الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قواعد الجسد الأربعون

حنان فوزي المسعودي

2014 / 10 / 17
الادب والفن


قواعد الجسد الأربعون

  كنت متلهفة جدا لقراءة رواية "قواعد العشق الأربعون" التي صدرت للكاتبة التركية "الفيف شافاق" مؤخرا....خاصة بعد الضجة الأعلامية التي اثيرت حول تلك الرواية وتصدرها لقوائم المبيعات. استطعت اخيرا الحصول على نسخة الكترونية منها بعد ان عجزت عن اقتناء الكتاب.
جلست بهدوء...وفي خلوة...امسكت اللابتوب كتميمة مقدسة وشرعت اقرأ..... وتوالت قرائتي مع توالي الصفحات وتسارعت مع حبكة الاحداث وجمال الكلمات حتى اكملتها في خمس ساعات متواصلة...... ثم جلست وحيدة اجتر صداعي...وخيبة املي.....
فاجأتني الرواية بأنها لم تكن من الصدق بحيث ترسخ اثارها وشخصياتها في نفسي وتلهمني برغم موضوعها الرائع عن العشق الصوفي المقدس وملامسته لروح القارئ.
تجري احداث تلك الرواية في قسمين...قسم واقعي من الحاضر وقسم متخيل من الماضي السحيق فهي في حقيقة الامر رواية داخل رواية......
ليس النقد تخصصي ولست بتلك الدارسة والعالمة بفنون الادب ولكني كقارئة مزمنة عتبت على الكاتبة بشئ واحد.... فطوال الرواية كانت الكاتبة تمجد العشق الصوفي الذي يمكن ان يربط بين المرء وربه......المرء وبيئته او بين بني البشر بغض النظر عن اجناسهم فهذا العشق هو حالة لاترتبط بالجسد ولاترتبط بشخص معين بل هي نسمات اثيرية نعيش فيها دونما توقع.. او تخطيط ...بداية او نهاية...... برغم جمال الفكرة التي استغرقت انا في حبها ووصفها ولكن الكاتبة لم تلتزم بها في الرواية الواقعية...اذ جعلت بطلتها "إيلا"..تعشق رجلا غريبا ....مسافرا صوفيا.... اوربي مستشرق ...يدعى "عزيز" تعرفت عليه عن طريق الانترنيت وهو كاتب للرواية الصوفية التي كانت "إيلا" مسؤولة عن تقييمها....
والى حد هذه اللحظة لم تناقض القصة فكرتها في العشق الصوفي ..ولكن عندما قررت البطلة ترك عائلتها لأجل "عزيز"...كانت تلك هي الصاعقة التي دمرت بناء الرواية الصوفي...  
نعم...لقد اقتنعنا بأن "إيلا" عاشت حياة بائسة قبل التعرف الى "عزيز"...وكان زوجها يمسخها كيانا وانوثة ويخونها سرا وعلنا... بينما تمضي هي جل وقتها في المطبخ كي تهرب من وحدتها... .. ولكن كل ماسبق لم يكن مبرر لتغادر عائلتها وتهرب مع عشيقها "الصوفي" .....
من الواضح جدا ان دخول "عزيز" الى حياة "ايلا" الهمها متعة الانسانية ولذة التمرد والتغيير ولكن لم يكن من المنطقي ان تسافر معه حول العالم....كعشيقة....
كان بإمكان الكاتبة جعل عزيز هو الشرارة التي وهبت الحرية الصوفية لمشاعر "ايلا" الاسيرة....والمسبب الرئيسي لهجر حياتها الفارغة الخالية من الحياة...ولكن ليس بالضرورة ان تهجرها..."اليه"...... خاصة وانهما لم يسافرا للقيام بمهمة انسانية او اغاثة الاطفال في افريقيا او ربما رحلة تبشيرية...ابدا بل كانت رحلة عاشقين يغتنمان اللذة بأوجها مستغلين الوقت القصير المتبقي للعشيق في هذه الحياة .......
لو كنت انا الفيف ....لاخترت احد هذه النهايات.... 1...تترك "ايلا" عائلتها وتجد ضالتها في الكتابة او في اي عمل اخر تفيد فيه المجتمع وتجسد كيانها المتلاشي . 2....تبقى "ايلا" مع العائلة ولكن بشخصية جديدة وبضوابط جديدة تفرض على زوجها المقصر وابناءها اللامبالين...... 3....تبقى علاقة "ايلا" بعزيز....علاقة روحية تغذيها الايميلات البسيطة المتبادلة التي تشرق كالشمس في ظلماء حياتها ...... 4....او ربما تقطع علاقتها بعزيز..وتعيش لنشر تعاليمه الصوفية ومهمته الانسانية......  
ولكن....هروب العاشقين معا..والانخراط في علاقة جسدية ساخنة لم تكن النهاية المتوقعة لرواية صوفية تهدف الى تمجيد الروح ونبذ الجسد وليس العكس......خاصة وان حياة البطلة لم تتغير جذريا حتى يشبهها "عزيز" بجلال الرومي ويشبه نفسه بالتبريزي.....
فما الذي تغير لدى امرأة اربعينية سوى عشيق جديد وقلق دائم من حكمه المسبق على جسدها المترهل...؟ أي رسالة سامية نشراها معا كي يتشبهان بالرومي والتبريزي سوى رسالة الاستجابة المطلقة لحاجات الجسد ؟... "قواعد العشق الاربعون"......خاب املي في النهاية بعد ان انتصر الجسد على الروح وبشكل ساحق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري