الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قم يا أيها المدثر، تحت لحاف زوجتي لا تشخر..!

علي الحاج حسين

2005 / 8 / 21
كتابات ساخرة


مرت الأيام متثاقلة بطيئة والطوى يملأ بطني والخواء ذهني، ما تناولت كسرة ولا لعقت دسما مذ توفيت عنزتنا الحلوب، لست بصائمٍ، بل أفتقر للطعام فحسب. دخلت حجرة نومي المعتادة حيث ترقد زوجتي فوجدت رجلاً هادئا، ينام قرير العين قربها ويشق شخيره عباب السماء عبر سقف الغرفة. يا للهول..! دنوت من النائم وتفحصت محياه قبل الإقدام على فعل ما لا تحمد عقباه فتعرفت فيه صورتي. تراجعت خطوة للوراء وحاولت فتح الباب لكي أخرج من الحجرة، أمسكت بمقبض الباب فعجزت عن فتحه، تقدمت نحو الباب بكل بقايا ثقلي، فوجدت أن وزني قد انعدم وعبرت الباب الموصدة دون عناء، لم يعقني عائق وجِبت حجرات الدار عبر جدرانها الثخينة وأبوابها المرتجة، صرخت عليّ ذاك النائم قربي فما سمعت صوتي ولم أفق، وما تحركت زوجتي الراقدة قربي ذاك الرجل المتسابق مع نفسه بالشخير. أيقنت أنه لن يلحظ أحد قط وجودي. صعدت إلى سطح منزلنا عبر سقفه، وجدت هناك كل المفارقين من أهلي وذويهم من غسان وعدنان، التقيت بكل أجدادي وأشخاص آخرين من أمسنا القريب والبعيد، بينهم من أعرفه ومن لا أعرفه، رأيت شخصيات معروفة غادرت الحياة من أمد طويل، رجعت بالتاريخ خلفاً كما لوكنت أقلب صفحات سجله، وعرفت ما لم أكن أعرف حقاً… سافرت عبر الزمن وغصْت في المستقبل فرأيت ما سيحدث من أحداث صغار وكبار. فوجدت التاريخ زوراً والتنبؤ بهتاناً.
هرعت إلى مكتبي علّي أدون مشاهداتي لئلا يلتهمها النسيان، امسكت بالقلم وهممت بالكتابة، تزاحمت الأفكار على عتبة ذهني، وكلما أردت الكتابة عن عظام الأمور تعترضني صغارها فاعزف منشغلاً بترتيب ما لم يرتب. وأوجل تدوينها. هويت بالقلم المتلاطم حبرا على القرطاس فلم يلطخه المداد.. الآن فهمت.. لقد توقف القلم عن التدوين. وايقنت أني رقدت في عصر التاريخ، غططت في نوم عميق فشممت رائحة لحدي، سمعت صوت فيضان الدم الهادر في وتيني، سمعت الصوت الذي لا ريب فيه، أيقنت بقرب الساعة… لكن ما الذي جرى لعقارب الساعة…؟ كحمار معاند على طرف جسر، لقد توقفت عن الدوران، كأني بها تتراجع عن الحركة… توقف الزمن… إذن نحن في البرزخ، حيث يتوقف الملائكة عن تسجيل العقاب والثواب، فمن عمل ذرة خير صَلح، ومن عمل ذرة شر طلح، لن تلد الحبالى ولن يموت الأحياء. تلك هي إرادة كونية لا تعطلها فرمانات ملكية ولا مراسيم رئاسية، إذن لم يعد بمقدور شيخ قبيلتي إصدار أوامره بتحريك عقارب الساعة، لن يقدر أحد بعد اليوم على تزوير كتب التاريخ… لقد توقفت صناعة التاريخ. اليوم يتساوى فيه المالك بالمملوك والثري بالصعلوك.
لكن ماذا سيفعل عظام قومي بأعواد المشانق المنصوبة لنا في الساحات..! يرفض الناس الموت، ترفض السيوف اجتثاث الأعناق، مهنة السياف والجلاد ستلغى ، لم تعد هناك قرابين وأضاح بشرية، ومن سيصدر الأحكام بالحبس، النفي، الإعدام …! من سيقلد الجبناء بأوسمة الشجهان..! من سيقطع الأعناق وكيف ستوزع الأرزاق؟ من سيقود السيارات الفارهة ويسكن القصور الفخمة، من سيؤم الحانات؟ من سيصدر جوازات السفر، من سيمنح أو يمنع تأشيرات الخروج؟ من سيصنف المواطنين في فئات؟ من سيمنحنا حق الحياة…! أ أنت الذي سيفعل هذا الآن..؟! شكراً لك يا الله؟
كان حلما مزعجا.. أضغاث أحلام، وفجأة استيقظت من حلمي هذا مرعوباً وقرأت ما كتب على اللوحة الجدارية: "لئن شكرتم لأزيدنكم…". شكراً لك يا الله الذي لا يحمد على مكروه سواه..!.
استيقظت لأتابع نومي من جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ


.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟




.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا


.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل