الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمةُ القاهرة

عبدالله خليفة

2014 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



تتشابه البنى الاجتماعية عبر التاريخ، وتشكل السببيات العضوية الرئيسية المدخل لفهم الأزمات البنيوية، ويظهر ذلك إيديولوجياً في صراع التحديثية النهضوية الباحثة عن الأسباب الواقعية مع النزعات الصوفية والغيبية التي تنأى عن ذلك.
الوعي التحديثي السببي يعبر عن مدى تطور العصر وأدواته المعرفية كما تعبر النزعات الدينية عن الخروج عن ذلك وإيجاد أسباب وهمية لتبرير أو تفسير الأزمة.
مدى قدرة الوعي السببي على اكتشاف الأزمة يعود إلى علاقته بمستوى العلوم والجمهور وبرنامجه في التغيير.
ومن نهاية الحرب العالمية الثانية حتى هزيمة يونيو حاول هذا الوعي التحديثي تلمس الأزمة لكنه لا يقوم بدراسة الهياكل الانتاجية، وخاصة أزمة الريف وعجزه عن التطور بسبب رفض الإصلاح الزراعي وإدخال المكننة إلى اقتصاد الأرض وعدم تغيير وضع المنتجين وهامشيتهم من رجال ونساء.
في حين ينأى الوعي الديني عن هذه القراءة متجهاً نحو النصوص الدينية وتفسير الأزمات من خلالها ومن خلال حيثياتها.
هذان الشكلان صادفناهما في ظواهر تاريخية عديدة عبر العصور، لكن هنا يقترب التحديث رغم أن الصراع المحوري بين الظاهرات الحقيقية والوهمية يبقى كما هو.
الوعي التحديثي الذي يشتمل على النزعات الوطنية والقومية والماركسية يرتبط بقوى شمولية محلية وعالمية تغرقه في الشمولية وعدم دراسة الهياكل الاقتصادية وهي تؤيد عدم قيام الرأسمالية الحرة ودورها العميق في الواقع، مما يقودها إلى تكريس رأسماليات دولة شمولية تجر البلد نحو أزمة كلية.
لا ينفصل ذلك عن الهياكل الثقافية والتعليمية المحدودة والقيود الهائلة على العقل والنقل والمناهج ووسائل الاتصال الإعلامية الجماهيرية، الوعي الديني يرتبط بقوى شمولية ماضوية أكثر غرقاً في الأزمة، وربما تأصل أكثر في الصوفية وعزل التاريخ العربي عن هياكله التاريخية.
الصراع بين النزعتين يجعل مشكلات البلد الجوهرية بدون حل، وخاصة أزمة الريف وعدم نقل صراعه المتخلف إلى المدن، لكن هذا الذي يحدث فالمدنية الكبرى تغدو ريفية، وينتقل لها الوعي الصوفي، الذي يحيل قضاياها للخارج، والنصوص.
تصبح الحلول التي تطرحها القوى التحديثية وخاصة تصعيد رأسمالية الدولة هي سبب المشكلات وتفاقمها، ويظهر ذلك في الفساد وهيمنة العسكر وضياع الثروة وهزائم الحروب.
هذا يجعل الوعي الديني يبرر وجوده ويفسر الأزمة بالابتعاد عن وعيه ومثله، وبضرورة هزيمة الحداثة التي هي ابتعاد عن الأصول.
القاهرة تغرق في أزمتها، عاجزة عن التحول إلى مدينة قيادية صناعية تقود النهضة، نظراً إلى طبيعتها البيروقراطية الرأسمالية الحكومية ويغدو الهجوم عليها مؤيداً من أقسام جماهيرية ترى فيه تصويراً لأزمتها بأشكال خاطئة.
كان ذلك لأسباب تاريخية سابقة أيضاً في عجز الإقطاع الرأسمالي في التحول إلى الحداثة.
تفجر هزيمة يونيو طابع النظام غير المقبول تاريخياً الذي توجه في مسلك سياسي اقتصادي خاطئ، ولكن الوصول إلى معرفة السببيات الكبرى يحتاج إلى وقت وقدرات تحليلية عميقة وكشف للأزمة العامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يحتاج إلى وقت
هانى شاكر ( 2014 / 10 / 4 - 20:27 )

يحتاج إلى وقت
________

قاربنا على مرور نصف قرن منذ هزيمة يونيو ... و أحوال ألبلاد تزدادسؤاََ بأطراد

ألعوامل ألتى أدت إلى ألهزيمة : ألفساد و حكم ألعسكر .. مُضاف إليها عوامل جديدة : ألأنفجار ألسكانى ، و أسلمة ألمجتمع

سنحتاج قرن كامل - مائة سنة - للفكاك من شَرَك يونيو .. بألعمل ألجاد للوصول إلى :

أ - فصل ألأسلام عن ألحكومة و ألعمل ألعام : فرئيس ألوزراء ألخائف من ألثعبان ألأقرع هو فاشل بألضرورة

ب - ألنزول بعدد ألمصريين من 90 مليون حاليا إلى 20 مليون لهم غذاء و سكن و عمل و كرامة

ج - خفض مستوى ألفساد من 100 % ( فساد كامل ) إلى 20 %


ماعدا ذلك .. فكل ماهو حاصل فى ألبلاد من ثورات ( 25 يناير و 30 يونيو ) .. و خطوات ( دساتير ، برلمانات ، أنتخابات ) و خطط طريق ... هو تضيع وقت و فُرص ... و محض هراء

...



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا