الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاسم الحمّال

علي غشام

2014 / 10 / 22
الادب والفن


لم يحلم يوماً بثروة كما يفعل الكثيرون ، همه الوحيد ان يحضا براحة بال واستقرار نفسي حينما يرى أولاده الصغار وقد كبروا دون ان تمسهم حاجة الى احد أو يجوعوا يوماً ما ..
يحمل (نوالته) و(جنگاله) كل يوم صباحاً قاطعاً منطقة ام الدجاج عابراً جسر الخندق شاقاً بداية القشلة متوجها الى قلب سوق العشار وهو يبتسم بوجوه طالما عرفها وحمل حاجاتها الى بيوتهم المتراصة متخللاً احياء وشوارع الأزقة القريبة من الخضّارة فيجودون عليه بأجره وزيادة تدخل السرور على قلبه ويمسح عرق وجهه الذي كثرت أخاديده ، ولا يزيد بهجته في ذلك السوق غير وجه صديقة قدوري بائع بطاقات اليانصيب وينتسم حينما يلحّ عليه قدوري بشراء بطاقة او يشاركه بنصفها ..
- جاسم ليش ما نشتري بطاقة انا وياك بلكي يگعد حظنا ..؟
- يمعود هو الي ما عنده حظ منين يجيبه ..؟!
- انت جرب وما عليك ..
- أنت تعرف البطاقة بنص دينار ..؟!
اقنع قدوري بعد إلحاح ان يساهم بثمن البطاقة بينه وبين جاسم ، ودسَّ جاسم نصف بطاقته في زوايا نوالته المتفتقة ونسيها متأكداً بعدم جدوى الأمر برمته ..
دارت الارض دوراتها وتعاقب الليل مع النهار وجاسم تنحت قدما اسفلت السوق ذهابا وإياباً يحمل اثقال الناس ويقبض ثمن تعبه وعرقه وفي آخر النهار يكن الى اهله حاملاً ما جمعه من اصدقاءه البائعين ما فضل عن بضاعتهم من فواكه وخضار وهو يمني نفسه بأن يوما ما سينتهي تعبه وكده لكنه على الاقل كان سعيد نوعا ما .. في ذلك الصباح الشتوي البارد كعادته باكرا تمنطق بحزامه قاصداً السوق .. حينما دلف الى بداية السوق صاح به بعضهم ..
- جاسم .. جاسم .. جاسم
استعلم منهم عن سبب مناداتهم له ، اخبروه ان صديقه قدوري يبحث عنه منذ ساعات الصباح الأولى وهو فرح ..وهنا احتضنه قدوري وهو يصيح ...
- جاسم .. ولك ربحت ..!
- شنو ..؟!
- البطاقه الي اشتريناها انا وياك ...؟!
- ها .. بشرفك ..
- مثل ما اگلك وانطيني النص الثاني مال البطاقة حتى نقبض الفلوس ... انت تعرف الفلوس شگد ..؟
- لا ..؟!
- ست آلاف دينار .. ولك جاسم .. ألعن ابو الفگر
لم يتأنى جاسم حينما رمى بكل قوته (بالنواله ) في شط الخندق لتستقر في أعماق الشط الذي كانت مياهه تموج وتجري في ذلك الوقت ...!
سكت جاسم ولم ينطق حرف واحد وجلس مذهولاً وقدوري يهزه بعمف ..
- جاسم .. جاسم هاي شبيك ..؟!
لم يعرف قدوري ان جاسم خسر تواً ثلاثة آلاف دينار قادرةً على جعله من أصحاب رؤوس الأموال في ذلك الوقت .. فقد النطق جاسم فجأة .. أدرك انه ألقى بـ(النواله) في عمق الشط مودعاً اياها ضناً منه انه اصبح غنياً و ودع الفقر معها الى غير رجعة .. ضحك وضحك وضحك وضحك وبقي يضحك طيلة ستة أشهر بسبب ومن دونه حتى وجدوه طافحاً في شط الخندق تنتشله الشرطة وهو جثة ممتلئة ماءاً وحسرة وحلماً لم يكتمل ...
التعريفات ...
النواله :- قش داخل جلد يضعه العتال ليمنع احتكاك ما يحمله بجسمه.
جنگال بالكاف الثقيلة :- خطاف حديد يمسك به ما يحمله
الخضّاره:- سوق الخضار .
شط الخندق :- فرع من شط العرب الكبير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف