الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما رواء الحكي في المجموعة القصصية-وصمة زعفران- للكاتب المغربي زهير الخراز

نجية جنة

2014 / 10 / 20
الادب والفن



" وصمة زعفران" مجموعة قصصية للكاتب المغربي زهير الخراز ، صدرت سنة 2012 عن منشورات مؤسسة منتدى أصيلة ، تتضمن عشر قصص من القص القصير ، تشد القارئ شدا حتى النهاية بأسلوبها المشوق ولغتها الفصيحة السلسة، تنساب كانسياب الحلم الجميل ليصفعه في النهاية بكابوس الواقع ، يتركز السرد على انسجام الموضوع رغم ما يتضمنه من مفارقات ساخرة ، وترميز مبطن يجعل المتلقي يمعن في تأمل الحكي ويبحث عما وراءه.
حيث " وصمة زعفران" ص 7 يتواتر السرد مزدوجا مع الوصف المفصل الذكي ليأخذنا القاص إلى عالمه البئيس حيث المعاناة مع البطالة ، رغم حصوله على الإجازة ، ثم يصف لحظة مقابلة قريبه ، الذي أصبح يتبوأ مرتبة اجتماعية وازنة، حيث سيقابله بالجفاء والجحود ، فيعود أدراجه إلى ذكريات الطفولة حيث كان يلقبه "حبيبو" فتبدو المفارقة صارخة والحكي موجع ، " في الشارع عملت جاهدا على استجماع فسيفساء ملامح حبيبو، لكن بدون جدوى، استنجدت بحاسة شمي الشامخة بأنفها أبدا، لكن نسيمات عطر الليمون الضائعة في فضاء جسدي الخائب كانت قد تحولت إلى عرق بارد بنكهة عجيبة ، جراء مواقف غريبة ومبهمة"

"الأبيض" ص 21 تسرد قصة رجل عجوز ، يستعمل الوصف المفرط في الدقة ، فيجعلنا وكأننا نشاهد لوحة سينمائية ، سنتقرب من الرجل وسنحب طريقة لباسه ومشيته ، بل سنتعاطف مع مرضه الأليم وهو يضع يديه على الحزام ليشد الفتق ، هو أب موسمي كما يلقبه ، تجاوز الثمانين من عمره ، يقوم بزيارة ابنه العاق الذي يقطن مدينة من المدن الكبيرة التي تنسي بهمومها ومشاكلها ما كابده الآباء في تربية الأبناء ليصدموا في النهاية بجفائهم وانصهارهم في حياتهم الخاصة دون مراعاة شيخوخة الآباء وعوزهم وعواطفهم ،لقد تأثر بحديد وإسمنت المدينة الكبيرة ، فتحولت مشاعره نحو أبيه الهرم إلى جفاء ونكران ، وينتقل في وصفه إلى مدينة الشيخ الأصلية فتظهر المفارقة كبيرة وقوية ، هناك حيث يمتلك بيتا بفناء عريض تظلله شجرة التين ، لم يغره مال كجيرانه الذين باعوا بيوتاتهم للأجانب ورحلوا خارج أسوار المدينة العتيقة طلبا للثراء ، سيتعايش مع الأجانب في ود وسلام ، ولكن لسوء حظه وفي تلك المدينة التي جاء إليها بحثا عن صلة الرحم سيتهم بالإرهاب وبمحاولة الانتحار وسط حشود السياح وهو يشد على حزامه، فيقبض عليه بتهمة أنه زعيم روحي لتنظيم إرهابي سري جديد لم يعلن على اسمه بعد. في ص 28 " يحييهم كعادته فيردون بالمثل..أظن الألم اللعين عاوده ثانية.. فها هو يدس يديه داخل فتحتي جلبابه .. يشد الحزام....أما آن لهذا الفتق اللعين أن ينخنق؟؟ أو ترون ما أرى؟ ...إنهم يفرون من حوله مذعورين....إنه يدور حول نفسه ..يتساءل عما يحدث حوله ...إنه يتهاوى على الأرض ....
خبر عاجل:" تمكن رجال الأمن بمدينة القلعة الصفراء من إحباط محاولة انتحاري كان سينفذها عجوز في الثمانينيات من عمره ، وسط حشود من السياح الأجانب ، وذلك بواسطة حزام ناسف " لقد نسف الأستاذ الخراز بهذه الفقرة الادعاءات المخزنية والهلوسات الصحافية.

في قصة " رجل جدتي " ص 33 سيسرد حكاية لطيفة طريفة تصور علاقة الطفل بجدته ، وذكريات الطفولة الجميلة رغم آلام الخوف ورعب اللحظات التي اقتنصتها الذكرى ، ينطلق القاص من وصف دقيق للمكان والزمان وكأننا أمام لوحة فوتوغرافية متحركة ، الدروب والأزقة ، الليل وهدير البحر والمرأة التي يهابها ولكنه يرافقها رغما عنه لأن ذلك من أوامر الجدة التي تعتمد عليه وتعتبره رجلها متى أنجز أوامرها على أحسن وجه ، ولكنه حينما يخيب تنعته بالطفل الغير النافع ، فعلاقة الطفل بالجدة علاقة مبنية على المصلحة بالدرجة الأولى ، ولكن الكاتب يرى أنها كانت مصلحة متبادلة ، ولكنه سيتمرد في النهاية على أوامر جدته التي أثقلته ، ولكن بطعم المرارة يعترف أنه أصبح يلقب بالرجل الغير النافع .

في قصة " اللص الظريف ص 41 بأسلوب طريف وبحبكة مختلفة حيث سيبدأ القصة من نهايتها ، حيث سيخيب أمل الخطيب لأن اللص الظريف سيكشف للخطيبة أنها أساءت الاختيار ،نلاحظ أنها قصة بسيطة ولكنها تلامس ظواهر اجتماعية متواجدة في واقعنا .

قصة " النقار" ص 49 بمضمونها العميق يحاول القاص إبراز جدلية الحياة والموت ، القوى والضعف ، الخير والشر ، فحفار القبور في موازاة مع النقار ينظف الأرض من الجثث ، والنقار ينظف الطبيعة من الحشرات والديدان والقوارض ، والمفارقة القوية هي عدم قدرة الحفار القضاء عليه .

في "أجمل غريقة" ص 61 يصف رغبات الصيادين وأمنياتهم ، التي تصطدم بالواقع المرير، حيث يرمي البحر بالنفايات وبالجثث، من خلال القصة يناقش مشكلات التلوث ومشكلة الهجرة والفقر .

أيضا ، تحمل قصة "طفلتي والقمر" ص 69 إشارات واضحة حول استياء المجتمعات في مجموع دول العالم حول تبدير المال العام و الجري وراء تفاهات لا طائل منها ولا منفعة ، كما في قصة "إضراب عن الطعام" التي ينتقد من خلالها الدعاية الإشهارية التي تستغل عوز والفقر والبطالة ، وتروج لمواد غذائية منتهية الصلاحية ، دون مراعاة سلامة وصحة المواطن .

لقد حاول الاستاذ زهير الخزار ملامسة مجموعة من الظواهر الإجتماعية ، ومعالجتها بطريقته الساخرة ، ولكن بأسلوب هادئ رصين ، يعتمد بالأساس على الصورة والوصف الدقيقين ، فجاءت الشخصيات والمشاهد واقعية جدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو


.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق




.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب