الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن أمام مشروع مارشال جديد في غزة ؟؟؟ ..

تميم منصور

2014 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


المؤتمر الدولي الذي عقد في القاهرة لإعادة اعمار غزة في مطلع الاسبوع الحالي ، يذكرنا بمشروع مارشال الذي طرحه الجنرال جورج مارشال رئيس اركان الجيش الامريكي أثناء الحرب العالمية الثانية ووزير خارجية امريكا منذ عام 1947 .
للتنويه عرض هذا المشروع في الخامس من شهر حزيران من ذلك العام ، وينص على توفير حوالي 13 مليار دولار من امريكا ، للإنفاق على اعادة أعمار اوروبا بسبب ما لحق بها من دمار خلال الحرب العالمية الثانية ، كان هذا هو الهدف المعلن للمشروع ، لكن الهدف الحقيقي
كان سياسياً اكثر منه اقتصادياً ، فقد توخى مارشال وحكومته من هذا المشروع احتواء اوروبا والسيطرة عليها وحمايتها من زحف المد الشيوعي خاصة بعد قيام الشيوعيين بثورة في اليونان
، وبسبب سيطرة الاحزاب الشيوعية على الحكم في جميع دول اوروبا الشرقية .
ان وجه الشبه بين مشروع مارشال وبين المؤتمر الدولي لإعادة اعمار غزة أن امريكا هي المهيمنة في كلتا الحالتين ، وكما فرضت شروطها في مشروع مارشال ، عادت وفرضت هيمنتها وشروطها على مؤتمر غزة ، وقد وزعت ادوار الحاضرين للمؤتمر خاصة من وفود الدول العربية حسب ارادتها وكما تطلبت مصلحتها ومصالح اسرائيل في المنطقة ، فموقفها المعادي للمقاومة الفلسطينية والمطالبة بنزع سلاحها لم يتغير لأنها تعتبرها ارهابية .
وجه الشبه الثاني ان دور اكثر الدول الاوروبية تضرراً بفضل الحرب كان استثنائياً من خلال تنفيذ توصيات مشروع مارشال ، كذلك الأمر فأن دور الجانب الفلسطيني الذي ذاق ويلات العدوان الاسرائيلي المتمثل بالمقاومة في قطاع غزة لا يزال حتى الآن في الظل ، لا أحد يعرف قوة تأثيره وبأي جانب من جوانب القرارات والتنفيذ يمسك ، هذا يذكرنا بالمثل الشعبي الذي يقول : (الفعل لأبو زيد والصيت للسلطان حسن ) فالمقاومة هي التي صمدت وأفشلت أحلام المعتدين ، في حين أن الجانب الذي حارب وقاتل عبر وسائل الأعلام هو الذي قاد عملية التفاوض في مؤتمر القاهرة وتبجح بأنه قد أنتصر سياسياً ، إننا نسأل الجانب الفلسطيني الذي يشعر بنشوة الانتصار بالمؤتمر ، اذا حدث فعلاً وتم ترميم وإعادة بناء بيوت غزة المدمرة من سيرمم قلوب الأمهات الثكالى والأطفال الأيتام والعائلات التي أبيدت عن بكرة أبيها ؟
لقد حدد رئيس السلطة الفلسطينية السقف المالي الذي حلم به لإعادة الأعمار ، فكان له غلى الورق أكثر مما توقع بفضل النشامى من ملوك وأمراء العرب وبعض الجهات الأخرى ، هذه النخوة تذكرنا بالشاعر الذي قدم الى إحدى القبائل الغنية للتكسب ، فأغرق أميرها ورؤساء بطونها في بحور شعره واصفاً إياهم بالكرم والجود والشجاعة والنخوة والمرؤة والهمم العالية ، فأجزلوا عليه بالعطاء الشفهي – أي الكلمات – وعودوه بعشرات رؤوس الأبل والخيل والشياه حتى الدجاج ، بقي طوال الليل قلقاً حائراً كيف سيدبر أمر هذه القطعان التي حصل عليها بالوعود ، وعندما أفاق بالصباح نظر الى محيط الخيمة التي بات بها لعله يجد ما وعد به ، لكنه لم يجد رأساً واحداً ، فسارع الى سؤال رئيس القبيلة ، أين الماشية والخيول التي وعدت بها ؟ فأجابه رئيس القبيلة ، أية ماشية يا رجل ؟؟ ( أنت اسمعتنا كلام زين .. وأحنا سمعناك كلام زين ) .. هذا ما يخشاه كل فلسطيني بأن يبقى مؤتمر غزة كلام زين ، لأن كل الدلالات تشير بأنه لم ولن يختلف عن المؤتمرات التي عقدت من قبل لإعمار غزة ، أو من أجل دعم القدس !! حتى أذا سلمنا بأن نشامى المؤتمر سوف يوفون بوعودهم بصرف الأموال التي تعهدوا بها ، تبقى هناك تساؤلات وثوابت تحدد مصير قرارات المؤتمر المذكور ، نذكر من هذه الثوابت أنه من غير الممكن لأي مخطط أو مشروع لإعمار غزة أن يتم دون مصالحة حقيقية بين القوى السياسية الفلسطينية ، مصالحة تزيل كافة الأدران التي تمنع اللحمة بين أبناء الشعب الواحد .
أما بالنسبة للتساؤلات كيف يمكن للمواطن الفلسطيني أن يثق بالمؤتمر وقراراته في ظل وجود مارشال جديد – كيري – وهو المسؤول الأول عن تدمير غزة وسفك دماء ضحايا العدوان الذي تم تنفيذه بأسلحة امريكية وبدعم امريكي ، لا يعقل أن يدعو القاتل لترميم بيوت المقتولين وتجفيف دموع الثكالى بعد أن حرم أطفالهن من ذويهم ، من حق الفلسطيني أن يسأل ما هي قيمة إعمار غزة من جديد في ظل استمرار الحصار الاسرائيلي وتهديد حكومة نتنياهو بإعادة استخدام سياسة الأرض المحروقة من جديد في قطاع غزة ، ما هو مصير المشاريع العمرانية الذي اعيد اقامتها بعد عدوان سنة 2008 على قطاع غزة والذي تم حسب قرارات مؤتمر شرم الشيخ الذي بادر اليه الرئيس مبارك قبل عزله عن الحكم .
اعتقد الكثيرون أن الفلسطينيين بأن مؤتمر القاهرة سوف يكون ساحة أو منصة لمقاضاة اسرائيل على جرائم الحرب التي ارتكبتها في عدوانها الأخير ، كان من المفروض أن يصدر المؤتمر بياناً يحمل اسرائيل المسؤولية عن الدمار والخراب الذي الحقه عدوانه ، لكن دماء الضحايا وعويل الثكالى لم تغير من حالة الترهل والاستجداء والاسترضاء الذي ابداه المندوبون من الاقطار العربية ، فخطاب السيسي خطاب مجامل استسلامي لأمريكا لا جديد فيه سوى بعض العبارات الانشائية ، أنه لا يختلف عن خطاب مبارك أثناء انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الذي اعقب العدوان على غزة سنة 2009 .
اسرائيل التي منعت من حضور المؤتمر كانت حاضرة فيه بقوة ، لأن وزير خارجية أمريكا كان يتحدث بلسانها ، وقد أصر على خضوع كل ما ينقل الى داحل غزة للمراقبة الاسرائيلية ، وقد ذكرت صحيفة ( اسرائيل اليوم ) بأن تراجع اسرائيل عن حضور المؤتمر جاء نتيجة حصولها على وعود قاطعة من مصر ومن أبي مازن بأن كل ما يدخل الى غزة سيخضع لمراقبة اسرائيل وأنه سيمر من المعابر التي تسيطر عليها اسرائيل ، يعني أن غالبية المواد سوف تكون اسرائيلية الصنع ، هذه الوعود لها علاقة بإصرار كل من السيسي وابو مازن وكيري على عودة السلطة الفلسطينية لإدارة المعابر وعودة التنسيق الأمني بين أجهزة الأمن الاسرائيلية والفلسطينية في قطاع غزة .
لقد اصدرت بعض المنظمات الدولية بيانات شككت من خلالها بامكانية تنفيذ قرارات المؤتمر الدولي لإعمار غزة ، من هذه المنظمات منظمة " أوكسفام انترناشيونال الدولية " ذكرت في بيانها أن الجزء الأكبر من الأموال التي تعهد بها المشاركون في مؤتمر المانحين بالقاهرة سيبقى في حسابات مصرفيه لعدة عقود قبل ان تصل الى الغزيين ، وحذرت هذه المنظمة من امكانية ضياع هذه الأموال وبعثرتها بحيث يصبح مصيرها مثل مصير أموال الدول المانحة التي تدحرجت في الظلام داحل جيوب أمراء السلطة ، وحذرت أيضاً من قيام شركات أمريكية ومصرية اسرائيلية وفلسطينية من احتكار

كل ما يتعلق بمشاريع الأغمار ، عندها يبقى الفلسطينيون كالأيتام على موائد اللئام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس الحرب الحالية.. ما الخطر الذي يهدد وجود دولة إسرائيل؟ |


.. مجلس النواب العراقي يعقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس للمجلس ب




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقف مفاوضات صفقة التبادل مع حماس | #


.. الخارجية الروسية تحذر الغرب من -اللعب بالنار- بتزويد كييف بأ




.. هجوم بـ-جسم مجهول-.. سفينة تتعرض -لأضرار طفيفة- في البحر الأ