الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلاة عيد الكبش

عذري مازغ

2014 / 10 / 5
الادب والفن


تورطت ذات صباح عيد في جدل مع ضيوف في مسائل دينية، كنت أتبنى نوعا من العقلانية الرشدية في الحوار لإقناع الأهل بأن الإسلام ليس هو ذلك التطرف الذي ركبه جزء من أبناء عم والدي، حيث أن التحية معنا نحن أهلهم كانت مع النساء تتم بوضع حجاب على الكف بشكل مستفز كما لو أن يديك ملطخة بالزفت، في الوقت الذي كان علي انا من عليه أن يحمل قفازا على حد تعبير نيتشة وكمامة على وجهه كلما ألقته الظروف بجماعة متدينة، حاولت في ذلك النقاش أن أكون وعظا في الوقت الذي نبهني أخي بأنه علي أن أنسحب حتى لا أتورط أكثر في جدال لا ينفع مع أهلنا ممن عمروا أكثر (كانوا بالتحديد أعمامي وجيراننا في القرية الصغيرة) أذكر أن كنت مقنعا جدا، حتى فقيه الحي، غير من لهجته القديمة نحوي عندما كنت طالبا مستفزا، أنظر إلى رجال الدين وأشير في وجههم بيدي الإثنتين إلى فوق رأسي معبرا لهم على أنهم أكباش بقرون، وكانوا كلما التقوا والدي اشتكوا له لسوء تقديري لهم ونقص التربية والأخلاق، بدا فقيه الدوار هذه المرة يناديني ب سي وهو اعتراف شرفي حيث سي لا تقال إلا لكبار القوم، لكن مع احتدام الجدال وكسب ثقتهم أكثر تفضل كبير أعمامي موجها إلى الخطاب:
ــ بما أنك تعرف جيدا في أمور الدين لماذا لا تصلي؟، يا إلهي من لعنة هذا الصباح، كان السؤال مفاجئا بشكل تعثرت في إجاد جواب مقنع، أجبته بأنه لم يهديني الله بعد، وأتمنى الهداية مستقبلا، هذا الجواب كان لي مخرجا في أمور سابقة مع جدي من والدتي، كان جدي هذا جميل الملامح، وسيما وغنيا بعض الشيء، كان أيضا أزير نساء بشكل كانت كل أمواله التي ورثها تذهب سدى في جلسات السمر التي كان يسهرها في أضرحة الزوايا (زوايا الأولياء الصالحين) وحدث يوما أني امتنعت عن زيارة الأهل بسبب الحمولة التي أتلقاها نقدا بسبب عدم الحصول على شغل، كان الجد هذا كلما التقيته يسألني أولا:
ــ هل وجدت عملا؟
بالتأكيد ليس من السهل وجود عمل في مغرب البطالة المقنعة، لكن لمزيد من شحني بالغيرة وتكبيدي أكبر شعور بالإنحطاط في نظرهم كان ينتقل إلى السؤال الثاني:
هل تصلي؟ بالطبع كانت أجوبتي هي التي ذكرتها في هذا المقطع، لا أصلي وأتمنى الهداية، بعض المرات يتمتم بالدعاء: "الله يهديك"، ومرات أخرى يتجرع ضلالي بصمت إلى أن وضعت حدا للأمر ذات يوم، التقيت أحد أخوالي الذي بدا مؤنبا لي بكوني أمر بقربهم دون زيارتهم، كان خالي هذا متفتح إلى حد ما، أخبرته بصراحة من إحراج جدي لي، كما أخبرته أني الآن في حالة لا تسمح بتقبل مزيدا من الإهانة بشكل سأخسر أو هم سيخسرون احترامي، حثني على مصاحبته لزيارتهم وحدث ما توقعته تماما، لكن حسمت الأمر بشكل اقتنع جدي بما لايدع مجالا للشك أني أحمل جزءا ورثته من جيناته:
ــ هل تعمل؟
ــ لا لم أجد عملا بعد، ردت عليه
ــ ألا تبحث في أي مكان؟ لكن، أي زمان وأي مستقبل يستطيع أبناء بنتي فاطمة أن يحصلوا عليه، قالها موجها العتاب إلى شيء غيبي، إلى حظ ابنته الكبيرة والدتنا
ــ الزمان الذي حصلت عليه أنت؟ أجبته بنوع من التحدي
ــ ماذا فعلت أنا؟
ــ كنت تضيع أموالك التي ورثتها في أضرحة الزوايا، نظر إلي مليا ثم أجابني بشيء من الإعتراف
ــ إذن أنت تشبهني،
ــ لا.! أنا لا أشبهك، لم أرث بعدا شيئا أضيعه.. صمت جدي بالمرة بشكل لم يعد يسألني لا عن الصلاة ولا عن الزكاة.
في صبيحة العيد، تولى عمي مهمة الوعظ التي كانت لجدي، نفس السؤال، لكن في وضع مورط كنت أدعي فيه معرفة بالدين، كانت إجابتي بالهداية والوقت غير مقنعة بشكل أمرني بالخروج معهم إلى المسجد ثم بعد ذلك إلى الحقل الذي تقام فيه صلاة العيد، والدتي كانت متحمسة للأمر بحيث قطعت علي حالة التردد بإحضار جلباب وطقوس الرجل التقليدي المغربي، أمي المسكينة كانت دوما تخاف أن يصيبني مكروه حتى بعد موتي.. بحثت عن شيء آخر مقنع كالظهور بعدم الوضوء والخروج من الموقف بأي ثمن، إلا أن القرية غزيرة بمياهها بشكل لا يمكن التظاهر بالأمر، ثم لا يمكن أن تصبح في العيد وأنت لم تقم بالإغتسال وما يتبع ذلك من تقاليد العيد عندنا.
خرجت معهم إلى المسجد، كان الأمر محرجا للغاية، فأنا لم أصلي في حياتي، ولا أنا أعرف فروضها ولا طقوسها من الركوع والسجود، كان علي أن أخوض الأمر بطريقة ذكية جدا لا تثير الشك في ما أبديته في الحوار من معرفة بالدين، كان على أن أصلي خلف أحدهم وأعمل كل يفعله.
بدأت الوقوف خلف جارنا، أسجد حيث يسجد وأركع حين يركع، سمعته في البداية قد صرح بانه سيصلي ركعتين تحية المسجد، تقمصته في كل شيء إلا أني كدت اتورط، هو أتم ركعتيه تحية للمسجد وبدأ يصلي صلاة أخرى، وأنا توقفت مع ركعتي التحية،عمي كان يشعر بنوع من الغبطة أنه أوقعني في التوبة، لما رآني توقفت أمرني بأداء صلاة الصباح أيضا، لكن المشكلة أن الشيخ جارنا قد قطع شوطا في الصلاة وأنا لا أعرف كيف أبدأ ولا كيف أنتهي، بالصدفة دخل جار آخر وبدأ صلاته، حاولت تقمصه هو الآخر لأكون أنا الذي لا يصلي قد صليت ، ركعت، سجدت أكثر منهم جميعا. أما صلاة الجماعية في الحقل فكانت أضحوكة تامة بحيث أن خطبة العيد حول القصص القرآني في ما حصل لإبراهيم وابنه، فكادت أن تصيبني هستيريا من الضحك: كانت تبدو لي قصة من قصص الأطفال التي تلهم عقولا شائخة كعقل كبير أعمامي الذي كان يردد الله أكبر في كل عجب يرويه الإمام من كون الصخور والأتربة والأشجار كانت تحث إبراهيم على أن لا يذبح ابنه إسماعيل، وكان هو مصرا لولا نزول الكبش من السماء..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - االعقل السليم
جابر بن حيان ( 2014 / 10 / 5 - 12:08 )
الانسان الذي له عقل سليم لا يمكنه ابدا ان يؤمن بديانة من الديانات حتى وان كان هناك من الاه فهذه الديانات تسيئ له اللهم اذا كان غبيا وهو من كان ورائها فمثلا لو اخذنا سورة الرحمان وما فيها من ركاكة وحشو واطناب فهل هناك الاه يقول هذا الكلام ويجعل من نفسه مجرد صانع للنساء الابكار ليطاها عباده الصالحين هل لا بد من اغراء عباده بكل المتع والملذات من حور عين وانهار خمر وعسل ولبن وتياب من سندس واستبرق واساور من ذهب لكي يؤمنوا بوجوده وما ذا سيزيد ايمانهم بوجوده او ينقص منه اذا كان فعلا موجودا


