الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا غاصت في وحل داعش في سوريا، كما غاصت امريكا في وحل القاعدة في أفغانستان

عبدالله جاسم ريكاني

2014 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية




كلنا نتذكر، عندما قامت الولايات المتحدة الامريكية بخلق و تدريب المجموعات الاسلامية في افغانستان و وفّرت لهم كافة انواع الدعم ، لقتال الجيش السوفييتي الاحمر الذي غزا و احتل افغانستان في ثمانينات القرن الماضي وأعتبروا حينذاك (مقاتلين من اجل الحرية)، يقارعون الظلم و الاضطهاد الروسي ، بعكس الصورة السلبية التي تولّدت الآن عن الجهاديين عند الناس.
و انتهت حقبة الاحتلال السوفييتي لافغانستان، بإنسحاب هذه القوات و من ثم تفكك الدولة الافغانية. و إعتقد المجاهدون انذاك انهم هم الذين طردوا المحتلين الروس و البعض منهم تولدت لديهم قناعة أن بإمكانهم قهر القوى العظمى الاخرى ومنها امريكا التي صنعتهم. و من هذا المنطلق و العقيدة، وُلِدت القاعدة.
بأختصار، سياسة امريكا في الثمانينات تركّزت حصرياً على محاربة الاتحاد السوفييتي او كما اطلق عليها الرئيس الامريكي آنذاك (امبراطورية الشر). لقد فشلت امريكا عندما لم تدرك ان المجاهدين الذين صنعتهم، سينقلبون عليها ذات يوم، و هي النتيجة التي تسمّى في علم السياسة الحديث بالنتائج غير المقصودة او غير المتعمدة. و لكن العقول المؤمنة بنظرية المؤامرة، تعتبر هذه النتائج متعمدة بل و مخطط لها مسبقاً.
اذا عدنا الان الى تركيا، نرى ان النتيجة التي حصلت عليها امريكا في افغانستان، حصلت لتركيا ايضاً في سوريا، عندما تحول ("المقاتلون من اجل الحرية") ضد الرئيس السوري بشار الاسد، و المدعومون من قبل تركيا، الى نتائج غير مقصودة او متعمدة و مصدر تهديد و خطر كبيرين، و هي دولة الخلافة الاسلامية او داعش. و بعد ان عملت داعش كمقاول ثانوي نيابة عن الحكومة التركية للقتال ضد بشار الاسد، ادركت تركيا و منذ صيف 2013، ان داعش باتت تشكل خطراً عليها و على المنطقة. و لكن الهوس التركي في الاطاحة بنظام بشار الاسد والوقوف ضد محاولات الكورد في روزآفا (كوردستان سوريا) في انشاء اقليمهم الخاص لهم ، حال دون ان تقوم تركيا، بتصحيح الخطأ الذي وقعت فيه.
بالنسبة لحكومة حزب العدالة و التنمية، فان هناك ما يبرر وقوف تركيا ضد الوحشية و المجازر التي قامت بها قوات الاسد ضد الشعب السوري، و لكنها في الوقت نفسه، قللّت من شأن الاعداد الكبيرة من الجهاديين المتطرفين الذين انضموا الى صفوف المعارضة السورية. كما و لم تُعِر حكومة اردوغان اي اهتمام للتحذيرات و التحفظات الامريكية و الغربية ، وأبقت الابواب مفتوحة لدخول و خروج الارهابيين الى سوريا عبر تركيا.
في الواقع الفعلي، الوضع المأساوي في كل من العراق و سوريا، يكشف عن سلسلة الاخطاء و النتائج غير المقصودة و التي تتحمل مسؤوليتها كل الاطراف و بالدرجة الاولى تركيا، و لكن و بعد تحليل أعمق و بعيداً عن نظرية المؤامرة، يبدوا لنا ان تركيا، بإمكانها ان تتعلم منها دروساً مهمة:
1- قامت تركيا بارتكاب نفس الاخطاء التي كانت تقوم بها القوى العظمى او الدول الغربية سابقاً في أفغانستان. فالاتراك دعموا المجموعات المسلحة و المتطرفة في سوريا و غيرها من الدول، لتحقيق اهداف تركية قبل ان تتحول هذه المجموعات الى مصدر خطرعلى تركيا نفسه.
2- ان منطقة الشرق الاوسط، منطقة خطرة، و لا يمكن لتركيا ان تتحول الى لاعب فاعل فيها لمجرد انها تريد ذلك. في الحقيقة، لا يوجد لاعب فاعل واحد في هذه المنطقة، و انما مجموعة من اللاعبين غائصين في فوضى غير قابلة للحل. تركيا تعتقد انها افضل من تفهم هذه الحالة من الفوضى، و افضل من تتنبأ بمستقبلها فقط لانها وريثة الامبراطورية العثمانية او السنية الاسلامية. و هذا ثقة عمياء و خطيرة بالنفس.
3- عندما، يتعلق الامر بالاسلاميين، فإن انواعاً من الصور النمطية و المحفزات الغريزية تدخل في اللعبة عند الاتراك. في تركيا، تتعاطف الحكومة بشكل عاطفي و عفوي مع كل ما يتعلق بالاسلاميين. على سبيل المثال، الاعلام التركي الموالي للحكومة، يعتبر المجوعات الاسلامية الراديكالية (داعش، القاعدة، بوكو حرام، حركة الشباب الصومالية) على انها دمى غربية، او ردود افعال على اعمال الامبريالية الغربية، و يتجاهل الاصولية و الفاشية الدينية التي تميّز هذه المجاميع. و هذا يعتبر نوع من العمى الاستراتيجي لدى الاتراك.
في الختام، المغامرة التركية الفاشلة في سوريا و هي المغامرة التي كانت "القابلة التي ولّدت داعش"، تعطي رسائل مهمة و مفيدة للسياسة التركية الخارجية لو تم تحليلها بشكل منطقي. و لكن و مع الاسف، ضاعت هذه الدروس في المشاحنات و الصراعات الشرسة بين صانعي القرار التركي، سواءً التي تريد ان تمجّد او تشوّه سياسة الحكومة التركية. و ستدفع تركيا على يد صنيعتها داعش في سوريا، نفس الثمن الذي دفعته امريكا على يد صنيعتها القاعدة في افغانستان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير سياسي من مبابي بشأن انتخابات فرنسا


.. بوتين يزور كوريا الشمالية لأول مرة منذ 24 عامًا.. وهذا ما سي




.. ضحايا وعشرات المصابين على إثر حريق مستشفى خاص في إيران


.. الجيش الإسرائيلي يحقق في احتمال تهريب حماس رهائن إلى خارج رف




.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة| #ال