الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المأزق التركي في كوباني!

جواد البشيتي

2014 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
تركيا، العضو في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للقضاء على "داعش"، والعضو في حلف الأطلسي، والتي لها حدود مشتركة طويلة مع سورية، مَدْعُوَّة إلى خَوْض حرب برية (بمفردها) في شمال سورية لمَنْع سقوط بلدة "عين العرب (كوباني)" الكردية (السورية) من السقوط في أيدي مقاتلي "داعش"؛ فالضربات الجوية، وعلى عنفها وشدتها، لا تكفي وحدها لإنقاذ البلدة، التي فَرَّ معظم سكَّانها (الأكراد) إلى الأراضي التركية، من خطر السقوط؛ لكنَّ تركيا، التي تبدو متخوِّفة قَلِقَة من عواقب سقوط البلدة، والتي أجاز برلمانها دخول جيشها الأراضي السورية (والعراقية) واستخدام جيوش أجنبية الأراضي التركية للدخول إلى سورية والعراق، لا مصلحة لها في التَّدخُّل العسكري البري قبل أنْ تُلَبَّى لها جُمْلَة من المطالب والشروط، التي في مقدَّمها إقامة منطقة عازلة في داخل الأراصي السورية، يُحْظَر فيها الطَّيران، حمايةً للأراضي التركية، ومساعدةً للمدنيين السوريين الفارِّين من "داعش"؛ وما زالت الولايات المتحدة غير موافِقَة على إقامة هذه المنطقة، التي ترفض روسيا، أيضاً، إقامتها إلاَّ بقرار من مجلس الأمن الدولي.
مِنْ قَبْل، بَدَت أنقرة مُحْجِمَة عن التَّورُّط في "الحرب الدولية (والإقليمية)" على "داعش"؛ لأنَّ مواطنين أتراك كانوا مُحْتَجَزين (في العراق) لدى التنظيم؛ ولَمَّا تكلَّلت جهودها ومساعيها للإفراج عنهم بالنَّجاح، بَدَت مُسْتَعِدَّة للانضمام إلى هذه الحرب؛ أمَّا الآن فتبدو غير مُسْتَعْجِلة، مُنْتَظِرةً تلبية مطالبها وشروطها، قَبْل، ومن أجل، أنْ تَزُجَّ بجنودها في حرب برية، تريد إشراك دُوَلٍ أخرى فيها؛ ومع ذلك، رَسَمَت "خَطَّاً أحمر"، إذا تجاوَزَه "داعش"، قاتَلَتْهُ بمفردها؛ وهذا "الخط" هو ضريح سليمان شاه، جد مؤسس الدولة العثمانية، المُقام على قطعة أرض قُرْب حلب، تُعْتَبَر أرضاً تركية، ويحرسه جنود أتراك؛ ولقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنَّ تركيا ستَرُدُّ على أي اعتداء يتعرَّض له الضريح (من "داعش").
أنقرة تخشى التَّمَدُّد العسكري لـ "داعش"، وفي شمال سورية على وجه الخصوص؛ لكنَّ هذه الخشية لا تُضْعِف، ولا تُقلِّل، خشيتها من تَوطُّد التعاون العسكري والسياسي لدُوَلٍ غربية، في مقدَّمها الولايات المتحدة، مع إقليم كردستان في شمال العراق، ومع الأكراد على وجه العموم، ولو كانت الحرب على "داعش" هي الذَّريعة الغربية. وهذا التعامُل الغربي مع الأكراد على أنَّهم "حليف طبيعي" للغرب في الحرب على "داعش"، سمح لهم باكتساب مزيدٍ من القوَّة العسكرية والسياسية، وجَعَل مقاتليهم، في العراق وسورية وتركيا، يتبادلون الدَّعْم وكأنْ لا وجود للحدود بين الدول الثلاث؛ كما أنَّ أنقرة لا تَجِد فروقاً يُعْتَدُّ بها بين حزب العمال الكردستاني في تركيا، التي تضم نحو 15 مليون مواطن كردي، يتركَّز وجودهم في جنوب شرق البلاد، وبين "وحدات حماية الشعب الكردي" في سورية.
وأنقرة لا تَشْعُر بالارتياح لتدريب (وتجهيز وتسليح) قوَّة مُنْتقاة من "المعارَضَة السورية (المعتدلة)" في خارج الأراضي السورية، ويَسْتَغْرق تدريبها وإعدادها زمناً طويلاً نسبياً، مع أنَّ الضربات الجوية قد بدأت. وأحسبُ أنَّ أنقرة يحقُّ لها أنْ تخشى عواقب ضربات جوية في غياب "قوى أرضية سورية موثوقة (تُرْكِيَّاً)" في مقدورها الإفادة من هذه الضربات؛ وليس ثمَّة ما يمنع جيش بشار (وحلفائه) من أنْ يكون هو المستفيد الأوَّل والأكبر من إضعاف "داعش" بالضربات الجوية.
ونحن لو أَمْعَنَّا النَّظر في مطالب وشروط أنقرة للتَّدَخُّل العسكري البري (ولإنقاذ "كوباني") لَوَجَدْنا فيها تأسيساً لصلةٍ قويةٍ بين الحرب على "داعش" والحرب لإطاحة بشار الأسد؛ فأنقرة تَفْهَم "المنطقة العازلة" على أنَّها صنو التَّدَخُّل العسكري البري (والجوي) التركي، الذي تُشارِك فيه، أيضاً، وبالجنود، دول أخرى، وقوى المعارَضَة السورية، الموجود الآن على الأرض، والتي تحظى بثقة أنقرة؛ وتَفْهَمها، أيضاً، على أنَّها مَنْعٌ بالقوَّة لسلاح الجو السوري، ولمنظومة الدفاع الجوي السوري، من العمل حيث يعمل الجيش التركي في شمال سورية، وحيث يُركَّز، تدريجاً، وجود اللاجئين السوريين في شمال سورية؛ لكن التَّحدي الكبير الذي تواجهه أنقرة الآن، حيث لم تُلَبَّ مطالبها وشروطها بَعْد، هو أنْ تَعْرِف كيف تَمْنَع لهيب "كوباني" من الامتداد إلى الدَّاخل التركي المليء بكثير من الوقود الكردي، وغير الكردي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تزايد اهتمام المغرب وإسبانيا بتنفيذ مشروع الربط القاري بينهم


.. انقسام داخل إسرائيل بشأن العملية العسكرية البرية في رفح




.. الجيش الإسرائيلي يصدر مزيدا من أوامر التهجير لسكان رفح


.. تصاعد وتيرة الغارات الإسرائيلية على وسط قطاع غزة




.. مشاهد لعاصفة شمسية -شديدة- ضربت الأرض لأول مرة منذ 21 عاماً