الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر المانحين لاعادة إعمار غزة ليس جمعية خيرية

عليان عليان

2014 / 10 / 22
القضية الفلسطينية


مؤتمر المانحين لاعادة إعمار غزة ليس جمعية خيرية
عليان عليان
مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في القاهرة في الثاني عشر من شهر تشرين أول الجاري بحضور (50) دولة ، وهيئات اغاثية ومنظمات دولية او سياسية ، مثل صندوق النقد الدولي وجامعة الدول العربية ، نجم عنه تبرعات سخية مقدارها (5,4) مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة ، بعد الدمار الهائل الذي لحق به جراء العدوان الاسرائيلي الأخير الذي استمر (51) يوماً.
لكن هذا المؤتمر نحى منحى سياسياً ، لجهة تثميره باتجاه تحجيم المقاومة في قطاع غزة بل إنهائها ، ما يؤكد أن مثل هذه المؤتمرات ليست بجمعية خيرية تدفع باليمين بحيث لا تدري الشمال ما قدمته اليمين ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن العراب الرئيسي لعقد مثل هذه المؤتمرات هو الولايات المتحدة ، التي تلعب دور المايسترو في توزيع الأدوار ، وتحديد الحصص لكل دولة مشاركة.
وبعيداً عن لغة الخطابة والإنشاء لبعض كلمات الوفود ، لا بد من التوقف أمام الاشتراطات الضمنية والعلنية، التي وضعها المؤتمر لدفع هذا المبلغ السخي لإعادة اعمار القطاع وأبرزها:
1-أن حكومة العدو الصهيوني ستعمل على ادخال مواد البناء ، التي يتم الاتفاق عليها الى قطاع غزة ، عبر معبر كرم أبو سالم وغيره وبلا اي عائق، ما دامت تضمن بشكل كامل أنها ستستخدم فقط في إعادة بناء المنازل والطرقات ، وأنها لن تستخدم من قبل فصائل المقاومة في بناء الأنفاق والتحصينات العسكرية.
2- أن يتواجد ما يقارب من 250 الى 300 مراقب دولي ، يحملون آلاتهم وكاميراتهم وأجهزة التسجيل والتصوير ، للتأكد من طبيعة استخدام مواد البناء وعدم استخدامها لأغراض عسكرية.
3- أن المتضررين يجب أن يتقدموا بطلباتهم ، لفريق الأمم المتحدة في القطاع ، ويقوم هذا الفريق برفع الطلبات للجانب الإسرائيلي في معبر إيريتز " بيت حانون " ، ليدقق في هذه الطلبات فيما إذا كانت مرتبطة بالمقاومة أم لا ، وفي ضوء ذلك يعيد الطلبات لفريق الأمم المتحدة بالرفض أو الإيجاب ، وفي حال الإيجاب تصل هذه الطلبات للسلطة الفلسطينية لتقوم بالتنفيذ بعد الموافقة الإسرائيلية.
خلاصة الأمر أن المؤتمر لم يتخذ قراراً برفع الحصار عن قطاع غزة ، وجعل ( إسرائيل) هي صاحبة القول الفصل في إدخال مواد البناء وغيرها ، ما يعني ترسيم الحصار رسمياً بقرار من المؤتمر ، وتسليم مفاتيح معابر القطاع بشكل رسمي للعدو الصهيوني ، والأخطر من ذلك كله أن العدو الصهيوني ، قد يكون المستفيد الرئيسي من إعادة إعمار قطاع غزة بعد أن قام بتدمير حوالي 60 ألف منزل تدميراً كاملاً أوجزئيا ، وتدميرعشرات المصانع ومعظم البنية التحتية للقطاع ، حيث لم يرد في قرارات المؤتمر ما يحول دون أن تكون ( إسرائيل) مورداً رئيسياً للاسمنت وبقية مواد البناء ، ما يدر عليها مئات الملايين من الدولارات.
كما أن قرارات المؤتمر ، لم تغير شيئاً في صلاحيات المعابر الموصلة إلى قطاع غزة التي سبق تحديدها في اتفاقية المعابر لعام 2005 ، بحيث تنحصر مهمة معبر رفح في دخول الأفراد فقط ، في حين تكون مهمة بقية المعابر الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية ، هي التحكم في إدخال السلع من مواد بناء ومواد غذائية وأدوية وغيرها إلى القطاع.
ولم تتوقف الأمور عند ترسيم الحصار ، بل تعدته باتجاه تحجيم المقاومة من خلال ما يلي :
أولاً : ربط عملية إعادة الاعمار بعودة الجانب الفلسطيني للمفاوضات ، التي كان من المؤمل مغادرتها بعد إفشال العدو الصهيوني لخطة كيري ، وبعد العدوان الأخير على غزة.
فقد تضمن المؤتمر اشتراط ضمني لضخ الأموال للقطاع ، ممثلاً بالعودة للمفاوضات ونبذ المقاومة ، وقد عبر عن هذا التوجه بوضوح لا لبس فيه وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري بقوله : " لا بد من استئناف المفاوضات للتوصل إلى تسوية دائمة بين اسرائيل والفلسطينيين ، وذلك كي لا تذهب مساعدات الدول المانحة سدى " .. " مضيفاً "لا أعتقد أن أي شخص في هذه القاعة يريد ان يعود بعد عامين او اقل ، الى نفس المائدة للحديث عن اعادة اعمار غزة ، بسبب التقاعس عن التعامل مع القضايا الأساسية التي تؤدي الى تكرار النزاع".
وكان رئيس السلطة محمود عباس أكثر وضوحاً ، في رفضه لخيار المقاومة انسجاماً مع توجهات المؤتمر ،عندما أكد رفضه بشكل مطلق العودة للكفاح المسلح ، وعندما أكد عدم العودة للحرب لرفع الحصار عن القطاع ، أو لإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني مراهناً أن لا حماس ولا غيرها من الفصائل ستعود للمقاومة بعد الدمار الذي حل بغزة.
ثانياً : تأكيد المؤتمر في بيانه الختامي على هدنة طويلة الأمد كشرط ضمني لضخ مساعدات إعادة الاعمار ، وأن تتسلم قوات أمن رئاسة السلطة المسؤولية كاملة على معبر رفح.
ثالثاً : اشتراط المؤتمر أن تخرج فصائل المقاومة من المشهد السياسي في قطاع غزة ، وهذا هو ما صرح به مسؤول فلسطيني رفيع المستوى لـ"الشروق" المصرية: "إن أي ضخ للأموال المخصصة لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في غزة، لن يتم إلا بعد أن تتسلم حكومة التوافق الوطني الفلسطيني مهامها وصلاحياتها الكاملة في القطاع ، وأن تخرج حماس من السلطة..."
في ضوء ما تقدم يتبين لنا أن مؤتمر المانحين بطابعه الاستعماري ، وأدواته النفطية يستثمر مأزق قطاع غزة بعد الحرب ، باتجاه تدجين المقاومة ، وإخضاع قطاع غزة لنهج السلطة الفلسطينية التسووي ، دونما رفع للحصار الإسرائيلي عن القطاع.
ويبقى السؤال : ماذا بوسع فصائل المقاومة أن تفعل حيال ما تقدم ؟ سؤال برسم الفصائل للإجابة عليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجر بقيادة أوربان تتسلم الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي..


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. التجمع الوطني: الإغواء الأخي




.. انتخابات فرنسا.. ماذا سيحدث إذا لم يحصل أحد على أغلبية مطلقة


.. مستقبل غزة في -جيوب إنسانية- .. ملامح -اليوم التالي- تتكشف




.. إسرائيل تعتزم بدء المرحلة الثالثة من الحرب على غزة خلال أيام