الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كراج النهضة

علي شايع

2005 / 8 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


ويسألونك عن كراج النهضة..
فقل: هو مرآب لسيارات النقل العام في بغداد كبير،بالأمس انفجر الحقد التكفيري فيه..
بالأمس،الأرض مدّت وألقت ما فيها وتخلّت..حتى سال دم جنوبي ليختلط بآخر شمالي..وكان العراق كلّه هدف الانفجار ذاك، حيث يلتئم المسافر محتشدا بالآخرين، كلّ إلى جهته..
بالأمس مكان استودع ابن زريق البغدادي قمره الطالع من فلك الأزرار، ومن بين أجنحة حمامات كان الجواهري قد رأى لواذهن بين ماء دجلة وطينها..
بالأمس الأرض مدّت..وألقت ما فيها..وتخلّت..مكانَ غنى الشاعر ملتاعاً الى بغداد:
فقد طفتُ في شرق البلاد وغربها وسيرتُ رحلي بينها وركابيا
فلم أرَ فيها مثل بغداد منزلاً ولم أرَ فيها مثل دجلة واديا
هو إذن كراج النهضة البسيط،فليس لدينا مطارات تربط شرق البلاد بغربها،أو تصل عالما بآخر مثلما يدّعى عن مطار هيثرو،ولا محطات لقطارات تشابه ما أراه ملتاعاً،هنا، في هولندا حيث فاق عدد قطاراتها الألف قطار، وعلى سكك تصل إلى خمسين ألف كيلو مترفي مساحة بلاد تفوقها بقليل مساحة مدينة السماوة العراقية التي كانت تعسكر فيها القوات الهولندية..
تذكرتها وتذكرت"الريل"؛ذلك القطار الليلي المارّ في أغنية جنوبية على سكة وضعها الإنكليز قديما، ليسرق نصفها الشمالي القائد الضرورة!، وقت صارت سقوفاً لملاجئ حربه مع إيران.. تركها في أرضهم،عائدا إلى اتفاقية الجزائر بوهم نصر عروبي كبدنا فيه غالي الأرواح ومليارات الدولارات..
سأنسى كلّ الخسائر تلك لأتذكّر أكوام الحديد والخرسانة الباقية في إيران!!..قرب طائرات هرّبها الطاغية إليهم / الى الصدأ خوفا من القصف في الحرب الأخيرة..
أقول لازلنا في العراق نستقل باصات النقل العتيقة في كل جهات العراق لنصل متهالكين برداً في الشتاء،وحراً في الصيف..في مناخ تطرّف دهره علينا..

ويسألونك عن كراج النهضة..لم تكتب عنه،قل؛هو فقير كرواده والعابرين منه،فقير تشم فيه بؤس الوافدين من الجهات الأربع.. بالأمس، وبسبب تفجير تكفيري،اختلطت خطى العابرين دماً فيه،امتزجت بسواد العراق كلّه،لحظة لم تفرّق القنابل بينهم،فكما يرأب هذا المرآب الجهات كلها بألوان من فيه،يجمعهم عرباً وأكراداً،وآشوريين...و..و.. تقاسموا موتاً لم تتغير خرائطه مذ ترجل ملك تلك الجهات الأربع عن عجلة معاركه في تلك الوهدات على مشارف دجلة..
ومذ صاح القرشي؛ إنما هذا السواد بستان لقريش....
بالأمس مرّ اسم هذا الكراج في إعلام العالم،صار مشهوراً،ولكن إلى م يشهرنا الموت؟..
بالأمس..تجاوز عدد قتلانا ضحايا تفجيرات منتجع شرم الشيخ المصري،يوم هبّت الجامعة العربية مستنكرة لتعلن وقفتها مع مصر وإصرارها على أن تكون القمة العربية القادمة في شرم الشيخ..
فمن لنا بمؤتمر للفقراء والمنسيين في كراج النهضة؟..
لنا أن نسأل ولا ننتظر إجابة،هكذا منذ وقت طويل،نسأل ونستغرب من تواتر الزمان علينا،ومن بساطة أمهات لازالت قلوبهن تحوم على ذلك المرآب البئيس،وبين حقائب جند تسوقهم الأقدار في جبهات الحرب وجهاتها.. وبدعائهن المستديم:"فأمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء"..
لنا أن نسأل ولا ننتظر إجابة،عن سرّ الزمان في أمن بغداد..
أسأل عن مشاع الموت البغدادي وفي نفسي نكتة ذكّرتني بها مصيبة كراج النهضة؛ فقرب كراج آخر كانت سيارة الانقلابي طاهر يحيى- رئيس وزراء العراق أيام عبد الرحمن عارف وأيام انقلاب البكر- تمرّ من هناك،وفجأة أمر رئيس الوزراء سائقه أن يتوقف،مرتبكا لسماع صراخ يتعالى بهستيرية وانفعال عمَّ المكان: ثورة،ثورة،ثورة..حتى أمر السائق على الفور أن يتجه به إلى وزارة الدفاع،حيث منطلق كلّ ثورة عراقية وانقلاب أيامها،فوجد الوضع بما هو عليه من استقرار في الوزارة،وتقصى حقيقة الصيحات عن الثورة في وسط بغداد،فقيل له،ربما كان نداء السائقين لركاب يتجهون إلى "مدينة الثورة" إحدى ضواحي بغداد!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة