الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في بطلان المنطقة العازلة

سيهانوك ديبو

2014 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


في بُطْلان المنطقة العازلة
سيهانوك ديبو

لم يعد مجالُ الاختلاف جائزٌ لمتناوليِّ الأزمة السورية بأن داعش هي ربيبةُ عديدٍ من الدول وباتت في اللحظة نفسها القاسم المشترك لدول تظهر العداء لأُخرياتها، في جمعهم يستخدمونها لإدارة أزماتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي الوقت نفسه فإن داعش تستخدمهم كلهم وفق أيديولوجيتها حتى تحقيق مأربها المسمى دولة الخلافة الإسلامية؛ منفردة. فداعش هي بالأساس مُستأجَرة ومستباحة وموجودة. لكن ما هو الملاحظ في شراكة هذه الشركة أن نسبة السهم التركي أصبحت متزايدة بعد أن اشترت حصص الآخرين أو تم إهداؤها النسبة، وتركيا التي تسابق الزمن للانضمام إلى الحلف الدولي العربي ضد داعش، ولكن بشروطها التي تصر فيها على إنشاء منطقة عازلة في الشمال السوري، ومن أجل ذلك فإنها حسمت أمرها داخليا بالانضمام إلى الحلف، بعد أن كُشِفت تواطؤها وبمستويات متقدمة وبدعم منقطع النظير لداعش: مادياً وعملياتيا ولوجستيا في عملية الهجوم على كوباني مؤخرا، وهذا المشار والمُعِّد له حاليا، إضافة إلى تحضيرها للمرحلة التي تليها مباشرة بعد أن تتحقق حلم تركيا في غزو داعشي- كليّ لكوباني ، والبدء في تطبيق المرحلة الثانية وهي الدخول الفعلي التركي إلى روج آفا ومن بوابة كوباني بعد أخذ الموافقة من البرلمان التركي وأيضا بعد تجهيز شخصيات وأحزاب كردية وبحمحمة ائتلافية (يُهلل) هؤلاء المستنشطون بالفيتامين التركي؛ للغزو التركي وسيتم وصفها بأنها المخلصة المساندة الآمنة لقضايا الشعوب!
مرّة ًأخرى؛ ماهي طبيعة ما تسمى بالمنطقة العازلة؛ الآمنة؛ السالمة التي تطرحها تركيا؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال لابد أن يتم الإجابة عن السؤال الأكثر أهمية: لماذا لا يتم تسليح وحدات حماية الشعب من قبل أمريكا وحلفائها الأور عرب؟ بطبيعة الأحوال أعتقد أن أوباما قد أجاب عن هذا السؤال في خطابه الذي تطرق إلى عزم أمريكا بتوجيه ضربات سماوية إلى تنظيم داعش في سوريا أيضا، وما أقصده بالتحديد هو تحديده المسبق للزمن الذي زعم فيه أوباما أنه الملبي من أجل (اضعاف) داعش؛ أي مدة ثلاثة سنوات. وهذه المدة لم يتم تحديدها بعبثية وخاصة بعد كل هذا الصمت الأمريكي للجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري سواء من قبل النظام أو من قبل الجماعات المتطرفة والمتمثلة بداعش وأخواتها المدعومة فكريا وماديا وبشريا من قبل (أصدقاء) سوريا وفي المقدمة الإقليمية تركيا وقطر وبأدوات تم اكتشافها واختراعها . وأمريكا وأروبا وكل دول العالم باتت تعلم مدى قوة وحدات حماية الشعب على مدى ثلاثة أعوام المنصرمة، كما أنها تعلم بمجرد دعم مثل هذه القوات(المجربة) ستكون النتائج الإيجابية المتحققة في اضعاف تنظيم داعش مبهرة لا تتجاوز النسبة الصغرى للمدة المحددة من قبل أوباما. والأخير الذي تولّى رئاسة أمريكا في أسوأ حالاتها الاقتصادية وفي أسوأ أزمة اقتصادية تتعرض لها أمريكا منذ العام 1938. ومن باب إيجاد تصريف لهذه الأزمة الممتدة منذ العام 2008 لابد من خراب هائل في جسم الشرق الأوسط؛ ما حدث ويحدث في ليبيا، والأمر عينه في مصر وتونس وحجم الدمار المقبل عليه اليمن. والدمار الحالي في البنية التحتية السورية والتي كانت آخرها بصواريخ أمريكية (ضلت) طريقها إلى الهدف والتجمعات الداعشية الظاهرة أمامها وتحويلها إلى هدم الصوامع في إدلب ودمار معمل البلاستيك في الرقة ودك معمل دير الزور للغاز وهو المصدر الأكبر للغاز والكهرباء في المنطقة الشرقية والوسطى من سوريا، ليس من العجب أن نعلم وبعد أكثر من ستة آلاف طلعة جوية على تنظيم داعش مقابل قتل بضع من جنودها وتدمير بعض من آلياتها، العجب أن معظم الصواريخ التي يتم استهدافها أو من المفترض أن يتم ذلك هي في أغلبيتها في الطور الثاني من انتهاء المفعولية ex- missiles بحسب معهد الشرق الأدنى للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أي لا بد من تصريف الآلاف من مثيلاتها أيضا. وأن مسألة التأخير المتقصد متعلق بالأزمة الاقتصادية في أمريكا وأروبا وإيجاد مداخل حل سريعة ( تكلفة الحرب)، ونتائج عالية التكلفة (اعادة اعمار سوريا والدول الأخرى) التي تحتاج بدورها إلى مئات المليارات من الدولارات حتى يتم اعادة استرداد منظرها إلى النقطة الأولى من مشهد الحراك الشعبي المُحرف دولتيا وداخليا من قبل المستبدين والمعارضات المستبدة.
وبالعودة إلى البعد القانوني والسياسي والإنساني في إنشاء مناطق العزل ولعل تجربة يوغسلافيا السابقة وكردستان العراق هي التي يمكن أن تؤكد حيثيات ومستوجبات إقامة مناطق العزل والحظر الجوي في أنها كانت موفيٌّة كل الشروط الواجبة إقامة مثل هذه المناطق. أي وجود شعب أو أقلية مهددة بالمجازر بالإضافة إلى وجود قوى شرعية محررة تحتاج فقط إلى الدعم الجوي كما كان هو الحال في شمال العراق ( جنوب كردستان). ولكن ما تعمده تركيا هي ترسيخ إعادة احتلال روج آفا ومقاطعة كوباني على وجه التحديد من قبل آلياتها الميدانية: داعش وآلياتها السياسية : الائتلاف وغالبية أحزاب المجلس الكردي الممزوج في الائتلاف بالإضافة إلى بعض الأقلام التي تحولت إلى عازفة كمنجات للسياسة التركية التي وبالضرورة لم تتفهم يوما ماهية القضية الكردية؛ بالرغم من حجز جميع الحجج من قبل حركة الحرية الكردستانية على تركيا التي تتدعي بأنها ترغب في حل القضية الكردية في باكور، بينما حقيقة الأمر أنها لن تقبل بالسهولة إنشاء أي نظام جديد يضمن حلا مجتمعيا للقضية الكردية كما هو الحال في مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية. ومن المهم أن نوضح أن حجم الضغوطات الممارسة على بعض الدول الأوربية ومنعها تسليح وحدات حماية الشعب كان كبيرا رغم الضغط الشعبي والبرلماني الأوربي في بعض الدول على حكوماتها ورغم توجه وفد الإدارة الذاتية الديمقراطية في زيارة وفدها الديبلوماسي من أجل التنسيق وابداء الجهوزية كي يكونوا طرفا ميدانيا مع الأسرة الدولية في محاربة الإرهاب. ومن ناحية أخرى ما تثيرها تركيا اليوم ومحاولتها الفارغة بأنسنة شرطها للدخول إلى الحلف الدولي بيافطة مستهلكة قلبا وقالبا وهي القضاء على داعش ومجابهة نظام الأسد؛ علما أن بقاء نظام الاستبداد في دمشق حتى اللحظة هي تركيا التي أسهمت لهذا البقاء من خلال دعمها لتنظيم داعش وأخواتها ومساندتها في هجوماتها على مناطق روج آفا وكل المناطق السورية الأخرى.

الحرب الشعبية هي المرحلة الثانية من مقاومة كوباني
البيان الأخير والمذيل باسم أحزاب المجلس الوطني الكردي في سوريا والادعاء الجديد بأنهم (سَ) يعمدون على تشكيل قوة عسكرية كردية جديدة مهما كلفت الأثمان؛ يكشف زيف وبطلان ادعاءاتها على الشعب الكردي في سوريا طيلة الخمسين عاما المنصرمة وتهافت سياساتها على قيعان الجهوية الخاطئة والمداعبة لكيدية مواقف وتحركات الخصوم والأعداء. ويبرز أيضا زيف الادعاءات بجهوزية ما سمّوهم " بيشمركه روج آفا" عددا وعدة. وهم الآن يلوّحون بالغير ويتوعدون بدعم من كتبوا عشرات البيانات مُغازلين داعش والنصرة وأحرار الشام وهم أبناء وبنات شرعيون للقاعدة، ويبدو الأمر أكثر وضوحا بعد أن أوعزت لهم تركيا أن دورهم سيتأتى في المرحلة الثانية من سقوط كوباني بيد داعش، وإيهامهم لذواتهم المتخمة بوعي تم استجلابه خارجا ومهاجرا فقط.
ثمانية عشر يوما هزت العالم؛ يمكن أن يكون العنوان الأفضل لجون ريد لو كان على قيد الحياة واستبدله بكتابه الأسطوري (سبعة أيام هزت العالم)، لقد أثبتت وحدات حماية الشعب طيلة الثمانية عشر يوما بعد السنتين أنها القوة الوحيدة وستبقى الوحيدة لأنها أثبتت على فاعلية المناحي الأخلاقية والاجتماعية وبأنها الأكثر جدارة كي تمثل إرادة شعب يتوق إلى حريته. لقد أوصلوا الفكرة واضحة متكاملة إلى جميع الشعوب الحرة في أنهم أشرس المدافعين عن عدالة قضية التغيير والتحول وإحقاق الحقوق الكردية في سوريا الديمقراطية التعددية، وأنهم جابهوا طيلة العامين المنصرمين أعتى القوى الإرهابية في العالم والتي خرّت جيوشاً أمامها؛ أن العالم الحر يعي كيف انهزم أكثر من ستين ألف مقاتل من الجيش النظامي في العراق ولبضع لحظات أمام داعش؛ مع العلم أنها لم تكن حينها تمتلك ربع ما تمتلكه الآن من كمية السلاح ومن ناحية العدد. وما حدث في شنكال التي لازالت تنزف على أمل تحريرها كاملة على يد القوات الكردستانية المشتركة ووحدات حماية الشعب جزء من هذه القوات. والمثال عائم ويطول ويخص أيضا الجيش النظامي السوري وتقهقره في الحسكة ولولا وحدات حماية الشعب لكان كانتون الجزيرة(ولاية البركة) حالياً. وعندما نذكر مثل هكذا مقارنات يجب أن لا يُفهم أن كوباني ستسقط؛ هذا أشبه بالمستحيل ويشبه أيضا سقوط السماء، وإنما مقصد الكلام أن المقاومة مستمرة وقد تدخل في مرحلة متقدمة وهي مرحلة الحرب الشعبية والمواجهة المباشرة وربما الاشتباك المتداخل، وفي مثل هذه الأوضاع الاستثنائية تكون الأدوات والآليات التي أدت إلى مثل هذه النتيجة لا تصلح أن تؤثر على التقدم، وما حدث في سري كانييه والجزعة وتل كوجر وما يحدث الآن في مبروكه إلا تكرار لهذا المشهد. الحرب الشعبية هي التي ستحسم الأمر في مثل هكذا أوضاع.
إن ما يحدث الآن في كوباني يمكن توصيفه أنها (مؤامرة) دولية من أجل اسقاط المقاومة الشعبية ومحاولتها ابعاد قوى التحرر الوطنية والمتمثلة بوحدات حماية الشعب والعمليات المتأسسة في كوباني وقامشلو وعفرين وبالتالي اسقاط مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية العدوة لمشروع داعش ومشروع القوموية البدائية. ومن المؤكد أن كلمة المؤامرة تعد من أبشع الكلمات التي يكرهها السوريين جميعا؛ بسبب كثرة استعمالها المزيف من قبل سلطة الاستبداد البعثي ومحاولاتها المستمرة التغطية على فشلها وعلى عملها المُعادي للشعب والإرادة الحرة في سوريا. لكن هذه هي الحقيقة المتعلقة بكوباني. وهي الحقيقة التي تبرز أن غالبية الحكومات العالمية غدت بمثابة السلطات المستبدة بمصائر شعوبها وشعوب العالم أيضا، ومثل هذه الكيفية المتوصلة إليها سلطات الاستبداد العالمية ستنعكس بشكل كمي ونوعي على شعوبها التي ستثور عليها بعد أن تفلس وتغدو جعابها فارغة من كل الحجج والزيف والبُطلان.
نلتقي في كردستان متحررة، نلتقي في كوباني الحرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش