الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن الذين كبرنا بسرعة الحرب !

فليحة حسن

2014 / 10 / 8
الادب والفن


نحن الذين كبرّنا بسرعة الحرب !
أبداً لم يسألنا الربُّ حين ألقى بذاره فيها وقال : كونوا / فكنّا
أطفالاً تلثغ بهمس البيوت الغافية
نركض صوب المدارس محاطين بأدعية الأمهات خشية كلَّ شيء !
غير إن مديرة المدرسة اختصرت حيواتنا جميعاً بجملتها الخانقة :
" سنعود بعد أن تنتهي الحرب.....بعد عشرة أيام فقط "
قالتها "نازنين" بلكنتها الكردية
وظللنا نحن الطلاب المجتمعين في ساحة الاصطفاف
فاغري الروح دهشة وخوفاً ،
استطالت الأيام وصارت سنيناً
تفرقنا ......البنين الى ساحة الثرم
والبنات الى دكة الانتظار
لم يعودوا أبداً أصدقائي
جمعتْ بقاياهُم صناديق خشب مزينة بثقوب الفراق !
أمي / مثلنا أصابها الانتظار
جلست تقاسمنا انتظار أبي الكان يعود مرة ويرحل مرات ، ولا نعلم أين!
فإذا ما أراد اجتناب السؤال قال : الى جبهة متحركة !
صرّنا (نلّتم) * أيامنا ونلصقها عنوة بالتقاويم
ثمان من النزف ظللنا نكتحل بتراب المقابر ولاشيء سوى اليافطات ( عاش الرئيس)
وفعلاً عاش طويلاً ليخيط حرب بحرب !
وأخت أبي تعد على أيامها أبناءها
لم يرجعوا
اختصرتهم جميعاً ( بمجلس فاتحة واحدة) وصمت طويـــــــــــــــــــــــــل !
......
.....
.....
خرجنا من الحرب منتصرين
ههههههههههههههههههههههه
قال الرئيس
لندخل في حربه الثانية
ولم يعلم الجند شيئاً عن السارية !
......
وأمي / تعدُّ نطاق** أخي وتدري بأن المعارك ليست سوى لعبة خاسرة ،
نجوع
نجوع
ويكبر كرش*** الرئيس
يظهر متباكياً في الإذاعات
ليست لديَّ سوى بدلة واحدة !
ومن خلفها يزفُّ أبنه بطائرة من ذهب
.......
لا تخف
يربّتُ جاري كتف أبنه
عدتُ من الحرب حياً وسأبقى
يهرول قبل انبلاج الصباح نحو المشافي ويحيل بعض ما في الشرايين نقود !
....
......
.....
وتجلس أختي
تنيم الوليد تغني له : أريد من الحرب أن لا تعود
وأن تبقى لي
تعوضني ذلك الراحل اللايتكرر –وتعني أباه – شهيد الحروب !
ولكنها سيئة
مرائية
مجبولة على المكر
تسترق السمع بمجرد أن يكبر الطفل تسرقه !
ألا تشبعين ؟
ألا يأتي يوم أحيطُّ به بعض عائلتي بهدوء – كما يفعل الناس هنا - ؟
إلا يأتي يوم أعدُّ به على دفتر العمر بعض الأماني وتغدو حقيقة؟
لست امرأة لأكلمك وجهاً لوجه
وأسم الإشارة ( هذي) لا يليق بكِ
فما أنت إلا شر طليق !

فليحة حسن
..............................................................
* نلّتم / كلمة باللهجة العراقية الدارجة تعني نجمع
** نطاق / كلمة باللهجة العراقية الدارجة تعني مايلبسه الجندي كحزام
*** كرش / كلمة باللهجة العراقية الدارجة تعني بطن وقد تشترك هذه الكلمة في هذا المعنى مع عدة لهجات عربية كالمصرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد


.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد




.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام