الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاري صاحب الكيف ينضم إلى مشاة البحرية

وليد الحلبي

2014 / 10 / 18
كتابات ساخرة


ذات مساء بحثت عنه فلم أجده، فقد مضى أسبوع دون أن أراه في مقهى الحي الذي يجمعني به كل مساء. سألت عنه بعض الأصدقاء، فقالوا بأنه أرسل إليهم رسالة نصية من هاتفه الجوال يقول فيها أنه انضم إلى مشاة البحرية. ضربت كفاً بكف، فكيف ترك هذا المسطول عائلته وانضم إلى فرقة أمريكية ربما يصدر إليها الأمر بالقتال في بلاد العرب والمسلمين، فهل سيقتل إخوانه في الدين والعروبة؟، والأهم من ذلك: كيف قبلوا هم بانضمامه إلى هذا الفصيل من الجيش الأمريكي وهو المواطن العربي الذي ليس لديه خبرة قتالية، ولا حتى إقامة مؤقتة في الولايات المتحدة؟. هنا بدأت الوساوس تراودني من أنه ربما كان جاسوساً يعمل لصالح المخابرات المركزية أو الإف بي آي أو أي جهاز أمريكي أمني آخر؟، ولكن هل يعقل أنهم كانوا غافلين عن إدمانه الذي أوصله إلى حد الهبل؟، لا، هذا مستحيل، بل الأرجح أنه كان يمثل علينا، نحن أصدقاؤه، دور المدمن حتى يغطي على عمله القذر؟، فهل يمكن أن يكون قد نقل عنا معلومات إلى أسياده؟، وهل يمكن أن تتسبب لنا تلك المعلومات بأي أذى من قبل حكوماتنا العميلة لأمريكا، تلك التي استقبلت المعتقلين الذين أرسلتهم أمريكا إليهم لاستجوابهم تحت التعذيب والإكراه؟، ومع أننا نعرف أنفسنا أبرياء، بل جبناء، من الخوض في أية أحاديث سياسية حساسة على قاعدة (إن الحيطان لها آذان)، ألا يمكن أن يكون هذا الوغد قد زور علينا ما يحلو له لكي يحصل على المال ورضى أسياده ومشغليه؟. مليون فكرة سلبية طرأت على بالي قبل أن أراه صبيحة اليوم التالي. سألته بتردد وخوف واضحين: تردد خشية أن يغضب عليّ، وتودد كسباً لرضاه حتى لا يورطني فيما يمكن أن يؤذيني:
- افتقدتك بالأمس يا رفيق العمر، فسألت عنك بعض الأصدقاء، فقالوا بأنك انضممت إلى مشاة البحرية، مبروك، لكن هل هذا الخبر صحيح؟.
- قال: طبعاً صحيح.
هنا أدركت بأن جميع وساوسي كانت في محلها، فبدأت أحسب ألف حساب أن يأتيني زوار الفجر قبل الفجر بكثير، ثم يصطحبوني بالقوة إلى مركز التحقيق، حيث سأُواجه بتهم اختلقها هذا الأفاك الخائن، الذي اعتقدنا أنه حشاش، فإذا به جاسوس قذر، يتظاهر بالهبل والسذاجة، لكنه أثبت أنه أذكى منا جميعاً نحن أصدقاؤه البلهاء الذين كنا نسخر منه، فإذا به يسخر منا الآن، ويكاد أن يودي بنا في ستين داهية .
لكنني فوجئت به يتابع:
- فقد شعرت بأن وزني قد زاد كثيراً في الآونة الأخيرة، فقررت الانضمام إلى مجموعة من أمثالي الذين يريدون إنقاص وزنهم، وقررنا أن نمشي كل يوم خمسة كيلومترات على شاطيء البحر، لذا، ولكي ترتفع معنوياتنا ونثابر على المشي يومياً، فقد بحثنا عن اسم يحمل معاني الشجاعة والإصرار على تحقيق الهدف، فأطلقنا على مجموعتنا اسم (مشاة البحرية) تشبهاً بها في الشجاعة والتصميم، فهل في ذلك أي مشكل؟.
- قلت له بعصبية وقد تجرأت عليه: ولماذا يا محترم لم ترسل لي نفس الرسالة النصية التي أرسلتها إلى باقي أفراد الشلة؟.
- قال الخبيث وكأنه يقرأ أفكاري: ببساطة، لأنني أعرفك شكاكاً في جميع تصرفاتي، فلربما اعتبرتني أتظاهر بأنني صاحب كيف، بينما في الحقيقة أعمل جاسوساً أو عميلاً لجهة استخباراتية أمريكية، أو أنني سأقاتل إلى جانب مشاة البحرية الأمريكية ضد العرب والمسلمين، أليس كذلك؟.
- قلت متلعثماً وأنا أتنفس الصعداء: (لا لا، أبداً. قل لي لو سمحت: من هم أفراد فرقتكم؟، كم عددهم؟، وأين تمشون كل يوم؟، وما هو الوقت المفضل لديكم للمشي؟، وكم ساعة تمشون؟)، وقبل أن أتابع قاطعني قائلاً:
- بعد كل هذه الأسئلة، من هو عميل المخابرات؟، أنا أم أنت؟، وألا يحق لي أن أسألك بدوري: لصالح من تعمل، لحساب فرع المخابرات الجوية؟، أم لفرع فلسطين؟، أم لفرع 298؟، أم لأي فرع أمني آخر؟.
- قلت له، وقد شعرت أنه قد ضبطني مشتبهاً بي: لا والله ولا شيء من ذلك، بل لأنني أرغب في الانضمام إلى فرقتكم، فرقة (مشاة البحرية).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا