الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراجعات خطيرة في مشروع قانون المسطرة الجنائية على المستوى الحقوقي

الشرقي لبريز
اعلامي وكاتب مغربي

(Lebriz Ech-cherki)

2014 / 10 / 18
دراسات وابحاث قانونية


قبل نقاش التراجعات التي جاء بها مشروع المسطرة الجنائية لابد من الاشارة الى انه اولا سواء قانون المسطرة الجنائية المعمول به حاليا او المشروع ، لا يحترمان حقوق الانسان كما هو متعارف عليها دوليا ، خصوصا و ان قانون المسطرة الجنائية يعتبر المدخل لتنفيذ و اجرءت السياسية الجنائية في كل مكان وزمان ، هذه الاخيرة التي تفرض تجريم بعض الأفعال الضارة بمصلحة المجتمع ومصلحة الأفراد، وسن عقوبات رادعة لها .
ان الهدف من السياسة الجنائية كونيا هو ضمن الاستقرار ، من تم كان لازما تجريم بعض الافعال الضارة بمصالح المجتمع ، الا انه يجب ان ينظر لمرتكب تلك الأفعال المجرمة على انه انسان الامر الذي يقتصي احترام كرامته في بعدها الانساني ، من هذا المنطلق اهتمام المنتظم الحقوقي الكوني بما سمي بالمحاكمة العادلة وقد كانت هذه الاخيرة موضوع العديد من المؤتمرات والملتقيات والندوات في دول عدة ، و التي كان لها الأثر العميق والفاعل في الكشف عن مختلف الجوانب الإجرائية لها مع تحدد شروطها ،و يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اول من كرس جملة من الضمانات لاجلها ليأتي بعده العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و يفصل فيها ، اذ نصت المادة 14من العهد الدولي، الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، صراحة على الحقوق الأساسية للمتهم وعلى شروط الحق في المحاكمة العادلة " الناس جميعا سواء أمام القضاء . ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون "
وبرأي فقهاء القانون، إن المحاكمة العادلة تحدد الفرق بين دولة الحق و القانون و دولة القانون ، فدولة الحق و القانون ، هي دولة الكرامة و حقوق الانسان حيث القانون حاميا للحقوق و ساهرا على صيانتها ومن اجل الوصول الى هذه الغاية تعمل هاه الدول على ملائمة تشريعاتها المحلية و المواثيق الدولية ، عكس دولة القانون و التي يكون فيها القانون سيد الجميع ، رغم ان هذا الاخير يعتبر احد المعبارات عن مصلحة الطبقة / التحالف السائد مما يعني معه ان القانون سيصبح عدوا للحق و ناكرا له و خادما للاستبداد .
فحتى لا نذهب عن موضوع مناقشتنا بعيدا ، يمكن إجمال التراجعات التي جاءت بها مسودة المشروع الحالي الى ثلاثة مستويات ، اولها عدم احترام شروط المحاكمة العادلة كما جاءت بها أدبيات حقوق الانسان ، ثانيها عدم احترم الضمانات التي جاء بها دستور 2011 الممنوح ، و اخيرها تراجعات عن بعض الامور المتضمنة في قانون المسطرة الجنائية الحالي .
سنحاول تسليط الضوء على بعض منها :
ــ التضييق على حرية التنقل كما هو منصوص عليها في المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان حيث نصت على " لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة " و ايضا الفقرة 4 من الفصل 24 من الدستور الممنوح الحالي ، خصوصا ان المشرع اعطي للنيابة العامة في مادته 40 حق تمديد اغلاق الحدود من شهر كما تنص على ذلك المسطرة الحالية الى ثلاثة اشهر .
ــ التضيق على حق المجتمع في المعلومة حسب ما هو منصوص عليه في الفقرة الاول من الفصل 27 و الفقرة الثانية من الفصل 28 من الدستور الممنوح و حصر تسريب المعلومة على الشرطة القضائية ، النيابة العامة ، الامر الذي يعني ان سلطة الاتهام أي النيابة العامة يمكنها ان تسرب للرأي العام ما تريد من معلومات من اجل اجل قولبته .
وهذا فيه ضرب لكل من حق الصحافة في التعاطي مع الخبر ، الدفاع و المعني بالأمر اذ يحرم هذا من تقديم رويته ا في النازلة تنويرا للرأي العام .
ــ أعطت المادة 47 من المشروع للنيابة العامة حق الايداع بالسجن دون الاستنطاق مما يتناقض مع المادة 4 من الفصل 23 من الدستور الممنوح ، و ايضا نفس المادة من قانون المسطرة الجنائية المعمول به حاليا ، حيث يحرم المتهم من الاستنطاف في اسرع وقت بحضور الدفاع ، رغم ان فقهاء القانون يرون ضرورة حضور الدفاع مند لحظة الايقاف و كل اطوار مراحل الاستنطاق خصوصا و ان احكام المحاكم الابتدائية تكون تحكم بالإدانة ، غالبا ما تكون معللة بناء على التصريحات المدونة في محاضر الشرطة القضائية ، و القانون المغربي يعتبر المحاضر وسيلة إثبات أساسية في مواجهة المتهم و يوثق بمضمونها إلا إذا ما ثبت العكس، وهو ما يحد من حقوق المتهم ، كما ان الايداع في السجن يضرب احد اركان المحاكمة العادلة و هو قرينة البراءة ، اذ ان هذه الاخيرة تستدعي ان لا يودع المتهم السجن الا بعد ان يصدر ضده حكما يقضي حجية الشيء المقضي به .
ــ كما ان المشروع اعطي سلطة واسعة للنيابة العامة في ان تأمر بإيداع متهم بالسجن حتى وان انعدمت حالة التلبس، و ان لم يعترف أمامها ، دون مراعاة ان كان يتوفر على ضمانات الحضورمن عدمها ، كما ان المشروع اعطي للنيابة العامة السلطة بأن تودع في السجن من تريد دون أي رقابة لقراراتها ، الأمر الذي كان مشروطا بعدة شروط منصوص عليها في الفصل 47 من المسطرة الحالية

ــ الاجهاز على الحق في الطعن رغم ان هذا الاخير ركن اساسي من اركان المحاكمة العادلة الا ان المشرع الواضع لمشروع قانون المسطرة الجنائية جعله حكرا على من صدرت في حقهم غرامة تتجاوز 000 20 درهم ، الشيء الذي يكرس عدم المساواة امام القانون .
ــ اعطت المادة 423 من مشروع قانون المسطرة الجنائية حق وضع الاصفاد في يدي المتهم عندما يكون يستنطق او يحاكم رغم ما لهذه الممارسة من اهدار للكرامة الانسانية بشكل عام .
ــ تبث المشروع عقوبة الاعدام رغم التوجه الكوني لحقوق الانسان اذ اضاف للمادة 430 فقرة تنص على عقوبة الاعدام .
ــ اجهاز المشروع على حق المتهم في التزم الصمت امام الشرطة القضائية عكس ما هو معمول به حاليا في قانون المسطرة الجنائية المعمول به ، حيث اعطت المادة 60 من المشروع الحق للنيابة العامة في اعطاء الاومر للشرطة القضائية بارغام الشخص على الكلام ، الامر المخالف لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة ، خصوصا و ان هذه الاخيرة لم تجعل التعديب محصورا في التعذيب الجسدي ، بل ضمنته حتي النفسي اذ نصت في فقرته الاول مادة 1 على " لأغراض هذه الاتفاقية ، يقصد بالتعذيب أى عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد ،جسديا كان أم عقليا ، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص،أو من شخص ثالث،على معلومات أو على اعتراف ،أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه ،هو أو شخص ثالث أوتخويفه أو ارغامه هو أو أى شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأى سبب يقوم على التمييز ايا كان نوعه،أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها "
ــ الترجع عن حصانة انتهاك حرمة المساكن اذ ان عملية التفتيش اصبحت مطلقة و غير مقيدة اذ منحت صلاحيات كبرى للنيابة العامة و الشرطة القضائية وذلك في ما ا تضمنه الفقرة المضافة للمادة 59 من المشروع .
خلاصة القول ان مشروع قانون المسطرة الجنائية قد اعطي سلطات واسعة للنيابة العامة ، احيانا مطلقة و قد حازلنا رصد بعض من الكثير من الاجهازات على ما كان في قانون المسطرة الجنائية المعمول به حاليا ، و هذا الاخير الذي لم يتطور بهبة من الدولة بل خاضت من اجله الحركة الحقوقية نضالات كبيرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حملة اعتقالات إسرائيلية خلال اقتحام بلدة برقة شمال غربي نابل


.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين




.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري


.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين




.. ألمانيا.. تشديد في سياسة الهجرة وإجراءات لتنفير المهاجرين!