الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسابات القوة والمصلحة وتفادي السقوط في كنف الوحشية المدمرة

سامر أبوالقاسم

2014 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


أمام كل الأخطار الماثلة، وأمام كل هذا التهديد بإضعاف وعرقلة كل المكتسبات، وأمام ما يمكننا تحمله من مسؤوليات تجاه الأجيال السابقة واللاحقة، بين الفينة والأخرى يكون من الأفيد القيام بمراجعة العديد من التفاصيل والجزئيات المرتبطة بعمليات تصريف "المشروع المجتمعي"، خاصة وأن مثل هذا التمرين ذي الطبيعة الفكرية والسياسية يمكننا من استشراف مستقبل تموقعنا وأدائنا السياسيين بمنطق التجاوز والتطوير والتغيير.

فمثل هذا التقييم لا يمكنه أن يستقيم دون تحليل الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها كفاعلات وفاعلين في ضوء المتاح؛ من فرص وموارد، وفي ضوء العوائق المانعة؛ في الداخل والخارج، وقد نرفع من إيقاع التأكيد للقول بأنه لا يمكن للمراجعة والتطوير الوصول بنا إلى بر الأمان بدون إعادة صياغة أهداف الدولة والمجتمع معا، صياغة مناسبة للحظة السياسية التي نجتازها.

وهنا ينبغي التنبيه إلى أن هذه العملية إنما تتغيى الربط الموضوعي بين الأهداف المنشودة مرحليا بالممكن والمتاح واقعيا في هذه اللحظة، مع هامش غير ضيق ومقبول من الطموح بطبيعة الحال، وإلا تم السقوط في "التصفيق والتطبيل والتهليل"، وهو مسار لم يؤد بالبلاد في العقود التي أعقبت الاستقلال إلا إلى مطبات لا زلنا نعيش كمغاربة تحت وقع انعكاساتها السلبية؛ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتربويا... إلى اليوم.

فقد علَّمنا واقعنا السياسي الحديث والمعاصر، أنه إذا كانت السياسة بالمفهوم العام تحيل على رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية، فإنها على المستويات العملية لا تخرج عن نطاق الاهتمام والانخراط في عملية تقسيم الموارد في المجتمع عن طريق السلطة. وقد صار من باب تحصيل الحاصل أنه كلما تم الإقصاء والتهميش، وتم الابتعاد عن التفاعل والتشارك، كلما تم الاستحواذ على موارد المجتمع عن طريق التسلط، وتم تسييد منطق الترهيب والتنكيل بكل من اختار الاهتمام بالسياسة أو اقترب من مناقشة القضايا ذات الصلة برعاية الشؤون الداخلية والخارجية للدولة.

وهذا الواقع ـ على أية حال ـ إن لم يكن قد وجد نضجا كافيا لدى مجموعة كبيرة من مكونات المشهد السياسي المغربي، خاصة الديمقراطية منها، لكانت مآلات مجتمعنا غير مختلفة عن مآلات المجتمعات التي تعيش اليوم خرابا ودمارا شاملا، بالنظر إلى حجم الفظاعات المرتكبة في الفترة التي لم تُطْوَ إلا بفعل الرغبة في المصالحة واستشراف الأفق السياسي والاقتصادي والاجتماعي لبلادنا بنهجِ ونَفَسٍ وتصورِ مغاير.

وهو ـ فعلا ـ ما عبَّد الطريق أمام هذه المكونات للاستمرار في التعبير السياسي الأنضج أمام ما كان يتهدد مجتمعنا ـ في بداية العقد الثاني من هذه الألفية ـ من عواصف، كانت تشتم منها روائح الخطر الرجعي ذي الميولات الدينية والتوجهات المذهبية المغالية والمتطرفة، التي لا تقيم أي اعتبار للمنظومة القيمية الإنسانية الكونية، وتسعى إلى تمريغ كرامة الإنسان ضدا على كل أشكال التطور التي عرفتها البشرية في مجال تدبير أمور علاقاتها وتفاعلاتها في إطار العيش المشترك داخل المجتمع الواحد.

فالسياسة ـ بحسب هذه الدلالات العامة التي ساهمت القوى الديمقراطية في العمل على الدفع بوجودها داخل كل المجتمعات البشرية، بصرف النظر عن مواقعها الجغرافية وخصوصياتها السوسيوثقافية وإمكانياتها المادية وإمكاناتها البشرية ـ ليس شيئا آخر سوى ذلك الأداء الذي يعنى بالعلاقات والتفاعلات الجارية بين مختلف الأفراد والفئات والشرائح الاجتماعية داخل المجتمع الواحد، كما أنها ليست موضوعا سوى لذلك الفعل الذي ينصب على عملية استعياب متغيرات الواقع السياسي والمساهمة في تغييره موضوعيا وفقا لحسابات القوة والمصلحة، مع تفادي السقوط في كل أشكال الوحشية المدمرة للمجتمعات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة