الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطأ إملائي

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 10 / 17
كتابات ساخرة


و من منِّا لا يقع فيه!!..الجميع يفعل..أحياناً يكون وقوعك فيه بسبب سرعة أناملك المُفرطة أثناء الكتابة..و أحياناً أخرى يكون السبب أنك لا تعرف التهجئة الصحيحة لكلمةٍ ما..و أحياناً أخرى يكون السبب أنك لم تقرأ في حياتك إلا الصحيفة اليومية فقط لتطلع على صفحة الوفيات أو إعلانات الوظائف..و أحياناً يكون السبب أنك لم تكن من المنتبهين لما كان يخبرك به معلم اللغة العربية و هو يحدثك عن كان و أن و أخواتهما..في نهاية الأمر تتعدد الأسباب و لكن النتيجة تكون واحدة و هي أنك تقوم بتشويه اللغة العربية كما بتشويه ثقافة من يقرأ لك.

و لكن كيف تكتشف أنك تنتهك اللغة العربية؟؟..الأمر بسيط..فكلٌ منِّا يملك عقلاً يقوم خلال حياته بتخزين ملايين و ربما مليارات التفاصيل في خلاياه..فعندما تقرأ كتاباً ما -كمثال- فعقلك حينها لا يخزن أفكار الكتاب فقط بل حتى التفاصيل الخاصة به و التي لا تُلقي إليها بالاً في حينه..فهنا تصبح أمور مثل اللون الرائحة شكل الخط موضع عبارةٍ معينة في صفحة ما بل و حتى اللغة المستخدمة في هذا الكتاب أو ذك تفاصيل لا يغفل عنها عقلك بل يقوم بأرشفتها فوق رفوفه حتى حين.

أتذكر أنني عندما كنت في المدرسة و أثناء امتحان مادة القرآن الكريم و عندما أقوم بإعادة ترديد السورة التي تكون مقررة للاختبار أمام المعلمة أرى تلك السورة أمام عينيِّ بسطورها بل حتى بموقعها في الصفحة..لم أكن حينها عبقرية بل أني اكتشفت أن غيري يرى ذات الأمر أي العبارات القرآنية التي تتراقص أمام عينيه لحظة محاولته تذكرها..فكل ما كنا نقوم به حينها فعلياً هو تنشيط جزء ما زال يقبع في ظاهر عقولنا قبل أن ينزلق لباطنه.

لهذا السبب قد تقرأ كتاباً ما و تتذكر دوماً أن مكان عبارة ما أعجبتك فيه كان في زاوية الصفحة السُفلى أو أعلاها و ربما لتذكرت أيضاً رقم الصفحة لو كان عقلك يعمل بكفاءةٍ عالية..و لهذا السبب أيضاً يحمل المتقدمين في السن نسبياً -و أنا منهم- حنيناً غريباً تجاه الكتب ذات الورق المُصفَر و السبب بسيط و هو أن أغلب الكتب المترجمة في العقود الماضية -أي في فترة الستينيات و السبعينيات و الثمانينيات- كانت تصدر من دار المكتبة الثقافية في بيروت و التي كانت تستخدم ورقاً مُصفَراً ذو رائحةٍ مميزة..فأصبح ذلك اللون و تلك الرائحة ترتبطان لدى الكثيرين -و أنا منهم كذلك- بمفهوم جودة ترجمة الكتاب و لغته العربية.

لهذا فكلمات مثل محاظرة لاكن أبدن أقرء عندما تسقط عيناك عليها لأول وهلة ستشعر في داخلك أن هناك أمرٌ "خاطئ"..فلو كنت تمارس القراءة المستمرة فسيكون مصدر شعورك هذا هو أنك قرأتها عدة مرات و هي تكتب بطريقةٍ مختلفة لهذا يقوم عقلك بإرسال إشاراته التحذيرية إليك لتشعر بأن هناك أمر خاطئ حتى لو لم تدرك حينها ما هو..البعض يصغي لتلك الإشارات فيحاول البحث عن الطريقة الصحيحة لكتابة تلك الكلمات أو سواها و البعض الآخر يتجاهل ذلك الإحساس المزعج الذي يرسله إليه عقله..و هكذا و مع مرور الوقت يزداد الطرف الأول حساسيةً تجاه الأخطاء الإملائية و الثاني اعتياداً على تلك الأخطاء.