2 - شكرا لمرورك
عذري مازغ ( 2014 / 10 / 5 - 23:25 )
فكرة جميلة عالجتها فلسفة الكيندي والفارابي وابن سيناء وغيرهم من فلاسفة التنوير برغم طابعها الميتافيزيقي، فهي تعقلن وضع الله المفترض وجوده من خلال كونه يمثل المطلق في التنزيه والكمال والغنى وما إلى ذلك، فهو لن تغنيه أو تعنيه الطقوس في شيء، صحيح جدا أن الديانات تسيء إليه خصوصا أن بعض الطقوس بنيت على أحلام أنبياء
اليوم اكتشفت من خلال صديق في الفايسبوك أن الشيطان جنسيته سعودية لذلك يحج الناس لرجمه هناك.. هههههه
شكرا لمرورك القيم جابر


3 - سبحان الله
حسنين قيراط ( 2014 / 10 / 6 - 12:42 )
سبحان الله عما يصفون
سبحان الله له في خلقه شيؤن


4 - سلاما
حسنين قيراط ( 2014 / 10 / 6 - 12:52 )
بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)

صدق الله العظيم


5 - سلاما
حسنين قيراط ( 2014 / 10 / 6 - 12:57 )
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)

صدق الله العظيم


6 - السيد حسنين قيراط
عذري مازغ ( 2014 / 10 / 6 - 13:16 )
ماذا آخر غير الوعيد؟
يفكر الله في هذه الآبات كما تفكرون
آمنوا بي وإلا أصليتكم نارا أنتم وقودها، وماذا بعد؟ سينتشي لانتقامه ويقيم حفلة أم ماذا؟


7 - سلاما
حسنين قيراط ( 2014 / 10 / 6 - 16:34 )
بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)

صدق الله العظيم


8 - سلاما
حسنين قيراط ( 2014 / 10 / 6 - 16:36 )
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)
صدق الله العظيم


9 - حسنا وماذا بعد ذلك أيضا؟
عذري مازغ ( 2014 / 10 / 6 - 18:47 )
شيء آخر خارج ثنائية الوعد والوعيد؟
هذه حفظناها منذ الصغر، هي استدراج النفس إلى نفي ذاتها في الدنيا واغترابها في الحياة، وعدها بأمور الملذات في الجنة أو العقاب في النار، ويبقى السؤال ماذا بعد؟ مالذي يستفيذه الله من ذلك؟؟


10 - هذه الﻵ-;-يات لا علاقة لها بالقصة
عذري مازغ ( 2014 / 10 / 6 - 19:55 )
يا أخي هذه آيات لا علاقة لها بالقصة، إن قرأتها فعلا، فأنت لا تميز بين القصة وشخصي، هذا تهديد مبطن بلسان القرآن مفاده: اسلم تسلم
ولا علاقة للأمر بالحوار المتمدن


11 - اللهم أهدينا فيمن هديت
حسنين قيراط ( 2014 / 10 / 6 - 20:04 )
عذري أنني كنت أجهل عذري
فهل تتقبلي يارب عذري
يارب سامحني وسامح عذري
فمن غيرك ربي ورب عذري
ومن غيرك في غني عني وعن عذري
أن يكن أمس واليوم بعيد عذري
فغدا إن تشاء تقبل عذري
وغدا إن تشاء تهديني
وتهدي معي عذري

اخر الافلام

.. ما هو اكثر شيء يزعج نوال الزغبي ؟??


.. -احذر من صعود المتطرفين-.. الفنان فضيل يتحدث عن الانتخابات ا




.. الفنان فضيل يغني في صباح العربية مقطعا من أحدث أغانيه -مونيك


.. مشروع فني قريب بين الفنان فضيل وديانا حداد وجيبسي كينغ




.. أغنية -عبد القادر- بصوت الفنان فضيل في صباح العربية