الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول خطيئة طرد عميرة هس من جامعة بيرزيت !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2014 / 10 / 4
القضية الفلسطينية


القوى الرادكالية الفلسطينية غالباً تعمل دون عقل، فكيف يسرق اليهود فلسطين ويطردونا، وكيف يصدر بلفور وعداً لليهود بوطن قومي، لكن من دون أن يشاهدون ميزان القوى على الأرض، ومن دون أن يفكر هؤلاء بمستقبل أجيالهم القادمة على هذه الأرض !

عميرة هس وجدعون ليفي ويغيئال سرينا وغيرهم من كتاب هآرتس، منحازون للنضال الوطني الفلسطيني، يعارضون الاحتلال وسياسة الاستيطان الهمجية، ويطالبون كما يطالب أي فلسطيني، بدولة فلسطينية مستقلة في الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشرقية، لكن الراديكاليون لا يريدون دولة في الضفة وغزة، ولا يريدون دولة ديمقراطية واحدة، بل يريدون كامل فلسطين دون يهودي واحد، ولا نعلم ما هي الوسيلة التي سيتبعونها لتحقيق هذا الهدف.

بدعوة من مؤسسة روزا لكسمبورغ ومركز أبحاث التنمية في جامعة بيرزيت تمت الدعوة لورشة عمل في الجامعة، ما دفع بعض الموتورين من طلاب الجامعة ( الثوريون ) إلى التهديد باقتحام القاعة التي تعقد فيها ورشة العمل، وهو ما دفع الكاتبة اليسارية عميرة هس إلى مغادرة الجامعة.

ما حدث كان مؤلماً وفظيعاً، إذ ما الفرق بين قتل المتضامن الإيطالي فوتوريو في غزة على أيدي سلفيين جهاديين، أو طرد عميرة هس من جامعة بيرزيت ؟؟! كلاهما عمل في الاتجاه الخطأ .. الاتجاه المعادي للنضال الوطني الفلسطيني.

إنه من العار على طلبة جامعة تقدمية ألا يميزوا بين أصدقاء وأعداء الشعب الفلسطيني، رغم أن الجامعة ذاتها قد فتحت أبوابها منذ عقود لعرب الداخل الأحرار ( وهم إسرائيليو الجنسية ) للعمل كمحاضرين في الجامعة، مثل كاراميلا أرامنيوس ونديم أسعد وسعيد زيداني وموسى البديري وغيرهم.

فيما مضى كنت أحسد إسرائيل على مساحة الديمقراطية التي تتيح لكتاب جريدة هآرتس أن يسخروا من اليمين الصهيوني الحاكم وينتقدوا بشدة جرائم التطهير العرقي في غزة، بينما لا يستطيع كاتب فلسطيني أن ينتقد المقاومة المسلحة خوفاً من أن يلقى مصير الخزندار والمصري ومحمد أبو شعبان والصفطاوي وغيرهم، أو أن ينتقد اتفاق أوسلو فيحرم أولاده من المنح الدراسية والوظائف التي تتحكم فيها السلطة !

يوم استشهدت المتضامنة الأمريكية راشيل كوري، قال السلفيون في غزة ( هي في النار لأنها كافرة ! ) والواقع أني أستنكر قيام بعض البشر بتنصيب أنفسهم حراسا لأبواب الجنة والنار يدخلون من شاءوا ويخرجون من شاءوا منتحلين بذلك صفات ألوهية والعياذ بالله !

لا يمكن أن يكون طرد عميرة هس من جامعة بيرزيت عملاً وطنياً أو تقدمياً، ففي ظل تنامي وتصاعدج قوى اليمين الصهيوني كم نحن بحاجة إلى عشرات مثل عميرة هس وجدعون ليفي، ولو كان التنسيق مع هؤلاء الإنسانيين يعد تطبيعاً، فماذا يمكن أن نسمي التنسيق الأمني مع الحكومة الصهيونية ؟؟! هل الأمور مقلوبة رأساً على عقب ؟؟!

الراديكاليون لم يقبلوا بتقسيم فلسطين، ولم يقبلوا بطرح قديم للدولة الواحدة، ولم يقبلوا بانتفاضة سلمية تجنب شعبنا الأعزل القوة الغاشمة للآلة الحربية الصهيونية، وهم لا يقبلون التعايش ولا تفهم أن هناك أجيال إسرائيلية ولدت في فلسطين 48 ولا تعرف وطناً غيرها، ويصر هؤلاء على استعداء أصدقاء الشعب الفلسطيني بل وقتلهم كما حدث مع فيتوريو !

الانتفاضة الأولى كانت هبة شعبية استمرت أسبوع واحد فقط عاد بعدها الناس إلى أعمالهم، ولكن قوى " الثورة " أصرت على تشكيل قوى ضاربة وملثمين بدعوى مجابهة الاحتلال، ولكنهم في الوقت نفسه قرروا أن يصادروا تصاريح العمال ويمنعوهم من التوجه لأماكن عملهم في إسرائيل، لكن من دون التفكير في مصادر رزق بديلة لآلاف الأسر .. المنطقة الصناعية التي كانت تشغل أكثر من 4000 عامل ضربت بالصواريخ وقذائف الهاون بدعوى مقاومة إسرائيل، وكأن مقاومة إسرائيل تعني تجويع الناس وزيادة أعداد المشردين والعاطلين عن العمل !!

وهل تعني المقاومة أن يعيش الناس بلا كهرباء وبلا تصدير وبلا عمل ؟؟! أي مستقبل هذا الذي ينتظر 120 ألف خريج جامعي أغلبهم يسعى للموت غرقاً هرباً من جحيم غزة ؟؟؟

لقد طرح مانديلا الكفاح المسلح لحزب المؤتمر عام 1962، ولكن تفكيره الديناميكي غير المتصلب جعله يتخلى عن هذا الطرح ويتوجه من ثم إلى نضال وكفاح اللاعنف للقضاء على التفرقة العنصرية .. لقد تضامن العالم مع الشعب الجنوب أفريقي حتى تمت مقاطعة ومحاصرة الكيان العنصري إلى أن سقط بعد 27 عاماً من الكفاح المدني السلمي !

إن غالبية الشعوب المتقدمة والتي تمتلك اقتصاداً قوياً مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ودول الاتحاد الأوروبي ترفض العنف من حيث المبدأ، وصحيح أنها تتضامن مع عدالة القضية الفلسطينية إلا أنهم يستنكرون في الوقت نفسه استهداف المدنيين في إسرائيل، سواء بعمليات استشهادية أو بقصف عشوائي !

على الحركة الوطنية الفلسطينية ممثلة بمثقفي هذا الشعب أن تحسم أمرها تجاه أهداف شعبنا في العيش بحرية وكرامة، بصرف النظر إن كان ذلك سيتم من خلال دولتين أم من خلال دولة واحدة ! قبل الانتفاضات الفاشلة كان الناس يسافرون عبر مطار بن غوريون وكان في قطاع غزة 200 مصنع خياطة يعمل بها 50 ألف عامل .. كان هناك تطور ونمو اقتصادي ملحوظ، وما زلنا حتى اللحظة نتساءل: ما الذي حققته الانتفاضات والحروب والعنف ؟؟!

لقد كنت مع مئات من الزملاء والمعارف المثقفين الذين وقعوا بيان استنكار لما حدث مع الكاتبة اليسارية عميرة هس، وأود الإشارة إلى أن المثقفين مغيبون ذاتياً عن قيادة العمل السياسي، فقد تركوا الساحة للغوغاء والجهلة الذين قادوا شعبنا إلى المجازر والمذابح والجوع والتشرد والحرمان .. في الحقيقة مصلحتنا لا تكمن في دولة مستقلة تكون مزرعة لشركات احتكارية تنهش لحوم الفقراء في اقتصاد معولم وغير وطني ! مصلحتنا ليست في دولة كانتونات ومعازل .. شعبنا يبحث عن حياة كريمة حرة على أرضه حتى لو كانت من خلال دولة ديمقراطية واحدة لكل مواطنيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير سياسي من مبابي بشأن انتخابات فرنسا


.. بوتين يزور كوريا الشمالية لأول مرة منذ 24 عامًا.. وهذا ما سي




.. ضحايا وعشرات المصابين على إثر حريق مستشفى خاص في إيران


.. الجيش الإسرائيلي يحقق في احتمال تهريب حماس رهائن إلى خارج رف




.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة| #ال