كل منِّا يقع في الأخطاء الإملائية بل و اللغوية أيضاً..و هذا الأمر لا يعيبنا و لكنه يعيب من لا يحاول أن يصحح ذلك الخطأ بأبسط الطرق التي نعرفها و هي القراءة..و أمر يدعو إلى السخرية كما الاستغراب أنني أحياناً أشعر بالحيرة حول كيفية كتابة كلمةٍ معينة فألجأ إلى القرآن الكريم كأحد الخيارات المطروحة من أجل تصويبي..فالقرآن الكريم -شئنا أم أبينا و بغض النظر عن مصداقيته لدى البعض- يُعتبر مرجعاً لغوياً شديد الاحترافية كما الجودة بالنسبة إليَّ..و لكني في ذات الوقت أجد أن البعض يناقشني بكل ثقة عن ماذا كان يقصد الرب في الآية الفلانية أو السورة العلانية و هو يكتب أقرأ بهذه الطريقة "أقراء" أو "أقرء"..أي أنه يخطئ في كتابة أول كلمة أُنزلت على الرسول الكريم و أول أمرٍ إلهي حثه عليه الرب كما حث عليه المسلمين من بعده.

بالمناسبة تحدثت مع مسيحيين و ملاحدة و لا دينيين و مسلمين و لكني وجدت أن المسلم بالنسبة إليَّ هو الأشد سوءاً بينهم..فمعدل الأخطاء الإملائية مرتفعٌ نسبياً لديه مقارنةً بسواه و هو الذي يُفترض فيه أنه من يعلمنا أصول الكتابة باللغة العربية و التي يخبرنا دوماً مفاخراً أن كتابه المقدس كان أكبر معجزاتها..و لكني و لإحقاق الحق أيضاً وجدت أن معيار الأخطاء الإملائية لا يخيب غالباً..فمن يقرأ كثيراً لا يرتكب خطأً إملائياً بين كل ثلاث كلمات لأن المعرفة نتيجةٌ تراكمية..و من يقرأ القرآن الكريم أو أي كتبٍ أخرى سواه لن يخطئ و يكتب "محاظرة" بهذه الطريقة لأنه لو فعل و حتى لو كان يناقشني حينها في موضوع أصل الكون سأكتشف أنه مجرد مدعي آخر..لأنه لو كان قد قرأ أي كتاب حقاً لما فعلها خاصة و أن توزيع حروف تلك الكلمة على لوحة المفاتيح لا يمنحه ترف ادعاء انزلاق أصابعه بالخطأ..فكفوا عن لوم تلك اللوحة عوضاً عن لوم جهلكم بلغتكم.

حسناً حسناً سأكف عن تقريع الآخرين و سأمنحهم إجابة قد تكون مفيدة عن سؤالٍ قد يراود أي شخص يخجل من الظهور بمظهر الجاهل أو المُدعي و هو كيف نتخلص من أكبرٍ قدر ممكن من الأخطاء الإملائية؟؟..بالنسبة إليَّ و كتجربةٍ شخصية كان القرآن الكريم -كما ذكرت سابقاً- مصدراً لتخلصي من نسبةٍ كبيرة من تلك الأخطاء بالإضافة طبعاً إلى مساعداتٍ خارجية عديدة كقراءة الصحف و الكتب بشكل مستمرٍ منذ الطفولة..و لعل من الأمور المهمة بل و الأساسية أيضاً لتجنب تلك الأخطاء الإملائية هي احترام القارئ..ذلك القارئ الذي ستحرص جاهداً على تجويد لغة خطابك له لعله عندما يقرأ لك يتعلم أمراً سيكون جديداً عليه فقط لأنه لم يلحظ وجوده في كتب أخرى من بينها كتابه المقدس الذي يبدو أنه يقرأه مع أدنى درجات الحرص..ستحرص على اللغة التي سترسمها أناملك أمام عينيه حتى لا يقوم هو الآخر يوماً ما و بسببك بتشويه لغةٍ لم تعد تحتمل المزيد من الاغتصاب الكتابي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأخطاء الإملائية
طاهر مرزوق ( 2014 / 10 / 17 - 14:54 )
الأخت/ زين اليوسف
مقالك جيد وأعترافك بأن المسلمين من اكثر الذين يخطئون فى كلامهم نحوياً وإملائياً،وهو أعتراف يحسب لك فى جرأته، لكنك فى السطور الأخيرة من المقال قلت أن القرآن الكريم كتجربة شخصية قد ساعدك فى التخلص من نسبة كبيرة من الأخطاء الإملائية والنحوية.
لكن الواقع أنك لو قرأت على سبيل المثال للدكتور/ سامى الذيب, ستكتشفين حجم وكمية الأخطاء النحوية والإملائية فى القرآن الكريم، مما يجعلنا نقف حائرين أمام المثل الأعلى الذى كان لعصور طويلة الكتاب المعصوم من الأخطاء.
بل ويكفى أن تضعى عبارة الأخطاء النحوية والإملائية فى القرآن لتتصفحى بنفسك لكتاب آخرين وتحكمى على تلك الكلمات إذا كانت فعلاً أخطاء أو أن أصحابها أدعياء.
عن نفسى أشكر مدرسى اللغة العربية وأشكر أبى الذى أتاح لى وجود مكتبة من الكتب جعلتنى أقرأ ما كان فيها وأكتسب القدرة على الكتابة الصحيحة الخالية من الأخطاء قدر الإمكان.
مع خالص شكرى


2 - إلى طاهر مرزوق
زين اليوسف ( 2014 / 10 / 17 - 16:30 )
قرأت لسامي الذيب -مع حفظ الألقاب- بعضاً من مقالاته و بطريقةٍ سريعة و وجدت أنه أوغل كثيراً في الإفتراض..أي أنه يفضل قولاً على قول..أي أنه بتوضيح أكثر يجد أنه لو قيل كذا لكان من الأفضل من لو كان قيل بالطريقة التي عليها حالياً...
القرآن الكريم بالنسبة لي مرجع ممتاز لطريقة كتابة الكلمات..ساعدني و لم يخذلني حتى الآن قد يفعل في المستقبل لأني لا أستطيع أن أجزم بالمُطلق..و أجد أن قمة الموضوعية -و هي الصفة التي أحاول جاهدةً أن يتصف بها ما أكتبه- أن تخبر الآخرين بتجربة شخصية و نتيجتها حتى لو كان الكثيرون يتحفظون على مصداقية الوسيلة و أقصد هنا القرآن الكريم...
بالمناسبة معلمة اللغة العربية كانت حريصة على تشويه اللغة و مقتي لها أكثر مما فعل سواها..و لعل السبب في ذلك هو الطريقة الغريبة و المعقدة التي تُدرس بها اللغة العربية في مدارسنا...
القراءة بالفعل هي أفضل وسيلة كما ذكرت أنت و مكتبتي كما مكتبتك منحتنا القدرة على الحديث -أو هذا ما أتمناه- مع أقل قدر من الأخطار الإملائية كما هو واضح من طريقة كتابتك لتعليقك..تحياتي و شكراً لتعليقك...


3 - مسيطر أم مصيطر ؟
الغراب الأبيض ( 2014 / 10 / 17 - 18:21 )
إذا كان القرآن يساعدك على الكتابة بدون أخطاء فتفضل وقل لنا كيف تكتب كلمة -مسيطر- ؟ بالسين أم بالصاد ؟


4 - إلى الغراب الأبيض
زين اليوسف ( 2014 / 10 / 17 - 19:51 )
تخرجت من المدرسة منذ أكثر من عقد من الزمان و ما أمارسه الآن هو ما يشبه الكتابة أما الإختبارات اللغوية التي ترغب في تضييع وقتك كما وقتي فيها فلا حاجة لي بها...
و لو كنت -قرأت- ما كتبته -رغم اني أشك أنك فعلت- لكنت وجدت أني وضعت القرآن الكريم كأحد المصادر التي تجنبني الخطأ الإملائي قدر الإمكان و لكنك و بسبب توجهك العدائي المُسبق تجاهلت تلك الفكرة التي أشرت لها مرتين في مقالي لصالح فكرة واضحة جداً في سذاجتها في تعليقك...


5 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 10 / 17 - 23:52 )
تم التعليق في خانة الفيس بوك , تحت مُعرّف (أبو بدر الراوي) , و السبب : سعة مساحة الكتابة .

اخر الافلام

.. وفاة أسطورة الموسيقى والحائز على الأوسكار مرتين ريتشارد شيرم


.. نحتاج نهضة في التعليم تشارك فيها وزارات التعليم والثقافة وال




.. -الصحة لا تعدي ولكن المرض معدي-..كيف يرى الكاتب محمد سلماوي


.. كلمة أخيرة - في عيد ميلاده.. حوار مع الكاتب محمد سلماوي حول




.. لماذا تستمر وسائل الإعلام الغربية في تبني الرواية الإسرائيلي