الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوباني تغيِّر المعادلات

ماجد ع محمد

2014 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن وقائع الأرض كثيراً ما تغيِّر من وجهة نظر مَن في السماء، عموماً هنا الأرض والسماء ليسا سوى بوح مجازي يُشير إلى قدرة المقاومون في كوباني على تغيير رؤية ووجهة نظر القوى الاقليمية والدولية للمعادلة على الأرض، فتركيا التي كانت تحك أظافرها تفاعلاً مع ما يحدس في كوباني ليس حزناً على الضحايا من الأبرياء والمدنيين كما نسمع من خلال تصريحات مسؤوليها، إنما ربما شوقاً لرؤية المدينة وهي تقع بكامل زينتها بين مخالب خفافيش الظلام، ومن الغريب أن يصدر عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله بأن مدينة كوباني تعتبر مدينة استراتيجية لتركيا وليس للولايات المتحدة الأمريكية، وبما أنها استراتيجية لذا جاهد الرئيس لإسقاطها بأيدي الدواعش، عموماً فمعروفٌ لكل من يتابع المشهد السوري أنه وحسب اتفاقية أضنة الموقعة بين سوريا وتركيا في تشرين الأول / أكتوبر عام 1998 وبالأخص في الملحق الرابع للاتفاقية حيث تعطي الاتفاقية الموقعة الحق لتركيا في اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية حتى عمق 5 كم و كوباني تبعد عن الحدود التركية فقط 700 متر لا أكثر، أي وبحسب الاتفاقية كان بإمكان الجيش التركي التدخل لإنقاذ كوباني لو أرادت ذلك، ولكن كيف ستنقذ تركيا كوباني والاتفاقية أصلاً أبرمت بين الدولتين في السابق، أي النظام السوري والنظام التركي بهدف القضاء على أي نشاط لحزب العمال الكردستاني أوان إبرام الاتفاقية، والآن فتعتبر تركيا أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو امتداد طبيعي للعمال الكردستاني، لذا لم تستطع الدولة الحضارية التي تحاول بشتى الوسائل أن تلتحق بمؤخرة أوروبا، في أن تميِّز بين الاتحاد الديمقراطي كحزب يحكم المنطقة وبين كل مواطني مدينة كوباني مع قراها التي تتجاوز ثلاثمائة قرية، حيث نكاية وحقداً على الحزب المذكور انشرحت أسارير تركيا وهي ترى قطعان الدواعش وهي تقتحم قرى المنطقة وتشرد ناسها وحتى دوابها، وانطربت تركيا أكثر كلما تقدم التنظيم المذكور من قلب المدينة لإحكام السيطرة عليها، ولعله الحقد السياسي الأعمى الذي يجعل السياسي يتناسى كل قيمه وادعاءاته الانسانية لقاء تحقيق غاياته الدفينة، وقد شعرت تركيا بالاقتراب من انجاز حلمها الحقود في القضاء على الحزب ولو كان على حساب كل سكان المنطقة بأطفالها وشيوخها ونسائها وباقي كائناتها الحية وحتى جماداتها، إنها العلمانية التركية التي تتغلغل داخلياً ليس بالحقد القومي فقط، إنما بالوباء الأصولي الذي يتعاظم يوماً بعد يوم، عموماً ففي هذا الجانب لا فرق بين النظام السوري والنظام التركي بخصوص التعامل ملف الأكراد و الأصوليين، فالنظام التركي يحاول استخدام قواه الاصولية الكامنة لتحقيق مآربها في سوريا، ومن خلال داعش تود التخلص نهائياً من القضية الكردية في سوريا ولا مشكلة لديها لو تهجَّر كل أكراد سوريا الى تركيا ومنها الى دول الشتات لأن هذا هو الحلم الاستراتيجي البعيد، في أن يتم تشريد الناس عن الأماكن، إذ أن المشاريع الماضية والمشتركة بين كلا النظامين لم تنجح بتفريغ المناطق الكردية من سكانها، رغم محاولات التعريب التي قام بها النظام السوري على الحدود بين البلدين وبالاتفاق بين الجانبين آنذاك لفصل أكراد تركيا عن أكراد سوريا، وكذلك تحاول تركيا أن تتخلص من متطرفيها من خلال تقديم التسهيلات لهم للعبور الى المسلخ السوري، ليس