الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضراوة اللغة وفضاء الأيروتيكية الجسدية حسين مردان انموذجاً

زيد مظفر الحلي

2014 / 10 / 15
الادب والفن


تعتمد الفرادة الشعرية على الذات الشاعرة وبعمق اتصالها في الحياة واللغة ودرجة ايمانها في التغيير الذي تحدثه في مجرى الجسد الادبي/الجنس الادبي , واللغة هي احدى معطيات وجود الجسد النصي التي تعمل على فرادة الجنس الادبي من خلال انتقائها ودرجة تركيبها , وبهذا تعمل على ارتقاء الصوت الشعري , واللغة والصوت الشعري يعتمدان على درجة الإشكالية التي تثيرها الذات الشاعرة .
والذاتية المتمردة للحسين مردان جعلته منفرداً في مجاله الشعري الذي عمل على انحراف المركزية الأدبية بتجاوز البنية اللغوية وذلك باستخدام المفردات في اللغة الدراجة التي (( تستخدم آلياً دون تردد أو تركيز , وهذا التعبير دلالة على هذا الشيء ... بالمقابل اللغة الشعرية تدرك الكلمة ككلمة وليس فقط مجرد بديل للمادة المسماة ولا مجرد تفجير للشعور )) ومقياس درجة انحراف المركزية الادبية بتجاوز البنية اللغوية نحو استعمال اليومي التي تعمل على انحراف اللغة الادبية , وهذا الانحراف عن اللغة المعيارية (لطزاجة) وحرارة الاستعمال اليومي وهذا الاستعمال للغة اليومية يقوم بانحرافها عن الاستعمال اليومي المألوف إلى الارتقاء بها إلى مصاف اللغة المعيارية .
وعمل انحرافية المخيال للمركزية الكونية للنص باستعمال الجسد بوصفه مادة اساسية للفعل الشعري , (( وعد الجسد بؤرة مركزية للفعل الشعري ذات الاثر ثقافي , وتمخض العمل على هذه البؤرة عن أنتاج جماليات خاصة أشاعها وكرّ تقاليدها الاستخدام الواسع والفعّال والخصب للغة الجسد وشفراته , وتشكيله الشعري , وفعله الثقافي المنعكس ضرورة على حساسية اللغة وفضاء التشكيل في النص )) بوصفه جسداً ايروسياً مسنداً إلى الفضاء المفتوح على الشهوة بوصفها استجابة فاعله لنداء الجسد . والشهوة هي عنصر خطير في الطبيعة الانسانية لأنها تجعل الجسد الآخر ( الأنثى) موضوعا لشهوته لأنه يثير الرغبة بالتمتع بجسده .
والشهوة في الفضاء الجسدي للنص تبدو طبيعية يضيئها الشعر بوعيه وبلا وعيه معاً , ونلاحظ في قصيدة ((زرع الموت)):
(( وقع السياط على اردافها نغم/ يفجر الهول في اعراقها السود/ تكاد ترتجف الجدران صارخة/ إذا تعرت أهذا: الجسم للدود ؟!)).
ينفتح النص على عدة دلالات محاولة الكشف عن ايروسية الجسد فــــ(( وقع السياط )) يكشف جمال الارداف الرغبة السادية للنص إضافة إلى النغم الألم , وهذا النغم يكشف عن القوة السادية الكامنة في جسد الانثى التي تكاد تتراقص الجدران على وقع انغام الشهوة الكامنة في الجسد , فالجسد الانثوي بحركته ورقصه مع (( وقع السوط)) يجعل هناك حركة درامية في فضاء النص الذي يفتحه المصدر , والدال ((وقع)) الذي يشكل الاستهلال المشهدي لحركة الكاميرا , وهذا المصدر أول ما يفاجئ القارئ بحركة الارداف والنغم الصادر من حركية السوط إضافة تراقص المكان مع النغم , فهذه المشهدية الدرامية تجعل الفضاء الايروسي مع حركة الجسد المنسجمة مع عنصر المكان أكثر كثافة .
إضافة إلى ان الفعل (( وقع )) يشكل المحور التي تولدت عنه الجملة المنطلق (( يفجر الهول في اعراقها السود )) والجملة المشبهة (( تكاد ترتجف الجدران صارخة )) التي كملت المشهد واعطت كثافة دلالية للفضاء الدرامي الايروسي . وإذا كانت هذه الجملة المشبهة تعد من المقومات الاساسية لجمالية الفضاء فإن البلاغة البصرية التي انتجها الفعل المفتتح (( وقع )) لا تقع اهمية عند الجملة البلاغية لأن الفعل البصري نقل حركة الجسد من هيئة تمثيلية لغوية إلى حركة جسمية درامية مشاهدة .
وبعد الجملة المنطلق تأتي الجملة الهدف (( إذا تعرت : أهذا الجسم للدود ؟!)) ينطلق فعل الحسرة التي يصدرها الجسد الذكوري الذي لا يريد الانتهاء من هذا الجسد الجميل الذي جعله راقصاً مع حركة الجدران لا يريد له الانتهاء بعد الممارسة وانما يريد فعل الخلود . ولهذا اختتم النص مع حسرة الجسد .
والنص الآخر (( سافرت )) :
(( سافرت/ سافرت!؟ ومرت بقلبي/ ألف ذكرى غضيضة الألوان/ شعرها/ نهدى الصغير المندى/ وارتعاشات صدرها الريان/ ردفها/ رقصها المثير ليالٍ/ لم يزل عطر نارها في جناني/ ساقها/ لون مقلتيها , شفاه/ دفنت في صقيعها نيراني/ خدها/ كفها اللطيف حديث/ كشذى الورد في ضفاف الجنان )).
ينفتح النص بالفعل الماضي الاستهلالي (( سافرت )) والذي يقف على عتبت تفاصيل الجسد محاولاً بذلك احتواء حركات الجسد الصورية . والدال السردي (( سافرت)) دال انتشاري خصب الذكرى يحاول التقاط تفاصيل الجسد من اجل خلق حركة سردية سريعة محاولة التقاط المشاهد الايروسية التي اغنت الذكرى بجمالية المشهد , فالراوي الشعري عندما يقف على شعرها محاولاً الاعضاء الافقية من الجسد لإغناء المشهد وجعل القارئ يحس بفعل النشوة والرغبة الجسدية المحاولة للتعرف على الجسد وقرأت خريطته المعقدة .
والراوي الشعري لا يحاول عرض الصورة المشهدية بكافة تفاصيلها التشكيلية وانما ينقلها إلى ابعاد اخرى أشد عمقاً وكثافة من خلال نقل مصادر الصورة المشهدية بحركتها الدرامية محاولة بذلك عن الفضاء الايروسي وتوسيع نطاقة على صورة اكثف .
لذلك نلمح إن كثافة الدوال التي تحيل تدل على كثافة المشهد بواسطة البعد الدرامي للمشهد والصورة البصرية فـــ (( نهدها , صدرها , رقصها , عطر نارها , شفاه , كفها )) كلها دوال مكثفة ذات ابعاد درامية تحيل على فضاء ايروسي اوسع تجعل المتلقي حاضر الجسد والرغبة لا مجرد الكشف عن ابعاد الجسد الانثوي بالقراءة أو بالرؤية البصرية البلاغية .
والراوي الشعري لا يكتفِ فقط بعرض التفاصيل الجسدية وانما مشاركة الجسد الانا وجعله جسداً مشتركاً لا رواياً , فالراوي ليس البصر والرغبة وانما الجسد فقوله (( لون مقلتيها , شفاه / دفنت في صقيعها نيراني )) . فالفعل الاستهلالي للدال (( سافرت )) دالاً انتشارياً لا يقف على نقل الحركة المشهدية من الزمن الماضي إلى الحاضر وينقلها إلى الحاضر بواسطة تكثيف الصورة وتقنياتها المشهد /الدراما إضافة إلى ان نقل الصورة بواسطة السرد . والمقطع الثاني سرعان ما يكشف حركة السرد التقنية بإمحاء المكان وابقاء لحظة الزمان المجهولة (( أين سافرت ؟ لست تدري )) محاولاً الكشف عن بعد وجودي فلسفي . تصاعد الاداء الدرامي يكشف لنا عن تناص غير مباشر مع الشاعر الجاهلي الاعشى .
(( وتلفت حائراً اتملى / كل وجه بذلة وشقاء/ سافرت/ هكذا ؟ بغير وداع !؟/ وبقلبي من حبها ألف داء / وتراءت لي غرفة كل شيء )).
وسرعان ما تكشف درامية الحيرة والقلق والتجهم الوجودي من رحيلها المفاجئ الذي جعل الجسد يفتقدها قبل مركزه عن عنصر المكان وحتى عنصر المكان غير مستقر وهذا ما يكشفه الفعل البصري (( وتراءت )) . وهذا المكان يكشف رثاء الجسد على فقده محاولاً الإلمام بتفاصيل الذكرى الماضية غير تفاصيل الجسد الاساسية , وانما تفاصيل ستر الجسد من اجل اعالة الجسد على فقده , وبذلك ينتقل الفضاء الايروسي من فضاءٍ مشهدياً حاوياً التفاصيل الاساسية للجسد إلى فضاء الجسد المفقود محاولاً الكشف عن بعض مشاهد الذكرى بواسطة دوال الجسد / العلامات (( معطر الاضواء , شالها , الورود الحمراء في الكأس , ابتسامات طفلها )) وبعض دوال الفضاء الايروسي لأقناع الجسد بإنه في حالة المشاهد الاخيرة فقط.
وقد نلحظ الجانب المادي من المشهد دون الفعل الجسدي , وهذا ما يجعل الفضاء الايروسي فضاءاً بصرياً :
ما لي اراك بعيدة ... ! / هل تعلمين ؟/ بذراع عملاق تشد على الضلوع/ فيشب في الشفة الرضيعة ألف جوع/ أم انت خجلى : تستحين ؟/ وبكل عرق منك ينبح في عناد/ ظمأ الكلاب إلى السفاد !))
الدوال الجسدية محاولة الكشف عن خارطة الجسد من اجل فتح الفضاء الايروسي , فالسياق النصي سياقاً حوارياً تارة يكون متعجباً عن الابتعاد من حركات الجسد الانثوية , وتارة مستفهماً من امتلاكه قدرة قراءة خارطة الجسد الانثوية إلا أنه بعيد . لذلك نلاحظ أن دال (( الذراع )) غير قادرة على اظهار الشبق وفتح فضاء السادية لا لأنه دالاً حوارياً محاولاً أثارة أداة الكشف الرهيبة لمواضع الايروس الجسدي (( فيشب في الشفه الرضيعة ألف جوع )) بالمقابل شفة الجسد الانثوي لها القدرة على اماطة اللثام المتع الجسدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??