الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-عزازيل- يوسف زيدان ثلاث مقالات مترجمة عن الفرنسية

حذام الودغيري

2014 / 10 / 10
الادب والفن


المقالة الأولى
عزازيل : شيطان يعيش في الصحراء ، اللفظة تعني " الله قوّى "
"لعنة عزازيل" رواية تدور أحداثها في النصف الأول من القرن الخامس الميلادي. بطلها هيبا، راهب قبطي جاء من صعيد مصر إلى الإسكندرية لإتقان علمه حتى يصبح " أعظم طبيب في كل االأزمان " ويصبح لاهوتيا كبيرا . لكن الإسكندرية تظهرعلى غير ما كانت عليه : مركزا للحياة العلمية والفلسفية و الفكرية للعالم ،حيث صارت مكانا يسود فيه تعصب ديني أغرق المدينة في الظلامية والعنف. رحل هيبا، مُجبَراً على الفرار ، إلى القدس حيث التقى بالكاهن نسطور الذي سيصبح أسقف القسطنطينية فيما بعد، والذي سيلقى لاهوته معارضة من قبل نظيره كيرلس السكندرى قبل أن يدان بالهرطقة في مجمع أفسس عام 431. سيؤول الأمر بهيبا إلى الانعزال في دير بالقرب من أنطاكية حيث يعبّر عن مواهبه كطبيب وشاعر .
"لعنة عزازيل" تظهر الشكوك والتساؤلات التي يطرحها بطل الرواية، حول الحياة، حول حياته و حول الله . وفي هذا يذكرنا في جوانب عديدة بنظيره المصري ، سان أنطوان، حين يتعرض لغواية شهوة الجسد الأنثوي (التي يستسلم إليها) ولغواية الشيطان . فهيبا لم يكتب مذكراته، أي حقيقته، إلا مدفوعا من قبل عزازيل . عزازيل الذي لا يمكنه الانسلاخ عنه ، لأن الشيطان لا يوجد إلا في علاقة بالله . الشيطان ليس سوى جزء من نفسه ، يسكن صحراء العزلة التي تغرق الرجل الذي يشك ، و يرفض أن يؤمن دون أن يتساءل عن ما فُرِض عليه الاعتقاد به. فاذا كان الإنسان فعلا ًابنَ الله، فإنّ جزءا منه يوجد تحت قبضة الشيطان. إنها رؤية مانوية للطبيعة البشرية المنشطرة بين الخير والشر، بين الروحي و الزمني ( بما في ذلك متع الحياة الزائلة) ، وبين الرغبة في الخلاص وخطر اللعنة ، وبين الإرادة الإلهية و الإرادة الحرة .
الله موجود في الحياة اليومية. هناك قدرية ما في لاهوت القرون الأولى للمسيحية ، لا يمكنها إلا أن تحيلنا إلى تفكير بعض المسلمين اليوم : فلا يهم ما نقوم به، مادام مصيرنا مسطورا بإرادة عليا. وبالتالي ، فليس الطبيب هومن يعالج ، ولكن إرادة الله التي تشفي المريض. وبما أن الإنسان يخضع لـ " غواية القرن " أي أن المجال متاح للإنسان بإمكانية بناء مستقبله بنفسه... فإن هذا الطريق قد يجعله يقع في خطر السير ضد مشيئة الله ، وبالتالي حلول اللعنة عليه إلى الأبد.
يعيش هيبا ، على الدوام، تمزقا بين ما يعتقد انه مصيره بسبب وعوده ونذوره و بين إغراء حياة رجل عادية: حياة الحب ، متمثلة على التوالي في أوكتافيا الوثنية و مارتا المغنية ، وحياة فكرية رمزت إليها هيباتيا الشهيرة، ضحية التعصب الديني للمطران كيرلس .
يظهر هيبا، الذي يتقدم في السن، وهو يفقد كل أوهامه تدريجيا بسبب تشكيكه المستمر في جميع خياراته التي كان يعتقد انها جيدة كلما اتخذ وجهة معينة ، ولكنه ينتهي إلى الشك في جدارتها حين يرى عواقبها. وبتعبير أدق ، بعد أن انتهى من مراحل حياته يتساءل ما ذا لو كان اتخذ خيارات مختلفة، وماذا لو منحه الحب شعورا بالرضا والارتياح أكثر من ذلك الذي ناله؟
إذا كان هيبا يتصرف كرجل حر، على الأقل وفقا للتعريف الذي نتداوله اليوم، فلأنه في المقام الأول رجل محب للاستطلاع، يتساءل عن العقيدة و عن يقين المجتمع الذي عاش فيه وكان في أوج تغيره، ويتساءل عن الخير والشر، وعن الله، ولا يتردد في في تكوين مكتبة شخصية جمع فيها الاناجيل الأبوكريفية وغيرها من النصوص التي أدينت رسميا وأحرقت في مجمع نيقية .

