الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيون ......وتحدي الأزمان (جوابا على مقالة سلوى زكو)

علي الصفار

2014 / 10 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


أثارت المقالة التي كتبتها السيدة سلوى زكو بعنوان (الشيوعيون وتبدل الأزمان ) شجون الكثير من العراقييين وهيجت جروح الكثيرين الساكتين والمصدومين بالإنكفاء الغريب للحزب الشيوعي منذ 2003 رغم كونه اقوى الأحزاب الشيوعية في الشرق الأوسط،لدرجة ى لم يعد له صوت يسمع.
المقالة جميلة وفيها الكثير من المشاعر الجياشة الصادقة لمناضلة شيوعية قدمت الكثير لوطنها وتعبر عن إحساس شيوعي إتسم دائما بالصدق لذلك هي مقامة في مديح الشيوعين العراقيين وهي كلمة إنصاف يستحقونها خاصة وإنهم لم يتلوثوا بما أصاب غيرهم من القوى السياسية التاريخية والجديدة التي تصدت للعمل السياسي بعد 2003 ،وقد تكون هذه حسنتهم الوحيدة حاليا.
وبالرغم من كون المقالة تمثل رأيا شخصيا، إلا إنها في تقديري تعبر- بدون قصد - عن رؤية القيادة الشيوعية الحالية المتصدية للعمل الحزبي الشيوعي للعقود الخمسة الماضية، وهي الجيل الرابع من القيادات الماركسية / الشيوعية وبالتالي فهي القيادة التي إلتحقت بالحركة الشيوعية في عز إزدهار العراق (الخمسينيات / الستينيات / السبعينيات) والتفتح النسبي لمجتمعه خاصة بعد التطورات الإقتصادية في خمسينيات القرن العشرين، وبالتالي كان الصراع خلالها محصورا بين الشيوعيين والسلطات المتعاقبة مع وجود تضامن واضح من المجتمع مع الشيوعيين، لذلك تتركز خبرتهم في أسليب مناهضة السلطات وتكوين الخلايا والحفاظ على التنظيم،بمعنى آخر لم يحتاج هؤلاء الشيوعيون للنضال المجتمعي أي النضال الذي يستهدف تطوير / تغيير المجتمع ومحاربة التقاليد البالية وهي المهمة التي تصدى لها بجرأة ماركسيو العشرينيات( حسين الرحال / محمود أحمد السيد ) وبعدهم إبراهيم عبد الفتاح وعاصم فليح وسامي نادر وشاركهم مثقفون معروفون مثل الزهاوي والرصافي واكملها شيوعيو الثلاثينيات والأربعينيت بقيادة فهد المتميزة ، ومن يراجع التاريخ سيعرف حجم معاناة أولئك الذين عاشوا في مجتمعات متخلفة تشبه كثيرا المجتمع العراقي الحالي من حيث شيوع الغيبيات وهيمنة رجال الدين،لكنهم لم يستكينوا بل تميزوا بجرأتهم في إنتقاد المجتمع غير مبالين بالنتائج حتى إن الزهاوي قال في 1928 :
ثوروا على العادات ثورة حانق وتمردوا حتى على الأقدار
وألف الرصافي كتابه (الشخصية المحمدية) في مدينة الفلوجة في الثلاثينيات، وكتب محمود السيد في الثلاثينيات كذلك اول رواية عراقية (جلال خالد) تسائل فيها بجرأة( إن كان الدين مصدر عذابات الشرق)، وكان الرحال يجتمع بجماعته في جامع الحيدرخانة، ولفهم العالم ذهب الى الهند والشيء نفسه فعله فهد في سفرته المعروفة للبلدان العربية وبعض دول العالم ،خلال تلك الفترة أدرك أولئك إن الخطوة الأولى تكمن في ( تنمية وعي إجتماعي متكافىء ومنع أعدائهم من إحتكار القانون والفضيلة) لذلك غيروا تكتيكاتهم لأكثر من مرة واضعين تطوير مجتمعاتهم كهدف أساسي لهم،وتمثل سنة 1929 حدا فاصلا بين تكيتكاتهم القديمة والتي بدلوها بالتركيز على توعية المجتمعات من خلال إعطاء النماذج ، لذلك تجرأت أمينة الرحال على نزع الحجاب كأول إمرأة عراقية تفعل ذلك ،وهناك أمثلة كثيرة نثبت إن الجماعات الماركسية والشيوعية في تلك الفترات كانت مستوعبة لحقيقة إن تطوير المجتمع هو الأساس في تبني الشيوعية بإعتبارها وسيلة لوطن حر وشعب سعيد ولم تكن الشيوعية غاية بحد ذاتها كعنوان، وبالتالي اكسبتهم المعارك المجتمعية خبرات مكنتهم من إمتلاك أدوات التغيير الإجتماعية والسياسية والإقتصادية وهو مالم يكن مطلوبا من القيادات الشيوعية الحالية التي بدأت في الستينيات ولازالت مستمرة، لذلك لاتتضمن أدبيات الشيوعيين منذ أربعة عقود اية تحليلات إجتماعية متميزة ومعمقة بل إنهم بعد 2003 سلكوا سلوكا غريبا تمثل في مجاملتهم لقوى التخلف حتى في القضايا والمظاهر الإجتماعية التي لم يكن لها مبرر، بل إن بعض القادة يفتخرون ويجاهرون بأن أعضاء الحزب يحجون إلى بيت الله وإن الكثير من عضوات الحزب محجبات وإن عدد غير قليل يلتزم بالطقوس والشعائر الدينية ، وهي إشارات لم يكن لها مبرر لأنها أفقدتهم النكهة الشيوعية ولم تعد لهم مميزاتهم التقدمية المعروفة التي تميزهم عن غيرهم.
لو تحجج الشيوعيون الأوائل بتغير الأزمان – كما أشارت السيدة زكو – لما نبتت الشيوعية في العراق،كما إن أولئك لم يتحججوا بتوفر الشروط والمقدمات –كما تريد السيدة زكو- بل كانوا يصنعونها بأنفسهم وهذا هو الفرق الجوهري بين تلك القيادات العملاقة والقيادة الحالية، وأعني بها الخبرة والإرادة والجرأة وهي مميزات القيادات التاريخية الشيوعية مثل فهد وسلام عادل .
لا أملك إلا شكر السيدة زكو لأنها نبهتنا إلى أهم نواقص القيادة الشيوعية الحالية التي إنشغلت بالصالونات السياسية وتركت المجتمع ولم تتعب نفسها وكوادرها بفهم محركات المجتمعات والعوامل المؤثرة في تغييره وأدوات نظرية التغيير بالرغم من توفر بيئة مثالية للأفكار التقدمية بعد أن إنكشفت القوى التقليدية المعادية للشيوعيين، وأعني بها قوى الإسلام السياسي والقوى المتحالفة مع القوى الدولية وقبلها القوى القومية الشوفينية العربية والكوردية،بل أزعم إن العراقيين يبحثون في الوقت الراهن عن المخلص المتميز عن كل هؤلاء، والشيوعيون هم الأصلح بشرط تغير جذري في منهجية العمل وتكتيكاته والإنتقال إلى المجتمعات ومناطق الفقراء والمصانع والمزارع بدلا من مكاتب الأحزاب في المنطقة الخضراء.
من يدري ربما نحتاج إلى قيادة شيوعية جديدة تحاول إمتلاك أدوات تغيير ملائمة تستند إلى مافعله الشيوعيين الأوائل من جهة وتستفيد من التطورات التكنولوجية الحديثة خاصة في مجال الإتصالات، الخطوة الأولى تحتاج الى الكثير من الجرأة وهي أهم مايميز الشيوعيين.
لازالت الفرصة سانحة.....لآخر من تبقى من النبلاء...شرط نزولهم من برجهم العاجي ليكونوا نبلاء الفكر ....شعبيي الممارسات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحزب الشيوعي العراقي واقتصاد حر وقصف احنبي!
طلال الربيعي ( 2014 / 10 / 3 - 16:48 )
الاستاذ العزيز علي الصفار
شكرا على مقالك.
تقول:
-لازالت الفرصة سانحة.....لآخر من تبقى من النبلاء...شرط نزولهم من برجهم العاجي ليكونوا نبلاء الفكر ....شعبيي الممارسات.-
ولكني لا ادري كيف يمكن القول -لازالت الفرصة سانحة- بدون انسحاب الحزب الشيوعي العراقي من العملية السياسية وانتقاد نفسه على المشاركة.
فلا ادري لماذا يشترك الحزب الشيوعي العراقي في العملية السياسية ويؤيد جملة وتفصيلا التدخل والقصف الامريكي والبريطاني, او على الاقل لا يعترض عليه.
لماذا اذا اشتركوا في ما يسمى بثورة ١-;-٤-;- تموز ١-;-٩-;-٥-;-٨-;- واعتبروا الحكومة الملكية حكومة عميلة؟ ولكن اليس السلطة الحالية اكثر عمالة ووحشية وفسادا من السلطة الملكية بما لا يقاس؟ هذا ليس دفاعا عن السلطة الملكية, ولكني لا افهم منطق الحزب الشيوعي العراقي, هذا اذا كان هنالك من منطق.
والحزب يناقض ما قاله فهد بانه اصبح اكثر وطنيا بشيوعيته. فما علاقة العملية السياسية صنيعة المحتل, كانت ولا تزال, بالوطنية من قريب او بعيد. والمفارقة انهم يزعمون ان احد اسباب حركة ١-;-٤-;- تموز هو اعدام فهد. ولكن السلطة الملكية اعدمت فهدا كجسد.
يتبع


2 - الحزب الشيوعي العراقي واقتصاد حر وقصف احنبي!
طلال الربيعي ( 2014 / 10 / 3 - 16:49 )
اما الحزب الشيوعي العراقي فانه يعدم فكر فهد, ان حشع لا يمكن ان كون حزبا شيوعيا حقا ويشترك في عملية سياسية تتبع تعاليم الاقتصادي فريدمان وطلاب جامعة شيكاغو الداعين الى اقتصاد حر منفلت كما كان لدى تاتشر وريغان الخ. انه الكفر بعينه.
وافر تحياتي

اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير