الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواقف المؤسسات المالية الدولية من أزمة المديونية الخارجية للبلدان النامية - ضمنا الأقطار العربية

أشواق عباس

2005 / 8 / 20
الادارة و الاقتصاد


النقطة الأساسية التي ننطلق منها هو أن الدول الرأسمالية المتطورة و المؤسسات الاقتصادية التابعة لها لم تهتم بأزمة المديونية الخارجية للدول النامية ، إلا بعد أن أصبحت هذه المسألة تهدد مصالحها . و خاصة بعد إعلان المكسيك عام 1982 عن تعليقها المؤقت لتسديد دينها الخارجي ، الأمر الذي احدث قلقا في الأوساط المالية الدولية .
أولا : موقف صندوق النقد الدولي :
من بين الوكالات الدولية الرئيسية الثلاثة ينفرد صندوق النقد الدولي في محاولة التأثير على سياسات أعضائه بدور معد له بوضوح شديد في تشريعاته و مكرس لهه رسميا اشد تكريس . و من ناحية أخرى فإن سياسات صندوق النقد قد تطورت بقدر كبير منذ أن أقيمت أول الأمر ، و أصبحت أولوياتها مختلفة الآن عن تلك التي كانت مقتصرة عليها في بريتون وودز .1946 بل أكثر من هذا فإن الصندوق متداخلا بذلك العمق في سياسات الدول غير الصناعية ، حيث أن القصد كان تشجيع ظروف التبادل المنظمة ، و بالذات بين بلدان شمال الأطلسي . فوفق آلية التصويت فيه و التي تقوم على أساس امتلاك الحصص ، أي أن التصويت يكون في مصلحة الدول ذات الفائض الاقتصادي . و بناء على ذلك و نظرا للدور الخطير الذي يلعبه الصندوق في إدارة أزمة المديونية الخارجية على الصعيد العالمي . فإنه أصبح الآن أحد القوى المسيطرة في توجيه هذه الأزمة و إدارتها طبقا لرؤيته الخاصة و المسيطرة في معالجتها .
فالصندوق ينطلق من أن الأزمة تنبع أساسا من وجود إفراط في الطلب الكلي ، ناجم عن أخطاء السياسة الاقتصادية الداخلية و يؤدي إلى اختلال داخلي و خارجي .
الاختلال الداخلي : يظهر بزيادة قوى الطلب الكلي على قوى العرض الكلي . و هو يتبلور في وجود عجز كبير في الموازنة العامة للدولة ، هذا يؤدي إلى خلق فائض عرض في النقود يفوق اعتبارات التوازن النقدي ، و هو ما يؤدي بدوره إلى ضغوط تضخمية .
الاختلال الخارجي : ينعكس في زيادة الواردات على الصادرات ، الأمر الذي يستدعي الاستدانة وتراكم الديون . و يعتمد الصندوق في تحليله هذا على فكرة أساسية هي أنه إذا كان البلد المدين يواجه عدم توازن خارجي ، فإن ذلك ينعكس في زيادة عجز الحساب الجاري ، الأمر الذي يتطلب زيادة الاقتراض الخارجي لتمويل هذا الاختلال .و يتابع الصندوق ليقول إذا كان الاختلال نتيجة عوامل متأصلة و مستمرة في ذلك البلد ، و لم يتخذ إجراءات ضرورية للتكيف ، فإن الحكومة سوف تلجأ لمعالجة هذا العجز عن طريق موارد خارجية . و بالتالي فإن حجم الدين سيزداد و سيصل البلد المعني إلى مرحلة يصبح فيها غير قادر على خدمة ديونه ، و بالتالي يفقد مصداقيته النقدية و يصبح من غير الممكن أن يقترض من جديد .
هذا التشخيص و ما ينطوي عليه من إجراءات سمي بمصطلح برامج التكييف أو برامج التثبيت الاقتصادي . و الذي يتمسك به الصندوق بشكل تعسفي و لاسيما عندما تضطر الدول المدينة إلى السحب من موارده المشروطة ، و الامتثال لتلك الإجراءات هو الشرط الأول للحصول على القروض .
لذا يرى الصندوق أن الحل يكون بالقضاء على فائض الطلب ،و استعادة التوازن عن طريق الحد من سرعة نمو الإنفاق العام الاستثماري ، و إلغاء الدعم السلعي و تحجيم نمو القطاع العام و تجميد الأجور و الحد من الخدمات العامة الاجتماعية . و يعتقد الصندوق أن ما تحتاج إليه البلدان المتخلفة من رأس مال أجنبي هو الأموال الخاصة ، لذا يجب خلق مناخ استثماري ، وهو ما يتطلب رفع القيود عن المعاملات الخارجية ، و تحرير التجارة و تخفيض سعر صرف العملة . و من خلال هذه الإجراءات فقط سيتجه العجز الخارجي نحو الانخفاض ، فتزيد الصادرات و تقل الواردات (أي ما نستطيع تسميته بروشيتة الصندوق ) هذه طبعا المطالب المشروعة التي يطلبها الصندوق بشكل علني ، لكن هناك مطلب أخر أهم منها جميعها لأنه هو الذي يسبقها ليمنحها المشروعية و يسقط المشروعية عن المواقف المعادية له . إلا أن هذا المطلب غير المعلن يوكل العمل به إلى الأجهزة المخابراتية و العمل الدبلوماسي السري غالبا . و هو تخريب اقتصاديات لهذه الدول من الداخل و حصارها من الخارج لإيصالها إلى مرحلة الإفلاس ، و لإيصال شعوبها إلى حالة الكفران بكل الطموحات التحريرية التي ناضلت من أجلها. و تحميلها ثمنا باهظا لكونها استسلمت لهذه الطموحات ذات يوم ، قد يصل إلى إفنائها بالمجاعة أو بالحصار أو بالحرب الأهلية . حتى تغلق كل السبل أما جماهيرها في إيجاد المخرج من الأزمات المتزايدة ، إلى أن تجد نفسها و ليس أمامها من مخرج إلا تبني تلك السياسة بنفسها ، و الوقوف وراء السياسيين الذين يرفعونها لتخرج الثورة المضادة في شكل ثورة شعبية عارمة من الداخل . كما حصل في دول أوروبا الشرقية و ليس على شكل مؤامرة خارجية كالمؤامرة التي أطاحت بالدكتور مصدق في إيران في مطلع الخمسينات ، و لم يتطلب الأمر في معظم الأحيان أي تغيير في هيكل الأنظمة بل تصدى لقياداتها غالبا نفس الأشخاص الطبيعيين الذين كانوا على رأس ثورات التحرر الاقتصادي بعد أن تحولوا إلى كلمة السر التي تحقق الانتصارات .
......... يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل


.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده




.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال


.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.




.. محمد رفعت: الاقتصاد المعرفي بيطلعنا من دايرة العمل التقليدي