فقط لينتهي منهم إنما ليستثمرهم أيضاً كقوة ضاغطة ضد الأكراد من جهة، وضد النظام من جهة ثانية، وللإيحاء للغرب بأن نفوذها قوي داخل سوريا حتى تستجيب الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا لتحقيق غاياتها السياسية على البارد المستريح، وفي هذا الجانب قد تعامل النظام السوري أيضاً مع مواطنيها بنفس الاسلوب التركي وذلك قبيل تفجير الأزمة السورية بكثير، حيث كانت ترسل الاصوليين الى العراق للقيام بالتفجيرات في أي مكانٍ كان، ولم يكن يهمها من ذلك من يموت، سواءً أكان مدنياً أم عسكرياً، عراقياً أم أمريكياً، لأن الهدف المزدوج لدى المُرسل هو المساهمة في خلخلة الأمن في العراق لإفشال المخطط الأمريكي بشتى الوسائل، وكذلك بالتخلص من المتطرفين لديها حتى يذهبوا الى الجنة من مطارات العراق، وثمة ميزة أخرى اشترك فيها كل من النظام السوري والتركي بخصوص ملف الأكراد، حيث كانت مجموعات مقتلي حزب العمال الكردستاني يغادرون سوريا الى تركيا أو العراق بدراية وموافقة وعلم الأفرع الأمنية السورية، ولكن عندما كان يعود واحدهم بعد سنين بسبب الهرب أو المرض أو بطلان فورة أو دوافع القتال لديه، كانت السلطات السورية تزجهم فوراً بالسجون، لأنها أصلاً كانت ترسلهم ليموتوا هناك لا ليرجعوا الى البلد، وتركيا مارست نفس النذالة في الآونة الأخيرة حيث اعتقلت مئات الشباب الخارجين من كوباني وجلهم كانوا من الموظفين والنشطاء والاعلاميين لأنها أرادتهم أن يموتوا هناك في المدينة التي تُدك من قِبل داعش من جهة وقوات التحالف من جهة أخرى، لذا نعود الى ما بدأنا به إذ أن بطولات الشجعان على الأرض ستغير الكثير من المعادلات ونرى بأن مقاومة من تبقى في المدينة بمؤازرة قوات التحالف قد يساهم قبل كل شيء في إفشال رغبة وحلم الاستخبارات التركية بتفريغ المناطق الكردية من سكانها بواسطة الدواعش بذريعة محاربة الاتحاد الديمقراطي، كما أفرغت في وقتٍ سابق آلاف القرى الكردية لديها بحجة ملاحقة حزب العمال الكردستاني، الذي لم يكن سوى صدى للمشروع التركي في التخلص من أهم مقومات ومرتكزات القضية القومية حتى تتقزم الى الحجم الذي تريده، وكذلك كوباني غيرت حتى من نظرة الإدارة الأمريكية التي لم تعد تعتبر الـ: y p g ومن خلفها الاتحاد الديمقراطي حزباً إرهابياً حسب ما قالته الخارجية الأمريكية بأن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ليس على لائحة الإرهاب الأمريكية، رغم إدراك واشنطن للصلات التي تربطهم بحزب العمال الكردستاني، وما قاله أيضاً المتحدث باسم البنتاغون الأدميرال جون كيربي عن مفاجأته بقدرات القوات الكردية التي تقاتل بضراوة يوحي أيضاً بتغيير الموقف الأمريكي من الحزب الذي تلمست فيه بوادر للتغيير في تعاطيها مع المستجدات الأخيرة، ولعل كوباني رغم المآسي التي ألمَّت بسكانها ستكون فاتحة خير للمناطق الكردية خصوصاً ولباقي المناطق السورية بوجهٍ عام، لتكون ربما الركيزة الأولى التي ستجمع كل قوى الحرية في سوريا وتنطلق منها نحو العمق السوري، ولكن يبقى التحدي الأكبر أمام حزب الاتحاد الديمقراطي هو كيفية الفصل بين إدارته للكانتونات الثلاث، في حال إذا ما تناغمت في كوباني مع خطة دول التحالف وبالأخص مع الخطط الأمريكية؟ في حين أن إدارته لا تزال مقبولة من قبل النظام السوري بالنسبة لكانتوني عفرين و كوباني، إذ أن فك الارتباط ليس بالأمر اليسير بين إدارة المقاطعات الثلاث، حقيقةً فموقف الحزب من الآن فصاعداً سيكون مربكاً ومقلقاً ولن يُحسد عليه.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى