الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات السودانية - الأمريكية : العالم ليس أبيض وأسود

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 8 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الى حد الآن , المعروف عن العلاقات السياسية بين الخرطوم وواشنطن أنها تمحورت حول كيفية تعامل حكومة البشير مع معضلتي الجنوب السوداني وإقليم دارفور. وتتخذ الولايات المتحدة موقفا غير مفهوم ومربك يتراوح بين دعم بعض جهود الحكومة السودانية، وبين التهديد بفرض أشد العقوبات عليها في نفس الوقت.
أثناء انعقاد مؤتمر الدول المانحة في شهر أبريل (نيسان) الماضي في أوسلو بالنرويج، دعمت الولايات المتحدة الجهود الدولية لمساعدة السودان، وكشف مسؤول أمريكي عن أنه تم إيفاد بعثة لتقييم الوضع الاقتصادي, وقدر المسئول حجم الاحتياجات، إذ قال "إن السودان سيحتاج خلال فترة السنتين ونصف السنة القادمة إلى 2.5 مليار دولار لدعم عملية الإنعاش الاقتصادي وإعادة الاعمار". وتؤكد الولايات المتحدة على ضرورة مساعدة الدول الغنية للسودان من أجل التغلب على الظروف غير الإنسانية التي يعيش فيها الملايين من السودانيين.
والمعروف أيضا, طبقا لبيانات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية, أن الولايات المتحدة خصصت خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من 1.6 مليار دولار لمساعدة السودان، أنفقت الوكالة للتنمية الدولية منها حتى الآن 600 مليون دولار كمساعدات إنسانية طارئة في دارفور.
وأشارت الولايات المتحدة مرارا إلى أن الأزمة الإنسانية مازلت قائمة في دارفور ومازالت تخيم بظلها الكبير على اتفاقية السلام الشامل مع الجنوب. وسبب تصنيف الإدارة الأمريكية لما يحدث من انتهاكات في إقليم دارفور على انه جرائم إبادة جماعية أزمة كبيرة للحكومة السودانية.
وبالرغم من ذلك, فهناك حقائق أخرى غير معروفة عن العلاقات الاميركية السودانية . فقد تسربت معلومات عن تطور هذه العلاقات على مستوى الأمن والمخابرات, بشكل ملفت للانتباه. وكان من آخر مظاهرذلك المحادثات عالية المستوى التي أجراها مدير جهاز الاستخبارات السودانية اللواء صلاح غوش في واشنطن مطلع شهر ايار 2005 بدعوة من جهاز الاستخبارات المركزية CIA، وهي المحادثات التي وصفها المسؤولون الأمريكيون بالمثمرة والمفيدة, وقد أحيطت بتكتم شديد. ولأنها أثارت جدلا واسعا في الاوساط السياسية السودانية, فهذا ما حدا بنائب رئيس المخابرات السودانية اللواء يحي حسن بابكر إلى التأكيد على ما وصلت إليه الشراكة الأمنية بين الخرطوم وواشنطن بقوله "إن السودان بلغ مستوى التطبيع الكامل في علاقته مع المخابرات المركزية الأمريكيةCIA".
والسؤال هو طبعا : ماذا يا ترى قدم السودان للولايات المتحدة؟
وفق تقرير أميركي اطلعنا عليه مؤخرا, أسفرت العلاقة الأمنية التي بدأت بحذر شديد عن نتائج مهمة منها على سبيل المثال:
- اعتقال الاستخبارات السودانية لمشتبهين من القاعدة للتحقيق معهم بواسطة محققين أمريكيين، ومن بين الذين تم التحقيق معهم محمد أبو زيد الأمريكي من أصل سوري والذي يعتقد أن له علاقة مع أسامة بن لادن، والعراقي مبارك الدوري.
- تم التحقيق مع مدير بنك الشمال السوداني الذي كان يودع فيه أسامة بن لادن أمواله.
- سلم السودان عددا من المشتبه فيهم إلى السعودية، منهم مشتبه فيه سوداني الجنسية يدعي أبو حذيفة قيل إنه اعترف بدوره في مؤامرة فاشلة عام 2002 لإسقاط طائرة أمريكية في السعودية بصاروخ أرض جو، وقد حكم عليه بالسجن في السعودية.
- قدمت الاستخبارات السودانية للولايات المتحدة معلومات هامة عن تحركات بعض الأشخاص المشتبه في علاقتهم بالإرهاب في بعض الدول المجاورة كالصومال.
- قدمت الاستخبارات السودانية أدلة كانت قد استحوذت عليها لدى مداهمتها لمنازل مشتبهين من بينها جوازات سفر مزورة.
- إبعاد متطرفين وتسليمهم إلي استخبارات دول عربية (يعتقد أنها مصر) لها تعاون وثيق مع CIA.
- قامت بإحباط هجمات ضد أهداف أمريكية، وذلك باعتقال متطرفين أجانب كانوا يعبرون السودان للانضمام إلى المسلحين في العراق.
- فضلا عن توفير معلومات هامة ودقيقة للاستخبارات الأمريكية بشرط أن تبقى طي الكتمان حسب ما ذكره التقرير.
ويلاحظ أيضا في نفس السياق أنه حتى قبل تولى إدارة الرئيس بوش لمهامها اتخذت واشنطن خطوات هامة لتحسين العلاقات مع الخرطوم، خاصة بعدما عرض السودان في منتصف عام 2000 -ضمن محاولات جديدة للتقرب من الإدارة الأمريكية- تسليم اثنين من المشتبه في تورطهما في أحداث تفجير سفارتي الولايات المتحدة في شرق أفريقيا عام 1998.
على أن هذا كله لا يجعل المراقب الحصيف يغفل عن حقيقة استمرار وجود السودان في لائحة الدول التي تتهمها واشنطن بدعم الإرهاب. وهكذا يظل الوضع الغامض في دارفور وضغوط دول الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي على النظام السوداني بسبب سجل حقوق الإنسان، فضلا عن تلويح أعضاء في الكونغرس بمشروع محاسبة دارفور بكل ما يحمله من عقوبات، سببا لوجود علاقات ملتبسة ومربكة بين البلدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش