الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شارع فارغ - نص ناصر ثابت

ناصر ثابت

2014 / 10 / 11
الادب والفن



أغارُ من الشارع الفارغ صباحاً
كيف تسنى له أن يستيقظَ وهو فارغٌ من ركام بارِحَتِه؟
فارغٌ مما قيلَ في ماضيه
وفارغٌ مما حدثَ فيه
فارغٌ من الأفعالِ والأقوالِ والشظايا.
رجلٌ ما، عاملُ نظافةٍ ما، جاءَ ليلاً ونظَّفَه من الماضي
نظَّفَهُ من ماضيه.
من الأشياءِ التي عفا عليها الزمن، وجعله صالحاً لبداية جديدة،
لافتتاحٍ جديد
لحياةٍ أخرى.
جعله أكثر قدرة على الانطلاق، بعد أن خفَّف من أحماله.
***
الشارعُ اغتسلَ أثناءَ الليل.
كأن الليلَ ملأه بالعتمة، وفركَه جيداً، ودَعك ظهره برغوة الود والانتظار. وكان هنالك مراحلُ سرية أخرى لا نعرفها، ولم يحدثنا عنها لا الشارعُ ولا الليلُ.
***
الآن الشارع لا صوتَ فيه ولا صدى.
وشيئاً فشيئاً تبدأ الأشياء بملء الفراغ
في الخلفية سيارة تمرُّ في مكانٍ آخر،
وهنالك صريرُ بابٍ ما، لا نعرف أين هو بالضبط، تحركه ريحٌ دخيلةٌ، تمرجحه، وتجعله يُخرِجُ صوتاً حاداً، يشبه ألم المفاصل الذي يحس به رجل استيقظَ صباحاً ووجدَ نفسَه جزءً من السرير.
يبدأ وقعُ أقدامٍ واهنةٍ بالدخول إلى خلفية الصورة. رجلٌ يمرُّ، تتبعه امرأةٌ تسير على نفس الخطى. كلاهما يمشي بهدوءٍ بالغٍ، كأنهما لا يرغبان في إزعاج هذا الحي، ولا ايقاظِه من نومه قبل الأوان.
آثارٌ لمهملاتٍ عجز عامل التنظيفات عن إزالتها.
ندى خفيفٌ، وعصافير الدوري تبحث في شقوق الدرب عن الحَبْ.
شارعٌ فارغٌ يُعدُّ لنا نفسَه لكي نملأه بالحاضر، باللحظة الراهنة، التي هي أهم اللحظات في الوجود. يستعد لكي يستقبل الحمائمَ والقططَ والعصافيرَ المتطايرة هنا وهناك.
***
الكتابة عن الشارع الفارغ أجمل من الكتابة عن الشارع المليء بالألوان والأصوات والصور. وهنا سأتوقف حتى لا أرهق النص بالمزيد من عمليات التشريح التي قد تثقل كاهله.

ناصر ثابت
15-8-2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??


.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??




.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي


.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط




.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش