الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استدعاء العدالة (1)

عائشة خليل

2014 / 10 / 10
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


الهند قوة نووية لديها سبعة مفاعلات نووية تستخدم لتوليد الطاقة، وقد أطلقت وكالات الفضاء الهندية الشهر الماضي مركبة فضائية إلى المريخ. زعيمها الروحي المهماتا غاندي (1896-1948) يعد رائد الحركات السلمية للتحرر حيث قاد تمرد بلده السلمي ضد الاستعمار الإنجليزي، وألهب مخيلة الشعوب بفلسفة العصيان المدني الذي ينجح في تغيير أوضاع دامت لقرون. واختارت الهند النهج الديمقراطي بعد التحرر وأصبح أكبر بلد ديمقراطي في العالم حيث يبلغ عدد سكانها 1,2 مليار حسب تعداد سكان عام 2011 ولترامي أطراف الهند والكثافة السكانية العالية به فهناك اختلاف في اللهجات واللكنات والطوائف والفئات والإثنيات والعرقيات والعادات والتقاليد بداخله.

وفي شبه القارة الهندية هناك ظاهرة من العنف الأسري تعرف باسم "القتل حرقًا للزوجة" ففي الهند وبلدان أخرى تأتي العروس إلى بيت الزوجة محملة بالذهب والمال والمتاع كمساهمة من أهلها في الأسرة الجديدة الآخذة في التكوّن. ولكن الظروف الاقتصادية الضاغطة وشدة الحاجة قد تدفع أهل الزوج إلى المطالبة بمساهمات أكبر من أسرة الزوجة، وقد تفشل المطالبات السلمية فتطور إلى تهديدات عنيفة تأخذ في الأغلب شكل إيذاء بدني للعروس الشابة من قبل زوجها وأهله، تذعن الكثير من العائلات على أثرها وتقوم باسترضاء عائلة الزوج بدفع مبالغ إضافية، وفي حالات قليلة قد تكتفي أسرة الزوجة بما دفعته فتمتنع عن دفع المزيد من المال، أو قد تمنعها الفاقة عن مساهمات إضافية. فتكون النتيجة في بعض تلك الحالات تطور الإيذاء البدني للعروس الشابة قد يصل إلى موتها من جراء اشتعال النار في ملابس وهي تطهي الطعام. تشتعل ملابس الزوجة فتطالها النيران فلا يتحرك أحد من أهل الزوج لإطفائها، ثم تنقل إلى المستشفى وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة ويسجل موتها على أنه حادثة، وبينما يعلم جميع أهل القرية عن قتل الزوج وعائلته للعروس الشابة (بسكب مادة بترولية على ثيابها وإشعال النار بها) يتواطئون على الصمت. ولن تستنكف عائلة أخرى من أن تزوج ابنتها للزوج الذي ماتت زوجته حرقًا منذ زمن غير بعيد.

ولقد نشطت الجمعيات النسوية في الهند لمناهضة جرائم "قتل العروس حرقا" وسلطت عليها الأضواء واجتمعن لمجابهة تلك الآفة التي تنتشر في بعض القرى والمجتمعات الهندية. ومن هذه الجمعيات "جماعة النساء" في جنوب الهند والتي نشأت منذ عشرة أعوام. ففي عام 2004 أُنشئت "جماعة النساء" من مجموعة رأت أن "جماعة الرجال" التي تدير شؤون القرية لا تستمع إلى شكاوى النساء، وتتواطأ بالسكوت على جرائم العنف ضدهن، فأخذن في التنظيم فيما بينهن للاستماع إلى شكاوى النساء، ثم تتطوعن بمساعدة النساء لدى الجهات الحكومية مثل الشرطة والقضاء ليحصلن على حقوقهن. وامتدت نشاطات "جماعة النساء" لتشمل عددا كبيرا من القرى في جنوب الهند. ولم تقتصر نشاطات "جماعة النساء" على المواقف التي تكون فيها النساء ضحايا، وإنما امتدت لتشمل نشاطات فعّالة، مثلا ساعدت "جماعة النساء" مجموعة من النساء العجائز في الحصول على معاشات مستحقة من الحكومة المحلية، حيث عجزت تلك العجائز عن التفاهم مع الموظفين البيرقراطيين واحتجن إلى نساء متعلمات يتفاهمن مع هؤلاء ويستخرجن الشهادات والأوراق المطلوبة لفتح حسابات مصرفية.

تتبعت المخرجة دبرا دانراج "جماعة النساء" وخرجت علينا بفيلم "استدعاء العدالة" الذي حصل على العديد من الجوائز. تتحدث المخرجة عن تلك المجموعة التي بدأت كنواة صغيرة ثم امتدت كشبكة واسعة في جنوب الهند تتكون من اثني عشر ألف عضوة منتشرات في اثنتي عشرة مقاطعة، استطعن أن يحسمن النزاع في ثمانية آلاف قضية على مدار العقد الأخير. نجحت المخرجة في إخراج فيلم يطرح نماذج قوية لإمكانيات التغيير السلمي للواقع الكئيب الذي تعيشه بعض النساء. فتطوع النساء بمساندة بعضهن البعض حقق للمجتمع بعض ما افتقده من عدالة داخل السلطة الحاكمة "جماعة الرجال" وبالرغم من كآبة الوضع الداخلي المطروح خلال القضايا، والظلم البين الواقع على النساء، إلا أن المخرجة لم تغرق الفيلم في قتامة، فكانت حواراتها مع بعض مؤسسات "جماعة النساء" من أجمل ما قدمته من مشاهد. فتلك الحوارات طرحت نماذج بشرية تكره الظلم، وتعمل بجد على ترسيخ مبادئ المساواة والعدالة، وتقف بصلابة ضد الضغوط المجتمعية من أجل تحقيق مجتمع أفضل للجميع.
وللحديث بقية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الهند:ذروة التقدم التكنولوجي وذروةالتخلف الاجتماعي
ليندا كبرييل ( 2014 / 10 / 11 - 16:32 )
الأستاذة عائشة خليل المحترمة

العتبة هي الفيصل في بلدان شرق آسيا
أقصد عتبة البيت
ادخلي البيت فتعودين للقرون الوسطى، اخرجي منه إلى الفضاء والتكنولوجيا وعلوم الرياضيات والذرة ....
لي صلة بتلك المجتمعات وهذا ما لمسته بقوة

عندما تنظر المرأة للزواج على أنه علاقة إنسانية لا تجارية وقضية بيع وشراء ستنكسر القيود بيدها ، لا بيد غيرها

تشكري على جهودك الكبيرة ولك خالص تقديري

اخر الافلام

.. لهذا قُتلت لاندي جويبورو التي نافست على لقب ملكة جمال الإكوا


.. الدول العربية الأسوأ على مؤشر المرأة والسلام والأمن




.. إحدى الطالبات التي عرفت عن نفسها باسم نانسي س


.. الطالبة التي عرفت عن نفسها باسم سيلين ز




.. الطالبة تيا فلسطين