الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربع قرن على زلزال صاحب الآيات الشيطانية..هل يحصل على نوبل ؟!

محمد القصبي

2014 / 10 / 8
الادب والفن


حصل الكاتب البريطاني الهندي الأصل سليمان رشدي على جائزة بن- بنتر ..وهي الجائزة التي أطلقت تكريما لاسم الكاتب البريطاني الراحل هاري بنتر ..
وفوز رشدي بالجائزة هذا العام ..ليس في الغالب لإجادته فن الأدب ..بل وطبقا لحيثيات لجنة التحكيم – تقديرا لدعمه لحرية التعبير ومساعدته السخية لكتاب آخرين ..! وإن كانت
الروائية مورين فريلى رئيسة لجنة التحكيم قد أشارت في بيانها إلى أن منحه الجائزة يرجع أيضا "لأعماله الكريمة التى لا تحصى" !
ولاأظن أن أحدا من الكتاب والمفكرين الذين ظهروا خلال المئة عام الأخيرة يباري سلمان رشدي في شهرته ..لايستثنى من تلك المقارنة ..عظماء مثل برتراند راسل.. جان بول سارتر ..ألبير كامو..أرنست همنجواي وبرنارد شو.. فربما في عالمنا العربي أو في دولة مثل بنجلاديش لايتجاوز عدد من يعرفون سارتر مثلا مئة أو مئتي ألف ..قرأوا عنه في مجلة أو صحيفة ..ودون ذلك بكثير من قرأوا له ! أما "رشدي " فالسواد الأعظم من سكان الكوكب يعرفونه ..أليس هو الكاتب الذي تظاهر ملايين المسلمين في ربوع العالم الإسلامي احتجاجا على آياته الشيطانية ..و صدرت فتوى بوجوب قتله ..فاختبأ عشرين عاما.. !
ظاهرة فريدة بل وغير مسبوقة في عالم الأدب !
لكن ماذا عن سلمان رشدي الأديب ..هل هو
بالكاتب "الفائق" الجدير بكل هذه الشهرة التي حققها في أرجاء الكوكب؟
أولى روايات سلمان رشدي"غريموس " لم تلفت الانتباه لاعلى مستوى النقاد ولاعلى مستوى القراء!
إلا أن روايته " أطفال منتصف الليل" هي التي نالت استحسان النقاد ..ومازالت – من وجهة نظرهم – أهم أعماله ..
حيث يرون أنها تركت تأثيرا عظيما على شكل الأدب الهندي-الإنكليزي وتطوره ...ليصدر بعد ذلك عدة أعمال مثل رواية " عيب" و" ابتسامة جاكوار" ..وغيرها ..
ورغم الاحتفاء التي حظيت به روايته "أطفال منتصف الليل " ..إلا أن العديد من النقاد لايتعاملون مع أعماله كأدب "فائق الجودة" ..وكما نوهت فالشهرة التي اكتسبها خلال ربع القرن الماضي تعزى إلى كتابه "آيات شيطانية" الصادر في 16 سبتمبر عام 1988
وهي الرواية التي أثارت احتجاجات هائلة في أنحاء العالم الإسلامي ..حيث اشتعلت المظاهرات في شبه القارة الهندية ..وسقط العشرات من القتلى والمصابين خلال مظاهرات غاضبة في باكستان ..واضطرت السلطات الهندية تحت وطأة غضب عشرات الملايين من المسلمين وضغوط جماعة "جنت " المسلمة إلى منع تداول الكتاب ..وطالب علماء الدين في المملكة العربية السعودية بمحاكمة سليمان رشدي
..وبلغ الغضب ذروته بإعلان المرشد الأعلى آية الله الخميني فتواه بإعدام صاحب الآيات الشيطانية ..وخصصت طهران مليون دولار لمن ينفذ الحكم ..لترفع بعد ذلك من قبل مؤسسة "15 خرداد" إلى ثلاثة ملايين وثلثمائة ألف دولار .
فكيف استقبل الكاتب البريطاني موجات الغضب تلك ؟
أظن أن شيئا من الخوف تملكه ..وتفاقم قلقه مع اغتيال المترجم الياباني هيتوشي أغاراشي الذي تولى ترجمة الكتاب إلى اليابانية .
..واضطر "رشدي " إلى الاختباء..وخسر زوجته التي طلبت الطلاق لرفضها العيش معه مختبأ ..!
لكن أظنه أيضا كان سعيدا!! ..فلقد أصبح مثار حديث العالم كله ..حتى لدى شعوبنا العربية والإسلامية التي لاتعرف من الغرب سوى بيكهام ورونالدو وميسي ..وربما أوباما والملكة إليزابيث ..أصبح الكثيرون من العرب والمسلمين يرددون إسمه ..بالطبع مرادفا لاسم أبي جهل أو أبي لهب ! أما في الشارع الغربي فأحيط بالإعجاب ..وهذا ما يعنيه ..فالمئات من منظمات حقوق الإنسان عبر ضفتي الأطلنطي أعلنت تأييدها للكاتب البريطاني واستهجانها لملاحقته والسعي لقتله ..!
مثل هذه الأخبار كان "رشدي" يستقبلها في مخبأه وهو يفرك يديه ارتياحا ..فها هو الطريق يبدو ممهدا ..بل و مفروشا بالسجاجيد الحمراء نحو الأكاديمية الملكية في ستكهولم .. يخطو فوقها وهوفي طريقه لاستلام جائزة نوبل .. محاطا بفرق من القوات الخاصة المدربة تدريبا جيدا لحمايته من "الهمج " أعداء حرية الإبداع..هذا هو الحلم الذي يداعبه منذ أن أمسك القلم ليكتب ! فإن كان الكاتب السوفييتي "بوريس باسترناك " قد أسدى خدمة عظيمة للغرب خلال حربه الباردة مع الكتلة الشيوعية بروايته "د.زيفاجو " والتي فضح فيها الحياة غير الإنسانية داخل الاتحاد السوفييتي ..حيث تلقفت الاستخبارات الأمريكية الرواية كما قالت صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر يوم 6أبريل الماضي لتترجمها إلى العديد من اللغات وتطرح مئات الآلاف من النسخ منها مجانا في كافة بلدان العالم ! لتصبح أكثر الكتب انتشارا ..بل وحرضت " أصدقاؤها" من صناع السينما لتحويل الرواية إلى فيلم من بطولة عمر الشريف وأخرجه ديفيد لين ..ليحصل على خمس جوائز أوسكار .. فلقد كافأت "باسترناك " من خلال دهاليزها السرية التي تربطها بالأكاديمية الملكية في ستكهولم بجائزة نوبل !

وهاهو "سلمان رشدي" بآياته الشيطانية يسدي أيضا خدمة هائلة للغرب في حربه ضد الإسلام والتي اشتعلت عقب انهيار الاتحاد السوفييتي في أوائل تسعينيات القرن الماضي ..وازدادت اشتعالا مع أحداث 11سبتمبر 2001 .
لكن السنوات تمضي دون أن تطير وكالات الأنباء خبر فوزه ب "نوبل " !
وبدا الأمر أمام "رشدي" غير مفهوم ..إنه يعلم تماما مثلما يعلم غيره من المثقفين أن الجائزة كثيرا ماتمنح لأسباب أخرى غير إجادة الكتابة ..! و"بوريس باسترناك" نموذجا ..منحوه الجائزة مكافأة على تعريته للنظام السوفييتي القامع ..
بل أن "رشدي " بعد إصداره " آيات شيطانية " بثلاثةعشر عاما ..أي في عام 2001 فوجيء بلجنة نوبل تمنح جائزتها للكاتب متعدد الجنسيات "ف إس نايبول" الذي ولد في ترينداد لأبوين هنديين ..وتخرج من جامعة إكسفورد ..وحصل على الجنسية البريطانية.. وأمضى شطرا من عمره في إفريقيا .."لهذا أصفه في مقالاتي " بالكاتب المتعدد الجنسيات !!" ..وبدا الأمر أن حصول نايبول على الجائزة مكافأة له على غاراته التي لاتهدأ على الإسلام والمسلمين في شبه القارة الهندية التي يعزي تخلفها إلى الديانة الإسلامية !ّ ووصفه الإسلام بأنه أسوأ من الاستعمار لأنه على حد زعمه "يلغي الفرد " ..وقد اشتدت غاراته على المسلمين عقب أحداث 11سبتمبر 2001..! حتى أنه في حوار مع صحيفة ألموندو الأسبانية شن هجوما عنيفا على الإسلام والمسلمين دعا فيه إلى إجبار المملكة العربية السعودية ومصر والجزائر وباكستان على دفع تعويضات عن العمليات التي وقعت في نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر ... بل واتهم العرب بأنهم "يريدون أن يمدوا صمت الصحراء إلى كل مكان..ووصفهم بأنهم أمة جاهلة لا تقرأ، وهم يقفون ضد الحضارة"، وأن المسلمين بشكل عام شعوب "مليئة دائما بالحقد، ويعتقدون أنه لا سبيل إلى التعايش مع شعوب أخرى إلا بالقوة".
ولم ينس مهاجمة المقاومة الفلسطينية ..حيث وصف من يقومون بعمليات استشهادية بأنهم "متطرفون يحلمون بدخول الجنة " !
فإن كان نايبول كوفيء على مواقفه تلك بأرفع جائزة في العالم ..أليس صاحب الآيات الشيطانية أيضا جديرا بها ؟!

ولاأظن أن اليأس يمكن أن يجد ثغرة يتسلل منها إلى دواخله ..حيث
أصدر رشدي منذ عامين كتابا آخر هو "جوزف أنطون ..مذكرات " ..ويفترض في مادة كتابه هذا أن تكون مثيرة .. نظرا لتناول سيرته الذاتية خلال سنوات الاختباء..وبالفعل
..تضمن الكتاب بعض الوقائع شديدة الجاذبية بمنطق الميديا .. كقوله أنه كان يقوم بزيارات سريه لبيوت أصدقائه..وكان يتنقل متخفيا بين 20 منزلا..تحت مراقبة رجال الشرطة..وكان رجال الشرطة يرافقونه حتى إلى داخل دورات المياه خشية اغتياله، لكنه رفض ارتداء شعر مستعار وقناع يغير ملامح وجهه وسترات واقية من الرصاص.
فهل تنجح محاولة " استدرار العطف " عبر مذكراته هذه في دفع لجنة نوبل في أكتوبر الحالي أو أي أكتوبر تال لمنحه الجائزة ؟!
لقد حظى صاحب الآيات الشيطانية من قبل بجائزة لها قيمتها الأدبية في الغرب ..وهي جائزة بوكر البريطانية ..بالإضافة إلى جائزة الكتاب البريطانية التي حصل عليها عام1981 في الأدب عن روايته أطفال منتصف الليل..كما منحته الملكة إليزابيث لقب سير عام 2007 ! ..لكن يبدو أنه سيظل مصوبا عينيه نحو ستوكهلم ..إلى أن يدرك أصحاب القرار في الأكاديمية الملكية الخدمات الجليلة التي قدمها للحضارة الغربية بكتابه "آيات شيطانية " ! والمخاطر الجسيمة التي تحيق به منذ أكثر من ربع قرن !
فهل تقدر لجنة نوبل تلك التضحيات الهائلة ..وتمنحه الجائزة ؟
وماذا لو حصل عليها ؟ أظن أن الفضل في ذلك سيعزى إلى فتوى الإمام الخميني ..!
لقد ذكر الكاتب البريطاني تريفور موستين في كتابه
"الرقابة في المجتمعات الإسلامية» Censorship in Islamic societies الصادر بالإنجليزية عن « دار الساقي» في بيروت عام 2002 أن أحد مستشاري المرشد الأعلى قدم له ملخصا عن الرواية في مطلع شهر فبراير عام 1989..وبعد أن قرأالتقرير قال باستخفاف أمام بعض مريديه "العالم كان دائما مليئا بالمجانين الذين يقولون مثل هذا الهراء "..
واستطرد قائلا : هذه الرواية لاتستحق حتى مجرد الرد عليها !
وقد نشر هذا التعليق في الصحف الإيرانية الصادرة يوم 2فبراير 1989..ويرى موستين أن الضغوط الداخلية والخارجية التي عانى منها المرشد الأعلى وأدت إلى انخفاض شعبيته كانت وراء إصداره بعد ذلك الفتوى بقتل "سلمان رشدي " ليستعيد تلك الشعبية !
فماذا لو ظل خميني متمسكا برأيه الأول .. أن الرواية لاتستحق الرد عليها ؟
الخاسر الأكبر في هذه الحالة هو سلمان رشدي نفسه ..حيث بركان الغضب الذي استقبلت به روايته سرعان ما يهدأ ..وينشغل العالم بأمور أخرى أهم ..لكن الفتوى وتداعياتها المستمرة من محاولة اغتيال فاشلة لصاحب الآيات الشيطانية عن طريق كتاب مفخخ في أغسطس عام 1989 .. واختفاء "رشدي "..واغتيال مترجم الرواية للغة اليابانية .. وتهديد ناشرين ومترجمين بالقتل ..وحرق مكتبات من قبل متشددين إسلاميين ..وتنظيم مسابقات لجمع وحرق أكبر عدد من نسخ الكتاب !..ثم إصدار" رشدي " كتاب "جوزف أنطون ..مذكرات" عام 2012 الذي يتناول فيه وقائع سنوات الاختفاء .. كل هذه التداعيات جعلته مستهدفا من الميديا على مدار الساعة ولأكثر من ربع قرن !
وكيف تبدو رواية " آيات شيطانية " تحت المجهر النقدي ؟
لقد حاز سلمان رشدي على جائزة ويتبيرد عن روايته هذه عقب صدورها عام 1988..لكن هذا لايكفي للقول بأنها رواية جيدة من ناحية معماريتها..كثيرا مايقع مانحو الجوائز تحت تأثير الرواج الذي يحظى به عمل ما ..وثمة اتفاق غير مكتوب بين النقاد مفاده :ليس كل أدب رائج جيدا !
لقد لفت انتباهي خلال تصفحي للمواد الأدبية المنشورة على موقع الحوار المتمدن دراسة مهمة للناقدة العراقية الدكتورة ميسون البياتي حول "آيات شيطانية" ..حيث تقدم الباحثة موجزا لأحداث الرواية تذيله برؤيتها النقدية .
وترى الباحثة أن الكاتب ألح من خلال صفحات روايته على فكرة أن في هذا العالم الحافل بالثنائيات كالموت والحياة .. الخير والشر الأبيض والأسود .. العدالة والظلم .. لا يوجد حد فاصل بين الإثنين .. فمادام الشيطان وبحكم طبيعته الملائكية –تقول الباحثة - قادرا على التجول في كل مكان فمن الممكن أن ينبع الشر من قلب الخير أو ينبثق الموت من رحم الحياة .. وبإسم العدالة يمكن أن ترتكب أبشع الجرائم .. أما الأبيض والأسود فبينهما ملايين من درجات الرمادي .
وتذهب "البياتي" إلى أن الرواية عبرت بشكل رمزي عن بؤرالصراع في آفغانستان وبعض مناطق آسيا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي خلال منتصف ثمانينيات القرن الماضي – وهي الفترة التي كتبت فيها الرواية- وظهور الجماعات الإسلامية كقوة مؤثرة واشتعال الحرب العراقية الإيرانية .
وتنتهي الدكتورة البياتي إلى حقيقة لاتتجاوز كثيرا ما قلته في موضوعي هذا : أن سلمان رشدي كان يريد توظيف هذه الهجمة الإسلامية على روايته لتحقيق المزيد من الشهرة .. في حين أن مجمل أعماله -تقول الباحثة - لا يرقى مستواها الى جزء من أهمية روائيين غيره على مستوى العالم .. دستويفسكي .. ماركيز .. أرويل .. جولدينج .. أو نجيب محفوظ ..
لا يوجد حتى وجه مقارنة !
" تلك ليست عبارتي ..بل عبارة الدكتورة ميسون ..وإن كنت أرى أن الكثير من النقاد يتفقون معها ..أنه بالفعل ..لاوجه للمقارنة !"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_