الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العربي .... الدم الزهيد

إبراهيم ناصيف

2014 / 10 / 3
الصحافة والاعلام


ما يحدث في الشرق الأوسط العربي لا يمكن تصديقه. عشر دول فيه يلتهمها هيجان وحريق هائل وقوده الحياة البشرية التي صارت أرخص شيء هناك.

الناس تقتل الناس في هذه البلدان وكأنها تدوس على الحشرات بأرجلها. والقاتل والقتيل في أغلب الأحيان من العرق والبلد والثقافة والدين نفسه وحتى المذهب.

صديق صحافي لي استقال أخيرا من عمل كان يدر عليه لبنا وعسلا في مؤسسة إعلامية عربية كبيرة. قلت له لماذا استقلت؟ قال: "لم أستقل. لقد هربت لأنني لم أطق الاستمرار".

وعندما كررت عليه "لماذا"؟ أجاب: "يا أخي كل شيء حول القتل والمذابح والدمار ليل نهار لغة وصورة".

ولا يحتاج المرء إلى الكثير من العناء كي يبرهن على صحة وحصافة القرار الذي اتخذه هذا الزميل وأن السبب الذي ذكره له ما يبرره.

أمضي نحو ساعتين أمام شاشة التلفزيون كل يوم وفي الأسبوع الفائت حاولت إجراء مقارنة بين ما يبثه التلفزيون السويدي وإحدى القنوات العربية الكبيرة.

القناة السويدية إخبارية ولكنها ممتعة لأن الخبر لديها يعني نقل المعلومة بعيدا عن الذاتية وقريبا من الموضوعية والنزاهة قدر الإمكان. والخبر لديها يعني نقل آخر المستجدات في السويد والعالم عن الصناعة والتكنولوجيا والاختراعات والعلوم والتربية والطبيعة والبيئة والاتصالات والمعارف بشتى حقولها إضافة إلى ما يقع في العالم من أحداث، والبرامج الدينية غائبة تماما.

القناة العربية تسيل من صورها الثابتة والمتحركة الدماء وهي مؤشر مأساة مفجعة: جثث القتلى، مهاجرون يهربون إلى المجهول، قصف بري وجوي وبجميع الأسلحة، دمار هائل وفقر وأطفال هائمون على وجوههم.

وترى أن الكل يقصف ويضرب ويدمر العرب وأمصارهم وأراضيهم وحقولهم ويقتل فيهم ويشتت شملهم. مجاميع تقاتل مجاميع وحكومات تقاتل مجاميع ومجاميع تقاتل حكومات وحكومات تقاتل حكومات ودول تقاتل دول.

وإن أردت أن تشاهد عرضا لآخر مستجدات الأسلحة الحديثة أو تمرينا عسكريا بالأسلحة الحية ولا سيما من الطائرات المقاتلة النفاثة وأسلحتها الفتاكة والأهداف التي تدمرها فهذه القناة تغنيك عن كل شيء.

طائرات من عشرات الدول الأجنبية إضافة إلى الدول العربية ذاتها تقصف العرب والمسلمين، والشاشة ما هي إلا ساحة المعركة التي يبدو أن لا نهاية لها رغم ضخامة وكثافة نيران الكلمات والقنابل.

والخطاب وما أدراك ما الخطاب. لغة يسيطر عليها الشحن المذهبي والطائفي والتعبئة لصالح طرف ضد آخر ومن أول جملة أو جملتين ومن أول ثانية أو ثانيتين من النظر إلى الشريط المصور للأخبار بإمكان المشاهد معرفة لمن تعمل هذه القناة ولحساب من ومن يدفع لها، والأنكى أن للقناة دعاة ووعاظا يزينون لها ولأصحابها الدنيا.

والعالم لا يتفرج بل صار جزءا من المعركة التي لم يشهد التاريخ لها مثيلا لقسوتها ووحشيتها لأن أبناء أمة واحدة ودين واحد وثقافة واحدة غارقون في قتل بعضهم بعضا ومن ثم ألبوا الدنيا على أنفسهم وهم أمام الغريب والأجنبي لا حول ولا قوة لهم.

العرب مشهود لهم بالحكمة والحصافة والفروسية وبعد النظر وتتبع الأثر والخروج من عهد جاهلية مظلم إلى عهد نير، من أمة كانت متخلفة إلى "خير أمة أخرجت للناس". ماذا دهاهم؟

ألم يبق حكيم منهم وإليهم كي يأخذ بأيديهم؟ ألم تر أنهم في طريق مظلم متوحش دموي لا نهاية له سائرون وأنهم لأخضرهم ويابسهم آكلون؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة الاختراق الأمني الإسرائيلي للجزائر؟| المسائية


.. 5 ا?شكال غريبة للتسول ستجدها على تيك توك ?????? مع بدر صالح




.. الجيش الإسرائيلي يشن غارات على رفح ويعيد فتح معبر كرم أبو سا


.. دعما لغزة.. أبرز محطات الحركة الاحتجاجية الطلابية في الجامعا




.. كيف يبدو الوضع في شمال إسرائيل.. وبالتحديد في عرب العرامشة؟