الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس طليعي لعمال بليجكا!

فارس محمود

2014 / 10 / 13
الحركة العمالية والنقابية


انها لحقيقة لايستطيع أي انسان منصف انكارها الا وهي ان العامل يعني الرفاه، المساواة، الحرية وعالم افضل، يعني الإنسانية والهوية الإنسانية المتطلعة للبشر. فيما تعني البرجوازية كل مصائب عالمنا المعاصر من جوع، فقر، ظلم واستغلال، حروب، تمييز وفرض الجهل والخرافة، الصراعات القومية والدينية والطائفية (صراعات تقاسم السلطة والثروة والنهب)، تعني الانحطاط الأخلاقي والاستهتار بكل القيم الإنسانية النبيلة والمتقدمة. ويقدم عمال بلجيكا اليوم نموذجاً ساطعاً اخر على هذه الحقيقة الناصعة.
ففي خطوة طليعية غير مسبوقة، قام عمال بلجيكا بوقفة احتجاجية في العاصمة بروكسل للمطالبة برفع الحد الأدنى لاجور رفاقهم عمال النسيج في كمبوديا من 77 يورو الى 137 يورو شهريا. والادهى من هذا اكدوا على وجوب ان تقر الشركات بدفع أجورا لائقة للعمال بغض النظر حتى عن قرارات الحكومة في كمبوديا والحد الأدنى للأجور هناك (الذي هو اقل كثيرا هناك).
لقد بين العمال في بليجكا عن موقف اممي متقدم يعكس باجلى الاشكال الهوية الطبقية الأممية للعامل. لم يكذب ماركس حين قال "ليس للعمال وطن" ورفع راية "ياعمال العالم اتحدوا!" فوطن الراسمالي هو ثروته وارباحه. ليس له وطن سوى هذا.
انه مسعى في المسار الصحيح. انه المسعى الذي على العمال في اوربا وامريكا وسائر البلدان المتقدمة ان يتخذوه تجاه رفاقهم في البلدان ذات العمالة الزهيدة الاجر. انها خطوة طليعية مهمة الى ابعد الحدود، انها بادرة تدفع العمال الاخرين في العالم الى الاقتداء بها والسير وفقها. لقد رد العمال بوعيهم الطبقي المتقدم على هذه الهوة التي تسعى الراسمالية العالمية الاستفادة منها، هوة أوضاع العمال في البلدان المتقدمة ورفاقهم في بلدان مثل اسيا وافريقيا. ففي الوقت الذي هبت الراسمالية العالمية بالضغط على الطبقة العاملة في اوربا وامريكا عبر نقل رساميلها الى بلدان مثل كمبوديا، بلدان ذات العمالة الرخيصة والمقموعة، كي يفرضوا التراجع على مكتسبات عمال البلدان المتقدمة التي حققوها بقرون من النضالات الباسلة، من الثورات والانتفاضات، من الحركات الاحتجاجية والاضرابات، واريقت من اجلها دماء اشرف الناس.
ان حركة عمال بلجيكا في الوقت الذي تدفع الى تحسين أوضاع العمال في كمبوديا، فانها توجه ضربة الى سياسات الطبقة البرجوازية وسلاح انتقال المصانع الى البلدان ذات العمالة الزهيدة الاجر. ان الطبقة العاملة هي طبقة عالمية واحدة. بهذه الخطوة وقفت بوجه البرجوازية العالمية وسعيها الحثيث من اجل خلق الفرقة مابين العمال تحت ذرائع مختلفة (وهنا في حالتنا هي القطرية والقومية والوطنية! وفي حالات أخرى مابين العامل العامل والعاطل، مابين الرجل والمراة العاملة وغيرها). ان المعنى والماهية الأممية بالنسبة للطبقة العاملة هما معنى وماهية اجتماعية وحياتية وواقعية وليست أيديولوجية او عقائدية. ولهذا، حين يقول الاشتراكيون ان أي انتصار وتقدم يحققه عمال بلد ما، يعني انتصار وتقدم للطبقة العاملة العالمية. لان العمال، في المطاف الأخير، في مركب واحد، مركب عالم الراسمال والمجتمع الراسمالي بظلمه واضطهاده.
ان ثورة أكتوبر خير نموذج امامنا. اذ كان انتصار العمال في الثورة وفرض حكومة العمال الاشتراكية بقيادة لينين والبلاشفة فورا لقانون 8 ساعات عمل كسر فوراً مقاومة البرجوازية العالمية التي اراقت دماء العمال في أمريكا وغيرها من البلدان لرفعهم مطلب تقليص ساعات العمل. وبينت للعالم اجمع ان 8 ساعات عمل هو مطلب واقعي وعملي وفي متناول اليد وان مايعترض تحقيقه في وقتها هو فقط الإرادة السياسية والطبقية للطبقة الحاكمة والمالكة، البرجوازية. وهكذا كان الحال مع حق النساء في التصويت.
ان الطبقة العاملة لهي فعلاً حاملة رسالة تحرر البشرية جمعاء. وان اقتدار هذه الطبقة وفرض ارادتها وإرساء بديلها هو وحده بامكانه إرساء عالم اخر يستند الى الحرية والمساواة وعالم خال من الاستغلال والظلم وهدر كرامة الانسان. ان معضلة الطبقة العاملة تكمن في وعيها. ان وعت، بوسعها بسهولة ان تقلب الطاولة على الراسمال والراسماليين والوضعية الكارثية التي رموا المجتمعات بها. على سبيل المثال لا الحصر، المنطقة تغلي باوضاع الإرهاب والحرب، لو ان الطبقة العاملة تحلت بوعيها الطبقي، بوسع عمال ثلاث او اربع شركات عملاقة ان يوقفوا عجلات الإنتاج في تركيا، وعندها سترى البشرية كيف سيترنح اردوغان والف اردوغان بداعشه واخوان مسلميه وكل الرجعية في المنطقة امام الضربات القاصمة للطبقة العاملة في تركيا وفي العالم. عندها سيرى العالم اجمع كيف يتحول هذا "التنين" المستهتر بدماء الأبرياء في العراق وسوريا الى "جرذ" فار يرسف بالرعب!
ولهذا حين نقول ان بوسع الطبقة العاملة فقط ان تركع هؤلاء المجرمين الواحد تلو الاخر، فان ذلك لاينبع من تقديسنا غير المفهوم للعامل، ولا من "اجل عيون" العامل، بل لأننا ندرك انها من بوسعها خنق الراسمال والراسماليين عبر خنقهم بارباحهم، والراسمال لن يبقى راسمال دون الربح.
ان عمال بلجيكا طرحوا امام البشرية جمعاء سبيل ادراك نقطة اقتدارها، وسبيل تحررها، أي الاقتدار الطبقي والاممي للعامل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أشرف صبحي: أتعامل بدقة مع أزمات اتحاد الكرة من 2019 كوزير وم


.. وقفة احتجاجية أمام البيت الأبيض تنديدا بمجزرة رفح




.. تحقيق لبي بي سي يكشف ارتباط صناعة العطور الفاخرة بعمالة الأط


.. تحقيق لبي بي سي يكشف ارتباط صناعة العطور الفاخرة بعمالة الأط




.. عمالة الأطفال في مصر وراء أفضل العطور مبيعا في العالم | تحقي