أشارت الترجمة ، الممتازة للكتاب، أن عربة هيباتيا لم تظهر إلا في القرن السابع عشر، وإلى وعد هيبا لأبيه في الثامنة عشرة، بينما مات هذا الأخير تسع سنوات قبل ذلك .

"لعنة عزازيل" كتاب ضد التعصب الديني ، على خلفية المجازر التي تخللت تاريخ الإسكندرية في القرن الخامس . يوسف زيدان ، مدير قسم المخطوطات في مكتبة الإسكندرية ، يعرف عمّ يكتب. الحكومة السابقة لجماعة الإخوان المسلمين قاضته بتهمة ازدراء الدين. فبغض النظر عن الزمن ، وبغض النظر عن الدين؛ التعصب لا يزال مرادفا للموت ولااستعباد الإنسان . وفي هذه الأوقات العصيبة، " الإنسان الحر " ، الإنسان الذي يرجو أن يقود زمام حياته، ويؤكد إرادته و إرادته الحرة ، ينتهي في آخر المطاف وحيدا، فريسة لشياطينه ، مع عزازيل الذي يعيش داخله. (إيميل كوجو) Emile Cougut

http://khaledosman.fr/Ressources/Documents/azazelcritiq.htm

المقالة الثانية
لعنة عزازيل ـ يوسف زيدان
يقترح علينا لكاتب و الأستاذ الجامعي المصري يوسف زيدان استحضارا فريدا من نوعه للمسيحية المبكّرة وللحياة في الشرق الأوسط ، أربعة قرون بعد موت ابن الله على الصليب.
هيبا، المتحدر أصله من أسوان، ينزل عبر وادي النيل إلى الإسكندرية ، حيث يقوم بدراسات لامعة في الطب. ستكون أنطاكية و القدس المحطتين الرئيسيتين لرجل طيب وراهب مسيحي وهب حياته للآخرين، وشغف ب"نيسطور" الذي سيصبح أسقف القسطنطينية قبل أن يعامل معاملة المهرطق و يتعرض للاضطهاد لكونه يدافع عن ازدواجية يسوع المسيح. ولكن حياة هيبا ، الذي قام بنذر العفة ، ستتميز أيضا بقصتي حبّ بديعتين ... فأتقى خادمي الرب ينبغي أن يكافح باستمرار ضد صوت يتردد صداه في داخله : إنه صوت عزازيل ، الذي يفضل البعض أن يسميه الشيطان أو بعلزبول ...
هذا الكتاب ليس رواية تاريخية مثل الأخريات، لأن صاحبها ليس كاتبا مثل الآخرين . يوسف زيدان في الوقت ذاته مدير قسم المخطوطات في مكتبة الإسكندرية وكاتب فعّال في الثورة المصرية. وهذا ما أعطى لإعادة تشكيل فترة القرن الخامس من عصرنا ملمحا شديد الحيوية والحداثة. هذا المتخصص في الإسلام والصوفية قادر أن يبعث الجدل والمشاجرات البالغة العنف التي رجّت العالم المسيحي. وهكذا، فإن الجدل الذي عارض بين نسطور وكيرلس قد يبدو لنا من قبيل ما عفا عليه الزمن تماما إلا ّ أنه بصفته مروياّ من قِبَلِ رجلٍ أقيمت ضده دعوى قضائية من حكومة جماعة الإخوان المسلمين، فإنه بالطبع يسحرنا. وإذا كان كتاب عزازيل قد ترجم في جميع أنحاء العالم، فذلك لأن المعركة بين الله والشيطان، وبين نبل الآدميين وغرائزهم الدنيا واقع كوني. حقيقة أبدية.

http://www.clubnouvellescles.com/ncles/index.php?page=fiche&refstock=459404


المقالة الثالثة

لعنة عزازيل ليوسف زيدان
ملخص
ما هذا المخطوط الغامض الذي عثر عليه علماء الآثار في صندوق من خشب، ضائعا بين الركام قرب حلب ؟ ما هي الحقائق الرهيبة التي كان يضمها حتى جعلته مهجوراً قرونا من الزمن؟
يبدو المخطوط الذي ترجم عن الآرامية سيرة ذاتية لراهب طبيب، جاء من صعيد مصر في النصف الأول من القرن الخامس، اسمه : هيبا.
أوان مجيئه إلى الإسكندرية، ظن هيبا أن روما الثانية هذه، ستمنحه أنوارالعقيدة المسيحية والعلوم الإغريقية . لكن، في الوقت الذي انتصرت فيه المسيحية بعد اضطهادها ، شهد هيبا خراب التعصب الديني، ابتداء من سحل الفيلسوفة الأفلاطونية هيبتيا إلى تدمير الكنوز الثقافية التي شهدتها الفترة الوثنية، ومن المؤامرات ضد "المهرطقين" إلى هيمنة الإمبراطورية على الكنيسة. بهذه الصورة يظهر أن عزازيل، شيطان الكراهية و التفرقة، و كأنه سيطر على العالم. و لعله سيطر أيضاً على روح هيبا الذي تنازعته الشكوك بعد أن التقى بأوكتافيا الوثنية الجميلة...

رأي في الرواية
وإن كنت وجدت بعض الصعوبة في الاندماج مع الصفحات الأولى من الرواية، فما أن بدأ هيبا يحكي عن ماضيه وعن الأحداث التراجدية التي شهدها وعن الشخصيات المؤثرة في حياته حتى اتخذت الرواية مجرى أعجبني أكثر.
تقَّدم الرواية بصفتها ترجمة لرقوق اكتشفت قرب حلب. رقوق، كتبها راهب شهد أوضاعا متقلبة جدّا وبخاصة في مصر.وقد سجّلت هذه الإعترافات بدافع شعور بالذنب وبحافز هذا الصوت، صوت عزازيل أو صوت ضمير الراهب الذي يبدو ملاحقا له حتى يسجل الأحداث الكبرى لحياته و خواطره أيضا.
يتدخل عزازيل من وقت لآخر ليذكر الراهب بالنظام بإعادته لتتمة كتابة سرده... (الأمر الذي يجعله يقاطع الراهب في بعض الفقرات فتظل غير مكتملة )
هناك خاصية أخرى لهذا النص، وهي الإعلان عن شخصية أو حدث، لإثارة فضول القارئ، ولكن هيبا يأخذ الوقت الكافي ليحكي لنا بجزالة المسار الذي اتخذته الوقائع.
ماذا أقول عن هيبا؟ شخصية من السهل التعلّق بها، فهو يستسلم أحيانا لشهواته كإنسان ثم ما يلبث أن يتوب. هيبا أيضا راهب صادق، يجتاحه الشك أحيانا لكنه أكثر جدارة من عدد كبير من الأساقفة و رجال الكنيسة المرتبطين بالسلطة. ولد هيبا من أب وثني وأم مسيحية وهذا ساهم قطعا في جعله أكثر انفتاحاً من أغلب معاصريه. رأى النور في فترة عصيبة انتشر فيها الدين المسيحي و إضطُهِد فيها الوثنيون. وسينذر نفسه لحياة الرهبنة في سن مبكرة.
هيبا رجل مسالم، مثقف، وشغوف بالفلسفة و الكتب ( يحتفظ سراً بكتب ممنوعة). إنه من أولئك الرهبان المثاليين الذين يجبرك انفتاحهم على الإعجاب بهم. و لعل العالم كان سيكون أفضل حالا لووجد مثله كثيرون. هيبا يقدر أيضا أن يسائل إيمانه، أن يتسائل عن أصل الدين (يشيرهيبا إلى أن الله كان منذ الأزمان الغابرة في قلوب الناس، إلا أن الأديان تتغير، مما يدفعه إلى التساؤل عن الحقائق التي يحاول تأسيسها علماء اللاهوت)
هيبا شاهد حي على الانتهاكات الفظيعة التي قام بها المسيحيون لاسيما في الإسكندرية، و هذا لن يقوّي إلا من رغبته في حياة العزلة بعيدا عن معاصريه. لكنه حتى في الدير لن يكون في مأمن من الأحداث الحزينة التي سرعان ما ستأتي ...
هذه الرواية فعلا آسرة! إذ أن أحداثها تدور في فترة اضطرابات مريعة ليس في مصر فقط ولكن في العالم المسيحي أجمع الذي كانت تشظّيه قضايا لاهوتية. هيبا المخضرم، منذ الولادة، مهيئ لأن يكون أكثر إنفتاحا من غيره مما يجعل نظرته للعالم مفيدة للغاية.
وفي النهاية، كتابة النص بضمير المتكلم جعله أكثر قوة.
هناك إذن حوافز عديدة لقراءة هذه الرواية.
شكراً لألبان ميشال (الناشر) لهذه الشراكة.
مقهى سيلين الأدبي
http://aucafelitterairedeceline.wordpress.com/2014/03/10/la-malediction-dazazel-de-youssef-ziedan








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى