الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقاذ ليبيا من الصوملة

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2014 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


إنقاذ ليبيا من الصوملة ..
هذه الرسالة وصلتني من صديقي الكاتب الليبي الذي ذيل المقال باسم مستعار. يشرح خلالها المشهد المتأزم ، وقد طالبني بنشرها لعدم وجود منفذ للنشر لديه فى ظل ظروف الدمار الذي حل بليبيا الشقيقة
هل الخيار متاح .. أم أنه المصير محتوم ...؟!!
لا يمكن لمن يفكك مشاهد الواقع الليبي ويحلل توابعه، أن ينسى أن انشقاق الجيش والشرطة، و طلب الجامعة العربية مارس العام 2011 بحماية المدنيين وصدور قرار مجلس الأمن رقم 1973 في الشهر ذاته و تدخل الناتو لتنفيذه، عجل بانتصار الثورة الشعبية في ليبيا على نظام القذافي، و لولا ذلك لا تمكن الديكتاتور من البطش بشعبه.. تماما كما يحدث بسوريا الآن ..!! ولكن طبيعة الظرف الليبي حاليا لا تقبل النقاش ولن تحل بالمفاوضات.. فالمشهد الآن تحكمه مافيا الفيء (غزو المناطق بعضها بعض)، ومليشيات التطرف ( خطف مدن كدرنة ومصراته وسرت وبعض مناطق ببنغازي)، وبقايا النظام السابق ( من خلال اذاعاتهم الموجهة وعبر قناوات اعلامية لا زالت تمجد الطاغية وتنشر الفتن ) و جميع هولاء الأطراف يسعون بكل قوة لتدميرالأطراف الأخرى .. لا التحاور معها.. رغم عدم وجود قوة كافية لأي منهم تمكّنه من حسم الصراع لصالحه..!!
وفي غياب وساطة مقبولة عربية أو دولية.. أو وجود تأثير لأي أطراف ليبية محايدة بالداخل ..أو حراك سلمي مقنع لن يقمعه المتحاربين.. فالمثقف الليبي والإعلاميين الليبيين ونشطاء المجتمع المدني وشيوخ القبائل أسرى للخوف والتردد، ومن تجرأ على رفض الواقع كالمحامي عبد السلام المسماري والصحفي مفتاح بوزيد والمحامية سلوى بوقعيقيص، الذين كانوا ضحايا للعنف ، جميعهم قام الإسلاميون بتصفيتهم، كما تم تصفية أكثر من ستمائة ضابط وضابط صف وأفراد بمؤسستي الجيش والشرطة في بنغازي وحدها عدا المئات بالمدن الأخرى كدرنة وطرابلس وسبها .. فمن سينقذ ليبيا من الإرهاب ويعيدها دولة قانون ومؤسسات و ذات سيادة(.)..؟!

الثورات التاريخية سبق وأن مرت بمثل هذا المحك .. فجميعها دون استثناء صبغ العنف حركتها .. وتورط مفجري حراكها في الارهاب .. وأثبت التاريخ أنّ الصراع طبقي (( المحكومين ضد طبقة الحكام ))في بداياته الأولى وينتهي بأن تأكل الثورة أبنائها (صراع المحكومين بعيد أنتصارهم ) .. ولكن ما يميز هذا الصراع قدرة الدول الخارجية على تمزيق تحالف الثوار .. واللعب على تناقض المصالح بينهم .. غير أن مأزق ليبيا هو أكبر ، كونه صراع الرافضون للدولة من المجرمون الذين أفرج عنهم القذافي إلى الأسلاميون والمتطرفين من قاعدة وداعش ضد من يرغب في دولة مؤسسات يحميها جيش وشرطة من جهة وبقايا مؤسسات الجيش والشرطة الذين يدافعون عن انفسهم من القتل والخطف الذي يقوم به منتسبي الجماعات المتطرفة والهاربين من السجون .. فكيف تنتهي المواجهة دون تدخل الأمم المتحدة وليبيا لا زالت تحت البند السابع(..).؟!!

ثورات القرن التاسع عشر انتصرت فيها القوى الاجتماعية ذات الفكر الليبرالي التي تؤمن بتبادل وتعدد السلطة وثورات القرن العشرين كانت تنادي بوحدة السلطة و أختزال الوطن في شخص القائد كما كان ديدان الفكر العقائدي الماركسي ( روسيا – الصين - كوريا) والديني المذهبي (ايران ) .. و ثورات العرب ( 1952-2011) حاولت المزج بين المجموعتين فكان الوليد السياسي يحمل شعارات ثورات القرن التاسع عشر وتطبيقات النظم الشمولية لثورات القرن العشرين.!!! وبما أنّ ليبيا دولة مسلمة عربية أفريقية أميزغية تنتمي للعالم الثالث الذي شعوبه تنتظر القائد المخلص، و هي شعوب تنتشر فيها خاصية الانتماء للقبيلة والجهة، حيث الولاء للرموز أهم من الانتماء للوطن، لذلك سيطول الصراع وتدمر البلاد .. فهل ليبيا سيمزقها الصراع كما حدث بين الكوريتين أم أنّ النموذج الفيتنامي ممكن تحقيقه في ليبيا..؟! أم أننا على وشك أن نجسد المشهد الصومالي(...)..؟!! حيث الجيران لهم أذرع بالداخل تدافع عن مصالحهم .
التشابه في الحالة الصومالية الليبية شديد ..فالمجتمع في كل دولة ، واحد في خصائصه العروبية والاسلامية والافريقية، فهو في كل منهما مجتمع قبلي تحكمه العادات والتقاليد القديمة، وحراك التطور العلمي والثقافي فيهما لا زال بسيطا، و الشعبان حكما من قبل العسكر، و لا توجد بهما مؤسسات دولة يمكنها أن تفرض النظام أو تتوسط لإيجاد حل داخلي يقبله المتحاربون على أرضهما .. غير أن موقع كليهما له ذات الأهمية الاستراتيجية التي تميز ليبيا (بوابة افريقيا الشمالية) والصومال ( بوابة افريقيا الشرقية)، كما أنّّ بحر الصومال بضياعه تضيع سيطرة العرب على البحر الأحمر والخليج العربي ، فأنّ بحر ليبيا ضياعه يعني ضياع سيطرة العرب على جنوب المتوسط، وحتى الجيران لهم أطماع في موقعهما، فأثيوبيا كما التشاد والنيجر دول تتطلع للوصول للبحر..!! وكما يسرق الأسيويين ثروات الصومال السمكية ترنو دول أوروبا لسواحل ليبيا الغنية بالأسماك .. أما النفط الليبي حاله كحال فواكه الصومال فالغرب يملكون نصفه بحكم اتفاقية المشاركة ولن يمسه احد تماما كما يفعل الغرب بنفط العراقيين رغم الحرب الأهلية والأقتتال اليومي هناك ..
وللتخلص من ضياع الوطن فعلى الليبين أن يقتدوا بجنوب إفريقيا .. التي أنطلقت بعد أنتها حكم الميز العنصري من مؤسسات ذلك النظام ولم ترفضه كله، بل أنطلقت من حيث توقف، ولأنّ تأسيس جيش محترف وبناء مؤسسة أمنية وعدلية قادرة على تحقيق السلم الاجتماعي تحتاج لعدة سنين .. فمن حسن حظ ليبيا أنّ مؤسساتها وجدت قبل نظام القذافي كما الدستور أيضا فلما القفز إلى المجهول..؟ ولما لا تفعل هذه المؤسسات كسبا للوقت و توفيرا للمال.. والذين يعارضون الدولة المدنية عليهم أن يتذكروا أنّ التدخل الاجنبي موجود أصلا منذ الأيام الأولى للثورة وكوننا لا زلنا تحت البند السابع.. وقرار 1973 لا زال نافذا، فإنّ الأصرار على صنع دولة دينية في مجتمع إسلامي وسطي، لا يمكن تحقيقه.!! لإنّ خصوم هذا المشروع من القوة والقدرة على محاربته، يستطيعون إجهاضه أيضا.. و كون داعش والقاعدة والأخوان المسلمون لكل منهم له رأي وفكر سياسي، أي يختلف كل منهم عن الأخر في الأهداف والتطبيق مما ينذر بالحرب بينهم وتفتت تحالفهم المؤقت ضد الديمقراطية.. رغم أنّهم جميعا يعلمون أن تداول السلطة لم يتكلم فيه لا الرسول صلي الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدين..!!
ليبيا كأي دولة في العالم هي بين خيارات قليلة فمجلس الأمن و دول الجوار وقطر ودول الخليج جميعهم يشاركون ويهتمون بصراع الليبيين.. فهل ليبيا سيمزقها الصراع كما حدث بين الكوريتين ( ليبيا الشرقية دولة برلمانية وليبيا الغربية تحكمها داعش والقاعدة) أم أنّ النموذج الفيتنامي ممكن تحقيقه في ليبيا( حيث يزحف الأقوي على الأضعف ويخضعه لطريقة حكمه)..؟! أم أننا على وشك أن نجسد المشهد الصومالي ببشاعته( فنتحارب جهويا وقبليا فتفشل ريحنا ويضيع الوطن)..؟!!
شهداء المنطقة الشرقية حرروا مصراته من اجل وطن واحد وشهداء مصراته تمسكوا بالثورة من اجل ثورة بنغازي تكون لكل ليبيا .. فما السر وراء تمترس البعض وراء السيطرة على الشعب الليبي وتدمير مقدرات ليبيا ..؟!! وليبيا شعبها كما دينها واحد وهدفه من الثورة وأحلامه في الحرية والكرامة والعدالة جمعتهم في خيار الخروج ضد نظام القذافي.. فهل خيار الحوار مطروح ليجمعهم لإنقاد ليبيا ..؟!! أم أنّ استمرار أمراء الحرب قدرا محتوما وليبيا لن تختلف عن الصومال..!!!
علي المبروك بوجازية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون