الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتحدة الأميركية، إسرائيل والعرب

حليم الخوري

2005 / 8 / 24
القضية الفلسطينية


لا تزال النظرة الأميركية إلى القضيّة الفلسطينية، تخضع لهيمنة اللوبي الصهيوني، الذي يزداد موقفه تطرّفاً تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط، وتحديداً بالنسبة لموضوع حقّ العودة لفلسطينيي الشتات إلى أرضهم الأم، وذلك انطلاقاً من المبدأ المزعوم الذي يقول بأنّ أرض فلسطين هي ملك شرعي لليهود، وبأنه ليس هناك أيّ احتـلال أو هيمنـة إسرائيلية عليها، وأنه لم يكن هناك بالأساس أيّ وجود فلسطيني فيها قبل عام 1948 (عام النكبة)؛ والذي بدأت تتبنّاه للأسف بشكل رسمي، جماعات وأنشطة أميركية متعدّدة، أخذت على عاتقها مهمّة الدفاع عن الفكر الصهيوني في الداخل الأمريكي، وفي العديد من المحافل الإقليمية والدولية على حد سواء. وقد شكّل خطاب هذه الجماعات والأنشطة، وما تضمّنه من إشادة صريحة وواضحة بصلاح وديمقراطية إسرائيل، في مقابل اتّهامات مغرضة للعرب بممارسة العنف والإرهاب وبمعاداة الساميّة، دليلاً ساطعاً على ما أقول. هذا، ناهيك عن التجاهل الأعمى من قبل هذه الجماعات والأنشطة لممارسات إسرائيل التعسفيّة، من تدمير لمئات المنازل على رؤوس مالكيها، وقتل لآلاف الأطفال والشيوخ والنساء من أبناء الشعب الفلسطيني، وتعزيز لسياسة الاستيطان وقضم الأراضي، والشروع بعمليات الاعتقال اللاقانوني والاضطهاد والتعذيب بحق الشباب الفلسطيني، والاستخفاف بحقوق الأغلبية العربية...إلخ، واعتبارها الردّ المنطقي على عدائية ووحشية وهمجية الإنسان العربي بشكل عام، والفلسطيني بشكل خاص.

طبعاً، لم يكن للانتشار الكثيف للمنظمات الصهيونية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، وتحكمها بالسياسة الخارجية فيها، لا سيما بالنسبة لموضوع الشرق الأوسط، الدور الوحيد في تكوين هذه النظرة السافرة للأميركيين تجاه العرب، وإنما ساهمت معظم الحكومات العربية المتعاقبة في تعزيزها، خاصةً في أعقاب هزيمة العام 1967، من خلال إقدامها على اتخاذ خطوات متسرعة باتجاه وقف الكفاح المسلح ضد الاحتلال، واستعدادها للاعتراف بإسرائيل دون قيد أو شرط، واضعة نفسها بذلك بتصرف الولايات المتحدة الأميركية، وبطريقة غير مباشرة في خدمة تلك المنظمات، بعد أن اعتقدت خطأً أن هذا الأمر سوف يجعلها صديقة وحليفة للأميركيين، الذين سيقومون إزاء ذلك بالضغط على الدولة العبرية وإرغامها على الإذعان لقرارات الشرعية الدولية في ما خص الصراع الدائر في الشرق الأوسط، فيحقق العرب عندها عن طريق السلم (المخدوع؟!) ما لم يتمكنوا من تحقيقه بواسطة المقاومة المسلحة.

للأسف، لم تتعلم الأنظمة العربية حتى يومنا هذا، أن النظرة الأميركية إلى الصراع العربي-الإسرائيلي، كانت ولا تزال تنطلق من مبدأ تأمين مصالح الولايات المتحدة الأميركية السياسية "الانتخابية" والاقتصادية لا غير. والأسوأ من ذلك كله، أن هذه الأنظمة، وبدلاً من تحريض الجماهير العربية المنتشرة بكثافة في الأقطار الأميركية المختلفة، على تنظيم حملات سياسية وإعلامية مضادة لتلك التي تقوم بها الجاليات الصهيونية، للفت نظر الشعب الأميركي (الأعمى أو المتعامي؟)، إلى حقوق الفلسطينيين الإنسانية والمدنية والسياسية، عمدت إلى الارتماء بشكل مخز ومهين في أحضان المسؤولين الأميركيين، واستسلمت لسياساتهم التي يسيطر عليها الخطاب الصهيوني.


من هنا، قد يتساءل الكثيرون ممن أصابهم الشعور بالحيرة والإحباط واليأس والإهانة من جراء هذه السياسة العربية البائسة، عن الحلول الناجعة للخروج من هذا المأزق الذي تتخبط فيه شعوبنا وثقافتنا اليوم؟ أما الجواب، فيكمن برأيي، في قيام جيل جديد، يعمل على انتشال المجتمعات العربية من حالة الضعف والتشرذم والجهل التي تغرق فيها منذ فترة طويلة، ويسعى بكل قواه الضاغطة إلى إنقاذ السياسة الأميركية من نير الهيمنة الصهيونية، والتصدي للنفوذ الصهيوني الذي يتحكم بمراكز القوة السياسية والاقتصادية والثقافية الأساسية داخل المجتمع الأميركي، والوقوف في وجه سياسة تشويه الحقائق التي يمارسها الإعلام الأميركي، الرسمي والخاص على حد سواء، وبإشراف مباشر طبعاً من المسؤولين في اللوبي الصهيوني والحركات المؤيدة له، ومحاولة نزع صفة الإرهاب التي ما فتئ المسؤولون الأميركيون يلصقونها بالعرب والمسلمين عند كل شاردة وواردة، خاصةً بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، التي استنكرتها جميع الدول والشعوب الرافضة لمنطق العنف والإرهاب، ومن بينها دول وشعوب عربية وإسلامية عديدة، فيما استغلها هذا اللوبي لتنمية مشاعر الحقد لدى الأميركيين السذج تجاه العرب والمسلمين، واستدراج مسؤوليهم للانزلاق في ملهاة ما سمي لاحقاً بـ"الحرب على الإرهاب"، سعياً منه للقضاء على كل قوة عربية جدية، بحجة أنها قد تشكل تهديداً لدولة إسرائيل وأمنها، حاضراً ومستقبلاً من جهة، ومحاولة دؤوبة لتحويل أنظار هؤلاء المسؤولين عن السياسة التوسعية التي ما زالت تمعن في ممارستها بحق العديد من الأراضي الفلسطينية من جهة ثانية، والتأكيد على عدم الانصياع مجدداً لأية ترتيبات أو اتفاقات يرعاها الأميركيون لحل الصراع العربي-الإسرائيلي على حساب الحقوق الشرعية للشعب العربي بشكل عام، والفلسطيني بشكل خاص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح