمة وتبدل دور قطر في اسناد التنظيمات مع طرد بعض القيادات من الاخوان المسلمين المنفيين في قطر وتبدل رأي مفتي المملكة العربية السعودية باعتبار تنظيمات داعش جماعة غير اسلامية رغم انني أظن ان تلك الرسالة أو الفتوى أعلنت على مضض وليس عن قناعة تامة .. سيخبرنا المستقبل بالمزيد كما أعتقد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية