الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوميات قوّادة بغدادية

محمد الذهبي

2014 / 10 / 11
الادب والفن


من يوميات قوادة بغدادية
محمد الذهبي
جالسة في باب الدار تفرك كفيها حسرة على الايام الخوالي، ايام ماكانت الزبائن كالنمل، الباب كان مفتوحا الليل مع النهار، والفتيات هن، هن، يدخلن الحمام فيستعدن نشاطهن، والبعض كان يدفع بالدولار، اين ذهبت تلك الايام، الحسرة لم تفارقها، تتذمر كثيرا حين تسمع احدا يقول ان الحرية اليوم اكثر من البارحة، تلعن الحرية والديمقراطية، وتبكي على صدام، وتسمي زمنه زمن الخير، لم تنس بعد العشرين فتاة اللواتي ذبحن في الشقة المجاورة، كن جميلات، وانا جلبت واحدة منهن لمسؤول كبير، حتى انني توسطت لاحد الصحفيين عن طريقها، هو مراسل لقناة فضائية وهو يسمع صوتي في بيروت، هؤلاء يحبون البغاء الممنهج، لكنهم يقتلون للسمعة، ربما فاتن فضحت سر المسؤول الكبير فتسبب ذلك بمقتلها.
آه على تلك الايام، البيت كان ممتلئا بجميع الاجناس والاشكال، والفتيات يمارسن كل شيء، كل شيء من الموطا الى الاشياء التي لاتخطر ببال، هي تحدث نفسها عن الشعار الذي رفعته عند باب الدار( كاز وبانزين)، فكان تهافت التهافت، ولم تعد تستطيع احصاء الزبائن، في الاوقات التي سبقت اوقاتنا، كان الزبائن عمالا ومتسخين، كنت حينها في الميدان وكنت صغيرة، والتي تدير النزل والدتي الله يرحمها، حتى ان بعض الفتيات كن يهربن من الزبائن، فلقد كانوا يأتون بترابهم، او مع دهون السيارات، لكن الحال اختلف في زمن صدام، خصوصا في الحرب العراقية الايرانية، حتى مصريات كن يأتين الى بغداد، وكانت حركة عمل مخيفة وكبيرة، فقط كان ينغص عملنا الصور التي يبثها التلفزيون، واقصد صور من المعركة، الاشلاء المتناثرة، وننسى كل شيء حين نعد( الدخل).
اما الآن، الخوف يتجاوز كل شيء، حتى الرجال اصابتهم العنّة من الخوف والتوجس، مفخخة وعبوة وقتل عشوائي، وذبح وتمثيل بالاجساد، صحيح لماذا لايطرق الباب احد، هل من المعقول ان الشباب تعمموا وصاروا شيوخا ومرشدين، الم يعد هناك من يشتري اللحم الابيض المشهور في العراق، نعم لا احد، مع العلم ان المرتبات مرتفعة فلماذا الكساد القاتل، يقولون الحال من بعضه، حتى في مصر والدول العربية الاخرى، مامعنى هذا، هل هي حالة عامة اصابت الرجال، المهم انا افكر الآن بالمبلغ الذي استدنته، الدائن يريد ان يشتكي بمركز الشرطة، ماذا ساقول لضابط الشرطة: (ماكو شغل، الناس ملتهيه بداعش)، ماذا ساقول، وان تمادى الضابط ، وقال لي ماذا تعملين، يا الهي بماذا ساجيبه، حاولت ان اتصل ببعض الشخصيات، لكنهم لم يردوا على اتصالاتي، هم ايضا يخافون، لاتوجد واسطة، ماذا ساقول؟ ساقول ان العمل متوقف والموازنة قيد التصويت، وبسبب الموازنة لم اسدد الدين، واذا اصر الضابط على سؤالي بماذا تعملين: ساقول تجارة عامة، ومن الممكن ان يفهم بدون ان نفضح انفسنا امامه، من المحتمل ان يكون الضابط من الرواد ويتساهل معي قليلا، ربما، كل شيء قابل للتحقق، فهذا الوطن لايحتوي على ثوابت، حتى السياسيين فيه، يوميا برأي، وهم كذابون من الدرجة الاولى، فهل البغاء وحده جريمة، والكذب اليس جريمة، والقتل اليس جريمة، لماذا لايمنع القانون القتل والسرقة والكذب، فقط البغاء هو المستهدف، لم نجبر احدا ولم نأت باحد بالقوة، هم يأتون يضحكون ويستأنسون ويرحلون، ماذا فعلنا للوطن؟ هل قسمناه، ام سرقنا امواله، ام قتلنا ابناءه، هل سبق لغانية ان زرعت عبوة في الطريق، ام سبق لها ان اغتالت مسؤولا، على العكس هم يأتون متعبين، ويخرجون باحسن احوالهم، وقررت اخيرا انها ستفجر القنبلة بوجه الضابط او القاضي، ستقول الظروف صعبة ولايوجد زبائن، (واذا ما مصدكين تعالوا انتم والسياسيين والزموا الجيس)، ربما يليق الكيس بكم اكثر مني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج