الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المختار .. لماذا مقروناً بأخذ الثأر

ياسين الياسين

2014 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


المنتفعون والمتملقون يصفون مريديهم ومن يحبون بنعوت وصفات يطلقونها عليهم جزافاً ، فمرة ترى الأسم على مسمى له أقرب إلى الحقيقة ينطبق عليه في أمور كثيرة وعدة ، ومرات تراه أبعد مايكون عنه بعيداً بعد السماء عن الأرض ، وتتحيّر في ماذا كان منه قريباً لينعت به أويتسمى بأسمه ، وهكذا دلواً هي الناس مذاهب وطرائق وأفكار ، ولكن ماتتشابه به في أحايين كثيرة أنها لاتفكر بمنطق وعقل وروية بقدر ماتفكر بعاطفة وهوس وعجالة دون ورع ، فتطلق مرة على مسؤول بالزعيم الأوحد كما كان الحال مع عبد الكريم قاسم ، وعبد الكريم قاسم زعيماً ربما لم تنجب أرض العراق إلى الآن زعيماً بثوريته وصدق وطنيته ومدى إخلاصه للعراق والعراقيين على حد سواء ، ولكن الأوحد تعني أموراً أكبر من تلك الزعامة بكثير ، فكانت نتيجة الأوحد ( الجزافية ) أن يقع فيما لايجب أن يقع فيه ، وهو أن يستدرج بالطيب واللامبالاة إلى الحد الذي قضي فيها عليه وعلى ثورته ، ومن تلك الأخطاء الشائعة التهاون في الحزم والحسم ومشهورة هي مقولته ( عفا الله عما سلف ) ، وهكذا هم الزعماء والسياسيون والقادة ، وربما هذه المصطلحات لم تكن من تسمياتهم الحقيقية فربما ساقها القدر لتكون في طريق أحدهم فيكون بين عشية وضحاها الزعيم والقائد والمسؤول ، وأطلق الناس في حياة وسير زعمائهم ألقاباً وصفات نعتوهم بها من قبيل ( أبو فرهود ) مثلاً التي أطلقها العراقيون على رئيس وزرائهم طاهر يحيى ، ونعتوه بهذا اللقب في الوقت الذي كانت فيه ميزانية البلد دراهم ودنانير معدودات ، ولم تكن لهذا المسكين داراً فخمة يمتلكها ولاحتى مقاطعة زراعية ولو صغيرة ولم تكن له بالمرة سيارة فارهة خاصة به ، وإنما كان يركب سيارة ( عنجة ) ميرسيدس موديل ستينيات عائدة في ملكيتها إلى مجلس الوزراء ، والعراقيون شعباً لم يكن في العالم كمثليهم شعب ، فهم يحملون في جنباتهم كل تناقضات العالم ومفارقاته ، ففي الوقت الذي كان فيه جميع العراقيون يقرّون حينذاك أن رئيس وزرائهم نوري باشا السعيد عميلاً للأستعمار كانوا في ذات الوقت ينعتونه بشكل جميل حين يكنونه بأبنه ( أبو صباح ) وكأنه لهم ولي حميم ، وشعبنا حين إستقبل مليكه الثالث فيصل الثاني في أحد مدن العراق الجنوبية وكان معه وبرفقته خاله الوصي على العرش عبد الأله ، وعبد الأله كان مناوراً ولعوباً وله مكنة في التحكم بمقادير القصر الملكي والقرار السياسي في العراق آنذاك ، فعندما خرجت الجموع الشعبية في تلك المدينة لأستقبال ملكهم كان كثيراً منهم يهتف منادياً الملك مردداً ( يوليدي إتحفّظ من خالك ) وهذه تعني قمة الحسجة الجنوبية ودرجة عالية في الفراسة وإستشفاف الأمور وقراءة الأحداث ، وهذا يعني فيما يعنيه أن كل الخطر لن يأتي للملك ومملكته وسلطانه إلاّ من لدن عبد الأله خاله وأقرب الناس إليه ، ومع كل هذا وجدنا الناس يتشفّون بمقتل الملك البريء ذو الصفحة البيضاء في باحة داره مع أفراد عائلته على يد ضابط عراقي أهوج وأرعن وسط تحية الجماهير وهتافاتهم ، ولم تكن لهم صولة ورفض وقرار وتبني لأجل الحد والفصل بين مليكهم والموت ، وإنما وقفوا متفرّجين في حالة من جبن وتردد وإنهيار غريب وعجيب ، وكما هو حالهم اليوم حين يرون الخيانات عند قيادات الجيش تتكرر ، وأولادهم يذبحون بيعاً من قبل قادتنا ويقتلون بالمئات وهم ( الشعب ) منبطحين مستسلمين تماماً في حالة من الجبن والذل والخنوع لم يمر بها أي شعب في العالم قبلاً ، وعندما حل الطاغية المقبور صدام متحكماً برقاب العراقيين وجدنا كيف أن العراقيين الشيعة نسبوه إلى أمير المؤمنين علياً (ع) وأنه جده ، وخرجوا له عن بكرة أبيهم شيباً وشباباً يصفّقون لذبّاحهم ، وأننا إستقرأنا حركة التأريخ في سحيقه وقديمه وحديثه ومعاصره لم نجد شعباً بهذه المتناقضات ولا بهذه الأزدواجية والأنهزامية التي تحمل عشرات الصفات كل واحدة منها نداً للأخرى وفي آن معاً ، ويحدّثني أحد الأصدقاء أيام حكم الطاغية ، وبالسر وبالطبع كان الخوف رفيقنا أن زوج شقيقته وهو ضابط أمن برتبة كبيرة وبدرجة مدير أنه وحينما يعود في بعض الليالي متأخراً يجلس في غرفته لوحده لايرغب في مأكل أومشرب رغم علامات التعب والأرهاق البادية عليه حتى رمقته زوجته ذات مرة وعينيه تهيل دمعاً ساكباً ، فأرتعدت فرائصها له ، فقالت تسأله متعجبة ماالأمر ومابالك ؟ فأجابها والله هم أبرياء وردد : شباباً بعمر الزهور أبرياء وليس عندهم أي شيء ودماؤهم ملأت كل مكان وزاوية هناك ، وتلطخت الجدران بها ومات منهم ثلاثة أثناء التحقيق والآخرون ولاشك طريقهم إلى الأعدام شنقاً أو أحواض التيزاب أو ........ وسكت ، ويسترسل فيقول نقلاً عن شقيقته أنه وفي صباح اليوم الثاني وقبل أن ينهي فطوره إتصلوا به من دائرته يسألونه بشأن أولائك ، فتقول : سمعته يرد عليهم وكأنه أسد كاسر لايعرف للرحمة طريقاً وهو يقول .. هؤلاء الخونة ؟ .. قادم أنا وسأريهم مالم يرونه من قبل !!! فتقول لشقيقها : وعجبت .. فقلت : هل هم نفسهم من كلمتني عنهم بالأمس وبكيت ؟ فقال نعم .. وماذا نفعل هذا هو عملنا وإن لم أكن كذلك سيعدمونني بدلاً منهم ، وكذلك أنت لما تسنى لك العيش بهذا المستوى الراقي والأحترام والتقدير .. فتقول لم أجد خيراً من الصمت جواباً ، وهكذا هم وللأسف ضباطنا وهكذا هم وللأسف عساكرنا ، ولاأعتقد أن الحال يتغيّر أبداً ، وأبلغ دليل على ذلك عمليات البيع الجمعي لقطعاتنا من المتطوعين ومن الجيش من شباب العراق الشيعة التي تم بيعها بأبتذال وخسة لجموع الأرهاب الكافر مقابل حفنة من الدولارات وصفقات سياسية كبيرة بين المسؤولين بالتوافقات اللاإنسانية وبتبادل المناصب الكبيرة ، وعوداً على الموضوع أحمد فما أكثر الصفات والنعوت اليوم من قبل عموم الناس لقادتهم ومسؤوليهم فهذا السيد القائد ، وذاك الزعيم ، وهناك مختار العصر والزمان ، ووقفتنا اليوم عند مختار العصر خصوصاً ، فقصة المختار في أخذ الثأر معروفة تأريخياً وللجميع أعداءاً وأصدقاءاً ، وكان المختار بن يوسف الثقفي يسأل المردة والقتلة كلاً على حدة عن طبيعة فعلته وجرمه ، وحينما يقر ويعترف بالكيفية والطريقة التي قتل بها أبناء الحسين (ع) وأهل بيته كان يأمر بقتله بنفس تلك الطريقة ، وهكذا حقاً إقترن به الثأر فكانت قصة المختار في أخذ الثأر مثار تندر وتشفي لكل أحباب آل بيت رسول الله وأثلج صدور المؤمنين وأدخل السرور عليها لتلك الفعلة الجميلة الرائعة ولذلك القصاص العادل ، وفي زماننا هذا دأب الناس ودرج جمع كبير منهم على تسمية أحد رؤساء وزاراتنا بلقب مختار العصر ، وهنا نسأل أي عصر هذا وأي ثأر ذاك الذي لم يشفى فيه غليل المظلومين وذوي الضحايا والمغدورين من أبناء شيعة آل محمد ، ولو موقفاً واحداً يمكن أن يرقى إلى الفعل الذي كنا ننتظر منه وإليه ، والأمثلة والشواهد كثيرة فمثلاً مازالت وإلى الآن سجون العراق ملأى بعشرات الآلاف من الأرهابيين والقتلة والمجرمين العتاة من ذباحي الشعب العراقي ، وممّن تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء وإغتصاب بنات وحرائر العراقيين من النساء ، وهؤلاء محكومون بأحكام إعدام قطعية صادرة من المحاكم الجنائية المختصة ، وماتزال الحكومة تصر على عدم تنفيذ هذه الأحكام العادلة والمنصفة للمظلومين والمغدورين ولذويهم ، وأن مايدمي القلب أن هؤلاء القتلة والمجرمين يعيشون حالة من رعاية غذائية وصحية ونفسية وعلى أتم مايمكن أن يكون وكأنهم سجناء سياسيين ، فماذا بقي للثأر ، وأن مايدمي القلب أكثر أنه وبين فينة وأخرى تدبّر لهم بتواطؤ مع قيادات أمنية عمليات هروب منظمة من داخل هذه السجون ( القلاع ) وتمر المسألة على تلك القيادات الخائنة بأمن وأمان ، وكأن شيئاً لم يكن بل وحتى تبادر الحكومة إلى تكريمهم بنقلهم إلى مواقع قيادية أعلى وفي مكان آخر ، فماذا بقي لمختارنا لأن يثأر وماذا عن الثأر نفسه ، وماذا كان فعل مختار العصر إبّان وقوع جريمة سبايكر ، وكان السيد مختارالعصر حينها قائداً عاماً للقوات العراقية المسلحة ، فهل حاول مثلاً القيام بمناورة عسكرية أوعملية إنزال جوي على عشيرتي آلبو عجيل وآلبو ناصر الأرهابيّتين وأسر ( 1700) من شبابهما بعمر شباب معسكر سبايكر ، ومن ثم المقايضة بهم مع الأرهابيين في أن تسلموننا (500) عسكري مقطوع الرأس سنسلمكم بعددهم مقطوعي الرؤوس ، وأن تسلموننا (200) مغدورين قتلا بالرصاص ، فأننا نسلمكم (200) مثلاً مقتولين بالرصاص ، وأن تسلموننا (1000) أحياءاً سنسلّمكم مثل عددهم أحياءاً ، وهكذا دلواً ، وعندها فقط سيقف كل واحد منا منتصباً محيياً مختار العصر لابل سنلقبه بمختار العصر والزمان ... !!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا