الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها المثقفون ما هي حلولكم..!!؟

كريم كطافة

2014 / 10 / 6
الادب والفن


من البضائع الفاسدة للحقبة السوداء حقبة (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، التي قادتها الأحزاب القومية في مجتمعاتنا، واستكملتها الآن الأحزاب الدينية، ثمة بضاعة على درجة عالية من الخطورة لحجم الخداع الذي تستبطنه، خداع النفس وخداع الجمهور، وقبلهم وبعدهم خداع المثقفين أنفسهم، البضاعة القائلة أن (للقلم وللبندقية فوهة واحدة).
القلم بالنسبة لي هو كل أداة إبداع جمالي، إن كان سرداً، شعرا، رسما، نحتا، موسيقى..إلخ والبندقية هي أداة السياسي لفرض مشاريعه قبل أن تكون أداة العسكري الذي هو نفسه أداة للسياسي.
من حيث المبدأ لا أجد تعارضاً بمعنى العداء بين النشاط السياسي والنشاط الثقافي. الشخص السياسي يتعامل مع الواقع كما هو عليه ومنه ينطلق بحثاً عن حلول ومشاريع يخدم بها فئة من المجتمع. وأقول فئة من المجتمع لأنه لن يستطع أن يجعل حلوله تخدم الجميع، طالما المجتمعات المعاصرة قائمة وفق بنية طبقية وفئوية بينها من التفاوت على صعيد امتلاك الثروة الكثير، إلى الحد الذي يخلق بالضرورة صراعاً تحاول فيه كل فئة أو طبقة الحصول على ما تعتقده حقها من الثروة الوطنية أو القومية. لهذا يكون لكل سياسي حاضنة مجتمعية تدعمه وتقف خلفه في خلافاته وصراعاته. وهذا المقياس يصلح حين يكون المجتمع على شيء من الاستقرار ومواطنيه يلمسون مصالحهم المادية على الأرض وليس تلك المصالح الكامنة في الغيب وفي ما وراء الموت كما هو حاصل الآن في بلدنا.
أما المثقف فينطلق من الواقع ليس كما هو عليه بل كما يريده أن يكون. تبعاً لرؤيته العابرة للحاضر هو أما يستقرأ الماضي ويعيد إنتاجه أو يستشف المستقبل، الأمر الذي يجعل رؤيته تنتمي للحلم أكثر منها للواقع. أمام عين المثقف (المبدع) كل شيء يحمل عيوبه ونواقصه وهو يبحث عن الكمال الذي لن يصله لكنه يظل يلهث خلفه.
لهذا، أقول من الجنون انتظار الحلول من المثقفين. الحلول يقدمها السياسيون. هذا على افتراض وجود سياسيين تكون السياسة وشؤون الإدارة هي عملهم وعالمهم. يقدمون الحلول والمشاريع سواء ذات الأهداف العامة كنظم الخدمات أو ذات الصبغة الخاصة بهذه الفئة أو تلك من فئات وطبقات المجتمع التي يمثلونها، في النهاية هم يقدمون خدمة للمجتمع. أما المثقف فيخدم المجتمع بوسائل وقنوات أخرى، يقدم الجمال بألوانه المختلفة، جمال النص، جمال القطعة الموسيقية، جمال القصيدة، جمال الرقص، جمال اللوحة، جمال الصورة...إلخ في الواقع هو يعمل على جعل الحياة قابلة للعيش رغم كل ما فيها من عيوب وآلام معاشة. هكذا يكون جهد السياسي والمثقف على شيء من التكامل، شرط أن يفهم كل منهما حدوده وحدود الآخر ولا يتدخل فيها.
هذه هي رؤيتي لرسالة الفن (وكل أشكال التعبير هي فن) تقديم الجمال وهذا يبهر ويفرح ويسعد الكائن البشري وهو أي الجمال موجود ومتوفر في البيئة على تنوعها الإنساني والحيواني والنباتي وبباقي موجودات الكوكب. موهبة الفنان هي الاكتشاف وعمق البصيرة. النحّات يرى في الصخرة التي أمامي وهي مجرد صخرة بالنسبة لي، يرى فيها كائناً من نوع ما أو شكلاً ما.. كذلك السارد والشاعر والموسيقي في علاقتهم مع الأصوات والصور.. وهذه تكون أقدس خدمة يمكن أن يقدمها الفنان لمجتمعه..
لكن مشكلتنا العويصة التي جعلت كثير من المثقفين يقعون في هذا الفخ ويستمرأونه إلى حد القناعة به أقصد أن المثقف قادر على تقديم الحلول بل الحلول محل السياسي في إدارة شؤون البلد، للأسف حصل هذا ويحصل الآن لأننا عانينا وما زلنا نعاني من سياسيين ليسوا بسياسيين البتة. بل كائنات يصعب وصفها إلى أي مجال حياتي تنتمي. ملفعة بالقبح وبالتخلف والجهل والأمية في ألف باء السياسة ومعادية بشكل صريح للثقافة والمثقفين، ديدنها مصالحها الشخصية وتالياً مصالح أحزابها أو عشائرها وعلى نطاق ضيق جداً. تمتاز بدناوة النفس تجاه المال العام وقلة الاكتراث بالضرورة بمصالح البلد العليا. ومما زاد الطين سيان أسود ومصخم هو دخول الدين والتدين الشعبي الساذج واعتماده من قبل هؤلاء اللصوص رافعة لاستحواذهم وتشبثهم بنظم الإدارة والقيادة في الدولة. لهذا السبب نجد مثقفينا لا يتوانون من التدخل في الشؤون السياسية ومن زوايا النظر الخاصة بهم التي تجعل ما يقولونه ويطالبون به من حلول عرضة للسخرية من السياسي اللص ومن المواطن المكتوي بفساد وإجرام هذا السياسي على حد سواء. الأمر الذي شطرهم إلى متراسين، أحدهما سلّم أمره وصار تابعاً ذليلاً للسياسي طامعاً في عطاياه من فتات ما يسرق وينهب والشطر الآخر منهم ظل وما زال يعاني من عقدة الشعور بالذنب، حين يواجه في مكان عام بسؤال غبي: وأنتم المثقفين بدل ان ترغون وتزبدون في النقد.. ما هي حلولكم..!!!!!!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ولكن
عدلي جندي ( 2014 / 10 / 6 - 14:13 )
رجل الدين لازال في مجتمعاتنا هو ...حجر ...الزاوية ....يبني عليه السياسي الإنتهازي سلطته ويستعمله رجل الدين في قطع لسان و محاكمة المثقف بل والتخلص منه بواسطته
مع الشكر والتحية
طرح جدير بالتأمل


2 - الصديق العزيز كريم كطافة
فؤاد النمري ( 2014 / 10 / 7 - 04:33 )
المثقفون هم الشريحة الطليعية من طبقة البورجوازية الوضيعة . ولما كان تقسيم العمل الاجتاعي لا يعطي طبقة البورجوازية الوضيعة سوى إنتاج الخدمات فذلك يقطع في أن البورجوازية الوضيعة بمجملها وليس المثقفين فقط لا تمتلك نظاماً ثابتاً للإنتاج أو أي مشروع وطني
قدر المثقفين هو خدمة الطبقات الإنتاجية الأخرى
مع وافر التحيات

اخر الافلام

.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش


.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان




.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص